Al Jazirah NewsPaper Sunday  15/04/2007 G Issue 12617
الاقتصادية
الأحد 27 ربيع الأول 1428   العدد  12617
رئيس بنك الخليج الدولي الدكتور خالد الفايز لـ(الجزيرة ):
الاقتصاد السعودي الأفضل في المنطقة ولا نستغرب أن تتأثر الأسواق الخليجية بأدائه

* حاوره - محمد صديق:

تأسس بنك الخليج الدولي عام 1975م بالبحرين حيث تمتلك حكومات دول مجلس التعاون الخليجي الست 72.5% منه بالتساوي، فيما تمتلك مؤسسة النقد العربي السعودي الحصة الأخرى منه (27.5%). وبحسب المدير التنفيذي للبنك الدكتور خالد بن محمد الفايز، فإن مجموع الموارد المالية التي يديرها البنك سواء لحسابه أو لعملائه تجعله أكبر مؤسسة مصرفية في العالم العربي.

وقال الفائز إن استراتيجية الأعمال المصرفية الاستثمارية التي بدأ تنفيذها البنك في 2002م كانت تهدف لتوظيف أصول البنك وقدراته الفنية لتعزيز الإيرادات من الرسوم والإدارة لزيادة العائد على الأصول وحقوق المساهمين.

(الجزيرة) استضافت الدكتور الفائز في حديث تطرق خلاله إلى جوانب عديدة حول واقع الأنظمة المصرفية في المنطقة وأسواق الأسهم وما شهدته من تطورات خلال الحقبة الماضية وجوانب أخرى ذات صلة بالواقع الاقتصادي في المنطقة ودور مجلس التعاون الخليجي في دعم جهود التكامل الاقتصادي.. وفيما يلي نص الحوار:

* الاقتصاديات الخليجية سجلت نمواً جيداً خلال العامين الماضيين بسبب ارتفاع أسعار النفط عالمياً، كيف ترون انعكاسات هذا النمو على القطاع المصرفي الخليجي وإفرازات ذلك؟

- لقد ساهم ارتفاع الدخل من النفط في دول مجلس التعاون الخليجي في إيجاد بيئة ممتازة لأعمال المصارف الخليجية نتيجة للنمو الاقتصادي الكبير الذي شهدته المنطقة، فقد أدى ارتفاع مستوى السيولة وتوافر الفرص الاستثمارية في القطاعات الاقتصادية المختلفة وانتعاش سوق العقارات ونشاط أسواق الأسهم من جهة، وتواصل حركة الإصلاح الاقتصادي وزيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية من جهة ثانية، إلى ازدياد الطلب وبقوة على الخدمات والأدوات المصرفية والاستثمارية، كما استفاد القطاع المصرفي من ازدياد أهمية وحجم دور القطاع الخاص في الاقتصادات الوطنية في المنطقة، حيث تميز هذا القطاع مؤخراً بالنشاط الكبير على الصعيدين الإقليمي والدولي.

انهيارات الأسواق الخليجية

* ولكن لم يمنع ذلك حدوث انهيارات كبرى وغير متوقعة لأسواق الأسهم الخليجية، فما تعليقكم؟ وما أبرز سلبيات ومعوقات تلك الأسواق من وجهة نظركم؟

- في الحقيقة لم أتفاجأ بما حصل في بعض أسواق الأسهم الخليجية في بداية العام الماضي، وقد حذّرنا في عدد من المناسبات والمؤتمرات من أن بعض هذه الأسواق مقبل على كارثة. وقد سبق تحذيري انهيار هذه الأسواق بفترة طويلة، ولكن عندما تغلّب الجشع على المنطق والخبرة حدثت الكارثة.

لقد انهار أول سوق أسهم في التاريخ في هولندا في منتصف القرن السابع عشر وشهدت أسواق فرنسا وبريطانيا واليابان والولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى انهيارات على مر العصور، كان أقربها لنا ما حصل في سوق المناخ في الكويت عام 1982م. والمتأمل في العوامل التي أدت إلى هذه الانهيارات وتصرفات المستثمرين والمضاربين في تلك الأسواق يجد عوامل وتصرفات مماثلة لما حدث في الأسواق الخليجية وبعض الأسواق العربية، وللأسف لم نتعلم من هذا التاريخ.

