عادة ما يرافق المسيرة النضالية للشعوب شواذ وطفيليات سياسية وتنظيمية تربك حركة النضال بأفعالها الهوجاء وقناعاتها العقيمة، وقد دأبت الحركات النضالية على اتخاذ أشد الإجراءت والروادع ضد هؤلاء الأفراد وتصرفاتهم الارتجالية التي تغرد خارج سرب النسق النضالي لا لشيء إلا من أجل مصالح فردية ضيقة أو لأداء وظيفتها المرسومة لها من قبل جهات خارجية اصطفت من أجلها داخل الأوطان كطابور خامس يُنَفِّذُ ما يُملَى عليه لتطبيق أجندات الآخرين على حساب المصالح الوطنية والقومية العليا.
الآن ما يحدث في قطاع غزة من انفلات أمني أصبحت الصورة التعبيرية العامة له عبارة عن مجموعات من المسلحين الذين يجوبون الشوارع ويطلقون الرصاص باسم المقاومة الفلسطينة التي أضحت بمثابة قميص عثمان لكلِّ مَنْ أراد جني مكاسب من الواقع السياسي الفلسطيني المرير, وكأنَّ هذه المقاومة البطولية التي ضربت أروع أمثال التضحية في الماضي والحاضر قد أصبحت مهددة بالخطف من قبل هوجاء ورعاع السلاح الفلسطيني.
فبعد خطف الصحفي البريطاني مراسل قناة ال(بي بي سي) الذي وقع رهينة مَنْ وظَّف المقاومة لجني الدولارات, يقدم مسلحون يعرفون كالعادة باسم (المجهولون) على تفجير مدرسة أمريكية بغزة بعبوة ناسفة بعد أن اقتحموها في وضح النهار, بالإضافة إلى سلسلة التفجيرات التي استهدفت وطالت مقاهي إنترنت أخرى، مما يعطي انطباعاً واضحاً أن مهددات المشروع الفلسطيني باتت تأتي من الداخل وممن ركبوا قطار المقاومة عنوةً في غفلة من هذا الزمان, وهو الأمر الذي يحتم على شرفاء القضية الفلسطينية أن يقفوا بالمرصاد لمثل هذه التصرفات المنسوبة دائماً للمجهول ذلك المجهول الذي لن يعلن عن نفسه إلا بعد أن تقع الفأس في الرأس ويتشرذم الفلسطينيون وتضيع إنجازاتهم النضالية نتيجة التصرفات والممارسات الفردية الهوجاء.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244