يعد القرار الذي اتخذه وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة ويهدف إلى إطلاق تحرك عربي على مختلف الأصعدة وزيارة وفدين من مصر والأردن لتل أبيب من أجل جس نبض إسرائيل وقياس مدى جديتها في الرضوخ لخيارات السلام قراراً صائباً لوضع جميع الأطراف أمام مسؤوليتها الدولية والإنسانية، بدءاً من تل أبيب إلى واشنطن الداعمة لها التي أصبح الكثيرون يشككون بأن مساعيها من أجل حل القضية الفلسطية وأن طلبها من رئيس الوزراء الإسرائيلي الاجتماع بالرئيس عباس لا يتعدى كونه مغازلة سياسية عابرة من أجل كسب الدعم العربي في مأزق العم سام في العراق.
الجانب العربي في دخوله دهاليز التعامل مع الإسرائيليين مطالب باتخاذ أكبر قدر من الحيطة والحذر واتباع دبلوماسية تعامل ذكية تتمكن من كسر الأصبع الإسرائيلي المرفوع دائماً بالطلبات المجانية وبتنازلات إثبات حسن النية وتهدئة الروع التي تخفي في ثناياها خلفيات وعقليات جبلت على الابتزاز السياسي والمناورة والالتفاف على ثوابت الأمور, وخير مثال على ذلك طلب إسرائيل حضور اجتماعات الرباعية الدولية مع الرباعية العربية التي تضم كلاً من السعودية ومصر والأردن والإمارات وهو الطلب الذي قوبل بالرفض من الجانب العربي لأنه يشكل بدايات التطبيع المجاني بعينه وذاته، وهو ما تسعى إليه تل أبيب.
الإسرئيليون وعلى الرغم من تعنت مواقفهم التي تصل أحياناً إلى درجة البله السياسي والمستند على الدعم الأمريكي اللامحدود يعلمون خير العلم أنهم أمام مأزق دولي وسياسي تمثل في إسقاط ورقة التوت عن طوبياتهم ومخاوفهم المستقبلية ووضعهم تحت عين المجهر الدولي الخاص بإنهاء النزاعات والحفاظ على السلم والأمن الدوليين, ولعل في الاستطلاع الشعبي الأخير الذي أجري في إسرائيل و أوضح أن غالبية الشعب الإسرائيلي يرى أن المبادرة العربية يمكن أن تشكل أساساً للمفاوضات حول اتفاق إقليمي بين دول المنطقة، لعله يحمل الكثير من الدلالة لوضع الشوكة في عين صانع القرار الإسرائيلي الذي طالت مماطلته وتهربه من خيارات السلام العادل والشامل مهما تعددت حججه وكثرت مبرراته.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244