وبالنسبة للأسواق الخليجية فإن هنالك عدداً من العوامل التي تجعل هذه الأسواق عرضة للهزات، منها محدودية ما يتداول من الأسهم كنسبة الى مجموعة الأسهم الصادرة، وفي تقديري لا تزيد هذه النسبة على 15% على الأغلب، كما أن ملكية العديد من الشركات تتركز في أيادٍ قليلة مما يفتح المجال للحصول على معلومات ليست متوفرة لدى عامة الناس، وصغر حجم رأس المال الصادر للعديد من الشركات مما يجعلها عرضة للتحكم من قبل فئة قليلة من المضاربين ويفتح المجال للتلاعب، أضف إلى ذلك نمو السيولة في السوق بشكل كبير خاصة في السنوات القليلة الماضية.

أسواق مضاربة

ويضيف الفايز: برأيي أن أسواقنا تحوّلت من أسواق استثمارية إلى أسواق مضاربة، والدليل على ذلك أحجام التداول التي نراها يومياً والتقلبات اليومية الشديدة في أسعار الأسهم وخاصة بالنسبة للشركات الصغيرة، كما أن خبرة أغلبية المتعاملين في السوق محدودة ويقودهم في كثير من الحالات ما يقوم به المضاربون الكبار، كذلك فإن مفهوم العامة للدور الذي تقوم به السلطات في بعض الأحيان مفهوم خاطئ، فعلى سبيل المثال يعتقد الكثير أن لهيئة السوق المالية دوراً في التحكم بأسعار الأسهم، أو ضمان سلامة الشركات المدرجة في السوق. وفي الحقيقة فإن الدور الأساسي لهيئة السوق المالية هو التأكد من أن جميع المعلومات عن الشركات المدرجة متوفرة لجميع المستثمرين دون تمييز، وأن هذه المعلومات صحيحة وأنه ليس هنالك أي تلاعب في عمليات البيع والشراء، أما الأسعار فإن السوق هو الذي يحددها.

وبالرغم من خسائر الأسهم، يمكننا القول إن من حسن الحظ أن حركة تصحيح الأسعار قد حدثت مبكراً وفي وقت يتواصل فيه النمو الاقتصادي، وقد أدى ذلك إلى تجنب حدوث أزمة اقتصادية خطيرة، ولكن ما زال هناك العديد من التحديات، فبالرغم من قيام الجهات المسؤولة بتشديد الرقابة التنظيمية في أسواق الأسهم بعد هذا التراجع، إلا أن هذه الإجراءات ما زالت غير كافية لتجنب حدوث فقاعة مماثلة في الأسعار في المستقبل، لذلك لابد من الاستمرار في تشديد المعايير ووضع الأنظمة اقتداء بأسواق الأسهم العالمية التي مرت بخبرات وتجارب عديدة، فما زال هناك مجال واسع لتشديد وتطوير الأنظمة المتعلقة بالتداول وطرح الأسهم للاكتتاب العام، والإفصاح عن المعلومات المحاسبية، وتشديد أحكام الرقابة الإدارية (الحوكمة) للشركات العامة.

تأثيرات السوق السعودية

* السوق السعودية شهدت الانهيار الأكبر من بين الأسواق الخليجية، فهل ترون حدوث أية انعكاسات على الاقتصاديات الخليجية بسبب انهيار السوق السعودية؟

- بما أن سوق الأسهم السعودية والاقتصاد السعودي هما الأكبر في المنطقة، فإن أداءهما يؤثر بالتأكيد على أداء بقية الأسواق، وليس مستغرباً أن يكون أداء الأسواق الخليجية شبيهاً بأداء السوق السعودية، لذلك لابد من مواصلة الجهود لتعزيز الأطر التنظيمية في سوق الأسهم السعودية وأسواق الأسهم الخليجية الأخرى بهدف تحسين مستوى الشفافية واستعادة ثقة المستثمرين.

