Al Jazirah NewsPaper Wednesday  18/04/2007 G Issue 12620
الاقتصادية
الاربعاء 01 ربيع الثاني 1428   العدد  12620
حديث القلب في مجلس الشورى
فضل بن سعد البوعينين *

حفل خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في مجلس الشورى، على الكثير من مضامين الخير والتطوير والنماء، كلمات صادقة خرجت من القلب لتتلقفها قلوب المواطنين بسعادة غامرة، وهل هناك أصدق وأنقى من (حديث القلوب).

عكس الخطاب الملكي تركيزه على هموم الوطن والمواطنين، وتناول غالبية القضايا الداخلية والخارجية المهمة، ولعله كان أكثر تركيزا على حاجات التنمية الملحة، وطرق إدارتها، وإرساء العدل ومحاسبة المقصرين. الأمن والتنمية صنوان لا يفترقان، وإرساء قواعد العدل ومحاسبة المقصرين كفيل بتحقيق الطمأنينة والرضى لدى المواطنون. فخيرات البلاد كثيرة وهي لا تحتاج منا إلا إلى إتقان العمل، وحسن الإدارة، وتطبيق معايير العدل والمحاسبة الذاتية أولا، ثم المحاسبة الخارجية.

(لن تتحقق التنمية إلا بحركة لا تعرف الوهن.. وتطور لا يعرف الجمود وبمشاركة الجميع) لقد من الله سبحانه وتعالى على هذه البلاد الطيبة بخيرات كثيرة، وسجلت ميزانية العام الماضي فوائض مالية ضخمة وتوفر للدولة الكثير من أسباب الخير والنماء، والتطوير والبناء، إلا أن الأموال لا يمكن لها أن تبني أو تحقق الأهداف الطموحة دون أن تقابلها حركة شاملة من جميع قطاعات الدولة، الوزارات على وجه الخصوص، ولا يمكن لها أن تحقق النماء دون الإدارة المقتدرة التي يمكن لها أن تعظم الثروات والفوائض المالية المتاحة.

الحركة الدؤوبة، والتطور الذي لا يعرف الجمود يمكن أن يقودان إلى تعظيم الثروات، وبناء الأوطان، وإرساء قواعد التنمية التي يمكن أن تكون بديلا لمداخيل النفط، أو على أقل تقدير سنداً مساعداً لمواجهة أخطار المستقبل. إدارة الأموال وتنميتها أصبحت تمثل الركن الأساسي في أسلوب العمل الحكومي والشعبي الذي يفترض أن يؤصل تأصيلا لا تراجع عنه. ومن أهم أبواب الإدارة الحذقة، تحقيق عدالة تقييم المشروعات وتوزيعها مناطقيًا، وإرساء قواعد المراقبة الصارمة على التنفيذ، ووضع الأهداف الإستراتيجية التي يمكن تحقيقها من خلال مشروعات التنمية. إدارة السيولة غير المستغلة وتحويلها إلى مشروعات صناعية وتقنية متطورة يمكن أن تحقق للوطن الخير الكثير في جوانب متعددة، ستضمن بإذن الله تحقيق العوائد المجزية على رأس المال، في الوقت الذي تسهم فيه في تنمية الفرد والمجتمع وبناء قاعدة صناعية متطورة تساعد مستقبلا في تنويع مصادر الدخل. نسمع كثيرا عن تحركات البنك الدولي وحثه الدول التي تتوفر لها فوائض مالية على الاستثمار في اقتصادات الدول الغربية من أجل مساعدتها في الخروج من أزمات الركود، وعجز الميزانية، ولا أظننا قادرين على مواجهة الضغوط الدولية إلا من خلال زيادة معدلات الاستثمار التنموي، وزيادة معدل دوران عجلة التنمية على أسس اقتصادية متينة. التحدي الحقيقي الذي يواجه الاقتصاد السعودي هو كيفية إدارته الثروات المتاحة من أجل خلق تنمية مستدامة، ومشروعات منتجة وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الحركة الإستراتيجية السريعة والمنظمة. إدارة الطفرات المالية يمكن أن تنتهي ببناء اقتصاد متين، ومجتمع متماسك، ووفرة مالية على المستوى الشعبي والحكومي.

أشار الملك بوضوح إلى أن الدولة سخرت ما تحقق من فوائض الموازنات الثلاث الماضية لخفض الدين العام الذي انخفض من 660 بليون إلى 366 بليون بنهاية العام 2006 وهو ما يمثل 28 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. خفض الدين العام جزء لا يتجزأ من عملية الإصلاح الشامل للاقتصاد الذي أصبح الهم الأول لخادم الحرمين الشريفين. بعيدا عن الاقتصاد، فقد حرص الملك عبدالله بن عبدالعزيز على التذكير بالوحدة الوطنية والمحافظة عليها والبعد عن تأجيج الصراعات المذهبية والنعرات القبلية. ترسيخ الوحدة الوطنية يجب أن يكون الهم الأول للمواطنين، فما كان لهذا الوطن أن يكون لولا الله أولا وأخيرا ثم ترسيخه لمقومات الوحدة الوطنية والتكاتف والانصهار بين فئات المجتمع. الأمن، وتضحيات قوات الأمن البواسل كان حاضرا في خطاب الملك على أساس أنه المحور الأهم في عملية التنمية والاستقرار.

خطاب الملك جاء بمجمله في مصلحة الوطن والمواطنين، كان صادقاً مع النفس صادراً من القلب واضح الأهداف والرؤى؛ عكس حرص الملك وحكومته على دعم المواطن من خلال تحقيق التنمية المناطقية المتوازنة، وفق منظور إستراتيجي يحافظ على استقرار المجتمع، ويكفل بإذن الله، تحقيق الرفاهية وتحسين المستوى المعيشي لأفراد المجتمع. حديث من القلب في مجلس الشورى أثبت عمق التلاحم بين المواطن وولاة الأمر، وصدق المشاعر الأبوية الجياشة، وكشف عن إستراتيجية العمل الحكومي المستقبلي، والشراكة مع مجلس الشورى الموقر في تنفيذ خطط البناء، والإصلاح والتطوير السياسي والإداري وتفعيل الجانب الرقابي الذي يمكن أن يكون الباب الواسع الذي نلج من خلاله العهد الجديد.

f.albuainain@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد