مساء الهيمنة والانتصارات، خرج جمهور الزعيم من درة الملاعب - استاد الملك فهد الدولي بالرياض - وهم يتغنون بهذه العبارات، وقابلوا بعضهم بعضاً في صباح اليوم التالي وهم يكررونها بنشوة الفوز على الغريم التقليدي فارس نجد أو العالمي كما يحلو للنصراويين مناداة فريقهم، ومبتهجين على خلفية الخطأ من اللاعب النصراوي المجتهد أحمد الخير الذي جيَّر تسديدة عبد العزيز الخثران لحساب الزعيم هدفاً في مرماه رفع رصيد الهلال إلى (50 نقطة) في قمة الترتيب ومتربعاً على الصدارة حارماً فهد مبارك فرصة التسجيل، حيث كانت الكرة متجهة إليه أمام المرمى.
تحدي الزعيم
لعب الزعيم مباراة ديربي الرياض وهو يرزح تحت وطأة الغيابات النوعية بسبب الإصابة، والتي لحقت بأحد أبرز لاعبيه وهو البرنس الليبي طارق التايب، وكذلك البديل الأول له أحمد الحربي إضافة إلى ذلك أيضاً الإرهاق فهو عائد لتوه من العاصمة الأوزبكية طشقند بعد أن هزم بختاكور في عقر داره (2-0) في دوري أبطال آسيا، وأخيراً حرب الشائعات التي طالت بعض نجومه وعناصره الأساسية التي لم تزد الهلاليين إلا عزيمة وإصراراً وثباتاً في كسب المباراة والمضي قدماً في الصدارة.
نعم، قهر الزعيم كل هذه الظروف مجتمعة ومتفرِّقة وحقق الأهم بإحرازه النقاط المستحقة في مباراة تألق فيها نجومه بانضباطيتهم وتنظيم فريقهم.
تألق إلياس والعنقري
ولأن المباريات الكبيرة في قيمتها المعنوية والفنية وتاريخيتها هي المحك للاعبين والنجوم، بحيث تكشف معدنهم ومدى براعتهم.
فقد توهج نجم لاعبي الهلال الواعدين ياسر إلياس وخالد العنقري اللذين قدّما مستوى فنياً لافتاً بمشاركتهما الفعَّالة في الحالتين الدفاعية والهجومية، أجبرا الجميع على التصفيق لهما ولم يخيبا ظن من راهن على نجاحهما، وخاصة الأول الذي غاب عن التشكيل الهلالي كثيراً قبل أن يعيده البرازيلي باكيتا كما راهن عليه من قبل ليعيد الياس اكتشاف موهبته ونجوميته من جديد.
ولأن العملاق محمد الدعيع ليس بحاجة إلى التمجيد لكن إلى التذكير بمستوياته فإنه جدّد عطاؤه ونجوميته وكان بحق كما قال المعلّق التونسي عصام الشوالي (وزير الدفاع الهلالي) كناية عن تصديه واستئساده في مرماه ودوره المهم والفاعل في الانتصارات الهلالية.
ألفين وذات السيناريو!
كما حدث في مطلع مباراة الإياب بين الهلال والأهلي (1-1) بذات الملعب، تحديداً في الدقيقة الأولى ونصف الدقيقة، حينما أضاع البرازيلي ألفين رودريقاو كرة الهدف المبكر وندم بسببها الهلاليون كثيراً!
فإنه في مساء النصر كرَّر السيناريو حينما تلقى كرة على طبق من (القناص) ياسر القحطاني الذي كشف عن موهبته بلعبة مقصية (باك ورد) تهادت أمام البرازيلي الذي اكتفى بالفرجة عليها مع لمسة حانية وكأنه يطمئن على ابتعادها عن هز الشباك النصراوية. ألفين أعاد تقديم مستوياته المتواضعة على الرغم من الفرص العديدة التي يمنحه إياها الجهاز الفني بقيادة مواطنه باكيتا.
ياسر (خيرها بغيرها)
ما زال سوء الحظ يلازم ألعاب القناص ياسر في كل ألعابه الهجومية، وبلغ الحظ أقصى مده عندما اضطر السيد باكيتا إلى استبداله بسبب الإصابة التي أثرت على ياسر حتى وهو يغادر الملعب، حيث كان بادياً على ملامحه أمارات عدم الرضا.قدَّم ياسر واحدة من أفضل مبارياته حاول وحاول لكن دونما فائدة، بدأ المباراة بلعبة مقصية تعكس مهارة ورشاقة وحدس كروي رفيع المستوى وختم مشاركته بفاصل مراوغة في الشوط الثاني كان يفترض أن ينتهي بالشباك النصراوية.