نقلة الأنظمة المصرفية

* يرى الكثير من الخبراء والمحللين الاقتصاديين أن الأنظمة المصرفية الخليجية غير متواكبة مع التحولات الاقتصادية العالمية سواء على مستوى النظام المصرفي العالمي أو على مستوى التطور الاقتصادي الذي يشهده العالم، ما رأي سعادتكم في هذا الموضوع؟

- لقد استندت أسواق الخدمات المالية والمصرفية في دول مجلس التعاون الخليجي على أساس متين من الحرية الاقتصادية والتنظيم منذ البداية، وقد بلغت في رأيي مستوى جيداً من التطور، وما جرى خلال السنوات القليلة الماضية من نمو سريع وارتفاع كبير في مستوى السيولة أدى إلى ازدياد الطلب بقوة على الخدمات المالية والاستثمارية، وصاحب هذه التطورات ازدياد المنافسة والإصلاح الاقتصادي قبل وبعد الدخول في عضوية منظمة التجارة العالمية. واستجابة لهذه المستجدات قامت المصارف الخليجية بتوسيع خدماتها، فيما بذلت الجهات المسؤولة جهدها لتنظيم هذا النمو السريع. وأعتقد أن هذه الجهود أثمرت في تحسين تنظيم الأسواق المصرفية الخليجية، وسيشهد المستقبل مزيداً من التطوير حتى تصل إلى المستوى الأمثل.

توسع المصارف السعودية

* يلاحظ خلال السنوات الماضية اهتمام السعودية بتنظيم واستضافة العديد من المنتديات الاقتصادية التي تبحث قضايا القطاع المصرفي، كيف ترون أثر ذلك وما مرئياتكم حول النظام المصرفي بالسعودية؟

- إن هذه المؤتمرات توفر بالتأكيد منبراً حيوياً للمشاركة في إثراء المعلومات والأفكار الهادفة إلى تطوير البيئة الاقتصادية، وتضم بعض المؤتمرات متحدثين على مستوى رفيع من الخبرة والمعرفة. ويعتبر تواجدهم في هذه المنتديات فرصة ثمينة للوقوف على آخر المستجدات الاقتصادية بالعالم والفرص الاستثمارية.

أما بالنسبة للقطاع المصرفي السعودي، فأرى أنه يسير نحو مزيد من التطور مدعوماً بالنمو الاقتصادي القوي وما يصاحبه من تنامي الفرص الاستثمارية، وقد تمكنت المصارف السعودية خلال السنوات القليلة الماضية من تحقيق توسع كبير في خدماتها، مما أدى إلى تحسن أدائها وارتفاع أرباحها بشكل كبير، وكانت هذه البنوك في السابق تركز على تمويل مشاريع القطاع العام والمرافق الحكومية، ولكنها عملت مؤخراً على تنويع وتطوير خدماتها المالية لتقديمها أيضاً إلى القطاع الخاص والمستثمرين الأفراد، مستفيدة من وفرة السيولة في السوق، وقد ساهم في تعزيز هذا التوجه للمصارف السعودية الاهتمام بفرص الاستثمار المحلية من جهة، وازدياد المنافسة من قِبل البنوك العالمية العاملة في المنطقة من جهة أخرى. وباعتقادي أن المستقبل يحمل المزيد من الازدهار للبنوك السعودية التي ستواصل الاستفادة من المناخ الاقتصادي الإيجابي ومن قدرتها على تطوير محافظ منتجاتها وخدماتها المالية.