القناص بحاجة ماسة إلى مهاجم يفهم تحركاته ويشكّل معه ثنائياً متناغماً ليخفف العبء عنه قليلاً ويحرّره من الرقابة المفروضة على تحركاته نوعاً ما. أمس واليوم لم تأت يا قناص لكنها حتما ستهز الشباك غداً...
إزعاج فهد المبارك
يحسب للسيد باكيتا نجاحه في تبديلين اثنين بإشراكه فهد المبارك وعبد العزيز الهليل لكن إشراكه لنواف التمياط لم يكن مطلوباً بقدر أهمية الدفع بلاعب الخبرة سامي الجابر في ذلك الوقت تحديداً من المباراة.
نعود لمشاركة اللاعب الشاب المبارك الذي شكل إزعاجاً لدفاعات النصر بعد أن سجّل لاعبو النصر تراجعاً في أدائهم وتركيزهم في وسط الميدان، حيث استغل باكيتا فتح النصر لملعبه بأن أشرك السريع والمهاري فهد الذي جهز كرات خطرة لكنه مارس الفردية أو الأنانية في إحدى اللعبات الخطرة التي كان يفترض فيها أن يمرّر للبرازيلي ألفين غير المراقب. مشاركة المبارك والهليل كلاعب وسط مدافع أفادت الهلال كثيراً.
بداية خطيرة للنصر
بالعودة للفريق النصراوي فإن بدايته للمباراة كانت بتركيز عال جداً وخطورة مع هجمات مكثّفة لكن عاب هذا الضغط المبكر تسجيل الهدف وابتعاد المهاجم أو رأس الحربة التقليدي سعد الحارثي عن منطقة الجزاء أو صندوق الجزاء، فالحارثي لعب على الأطراف وهذا خطأ فني فادح أفقد الهجوم أو الهجمات النصراوية خطورتها وفائدتها المرجوة.وفي الشوط الثاني جاءت تدخلات المدرب باترسيو على حساب الأدوار الدفاعية المهمة للفريق، حيث زجَّ بمهاجمين على حساب خطي الوسط والدفاع، بل إن الحارثي كان يقوم بمهمة تنفيذ ركلة الزاوية كدليل على عدم التنظيم الجيد وتداخل الأدوار والخلل الفني في الفريق النصراوي! ولعل هجمة أو لعبة هدف المباراة الوحيد تكشف حالة الغياب للأدوار الدفاعية للوسط النصراوي. كما أن إصابة المدافع ماساميسو واستبداله الاضطراري بين الشوطين أضرت كثيراً بدفاع النصر.
البحري.. مباراة كبيرة
في المقابل فإن المدافع الدولي السابق أحمد البحري قدَّم مباراة كبيرة في أول مباراة رسمية يلعبها وهو مرتدٍ القميص النصراوي على الرغم من غيابه قرابة الـ(6) أشهر كاملة عن لعب وحساسية المباريات الرسمية. البحري لم يلعب إلا بعد أن تسلّم كافة حقوقه المالية، لكنه برهن منذ المباراة الأولى أنه مكسب للفريق النصراوي.
الخير الأبرز رغم التسجيل
أحمد الخير وعلى الرغم من تسبّبه ودوره في ولوج الهدف الهلالي كما فعل أمام الاتحاد عندما سجَّل خطأ في مرماه أحد الأهداف الأربعة التي هزَّت شباكه فعلى الرغم من ذلك إلا أنه يعد أحد أبرز لاعبي الفريق الأصفر في المباراة، بل هو الأبرز في وسط الميدان وتفوّق على ضياء هارون وأحمد المبارك.
شريفي حدَّ من خسارة كبيرة
حارس المرمى النصراوي وإن كان لم يختبر كما يجب في شوط المباراة الأول إلا أنه كان سداً منيعاً في الشوط الثاني واستطاع التصدي لعدد من الكرات التي كانت كفيلة بأن ترفع النتيجة إلى فوز عريض للفريق الأزرق.
أخيراً فرض المنطق نفسه وكسب الفريق الهلالي المباراة لأنه الأفضل فنياً ليعزّز صدارته ويعيد النصر لدوامة الحسابات المعقدة تحاشياً للهبوط.
nnabeel33@hotmail.com