إستراتيجية بنك الخليج

* من خلال رئاستكم لبنك الخليج الدولي، كيف تنظرون للسياسات المالية التي يتبعها البنك ونتائجه المالية خلال السنوات القليلة الماضية؟ ومن أكثر الخليجيين مساهمة فيه؟

- إن إستراتيجية الأعمال المصرفية الاستثمارية التي بدأنا تنفيذها عام 2002 كانت تهدف إلى توظيف أصول البنك وقدراته الفنية لتعزيز الإيرادات من الرسوم والإدارة لزيادة العائد على الأصول وحقوق المساهمين، مع تركيز هذه الأعمال في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربي والخروج التدريجي من سوق الإقراض الدولي.

وقد نجحت هذه الإستراتيجية في تحقيق هدف البنك المتمثل بزيادة العوائد، حيث ارتفعت الأرباح الصافية من 85.3 مليون دولار عام 2002 إلى 255.5 مليون دولار عام 2006م. كما ارتفع العائد على متوسط حقوق المساهمين خلال هذه الفترة من 7.3% إلى 14.3%، وقد قام البنك مؤخراً بزيادة رأسماله المدفوع بمقدار 500 مليون دولار ليصل إلى 1500 مليون دولار، بينما وصلت حقوق المساهمين إلى 2.3 مليار دولار، وتبلغ أصول البنك حالياً حوالي 25 مليار دولار، فيما تجاوزت الأصول التي يديرها البنك لحساب العملاء 21 مليار دولار. بمعنى آخر إذا نظرت الى مجموع الموارد المالية التي يديرها البنك سواءً لحسابه أو لعملائه فقد يكون بنك الخليج الدولي أكبر مؤسسة مصرفية في العالم العربي.

أما بالنسبة للمساهمين، فتمتلك مؤسسة النقد العربي السعودي 27.5% من بنك الخليج الدولي، الذي أسس في البحرين عام 1975م فيما تمتلك حكومات دول مجلس التعاون الخليجي، وهي المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت وقطر وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة، بالتساوي الحصة الباقية من رأسمال البنك وهي 72.5%.

تحديات المصارف العربية

* لو تطرقنا إلى النظام المصرفي العربي وما شهده من قفزات متلاحقة خلال العقود الماضية، فكيف ترون أبرز سلبياته ومعوّقاته؟

- أعتقد أن المصارف العربية تواجه تحديات وليس معوّقات، وتتركز هذه التحديات حول إمكانية تعزيز القدرات المالية لهذه البنوك، فالبنوك العربية تعتبر صغيرة قياساً بالبنوك العالمية، لذلك هناك تحديات تتعلق بزيادة حجم هذه البنوك عن طريق الاندماج، والتملك، وبتطوير المنتجات والخدمات وبزيادة الكفاءة حتى تكون قادرة على المنافسة مع البنوك الدولية، فالبنوك العربية ستتأثر سلبياً بسبب المنافسة الأجنبية إذا لم تقم بزيادة حجمها وتطوير منتجاتها، خصوصاً في ظل ازدياد حجم المشاريع الاستثمارية وارتفاع الطلب على الخدمات المالية الأكثر تطوراً في المنطقة.

* هل يرى سعادتكم أن ما حدث من انهيارات لأسواق الأسهم الخليجية كان للمصارف دور فيه؟

- عندما تحدث مصيبة أو كارثة يبدأ البحث عن الجاني. في الحقيقة وكما ذكرت سابقاً هنالك العدد من العوامل التي أدت إلى انهيار السوق. ولا شك أن ارتفاع السيولة في السوق كان أحد هذه العوامل.

جهود التكامل الاقتصادي الخليجي

* كيف ترون مساهمة مجلس التعاون الخليجي في دعم أوجه التكامل الاقتصادي الخليجي؟

- لقد واجهت جهود التكامل الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي عدة تحديات كان أبرزها اختلاف القوانين والأنظمة المعمول بها في هذه الدول، ولكن خلال السنوات الماضية بدأت دول المجلس تبذل المزيد من الجهود لتحقيق هذا التكامل، وهذا يبشر بالكثير من الخير في المستقبل، فالتكامل الاقتصادي سيحقق فوائد اقتصادية عديدة خصوصاً في قطاعي التجارة والعمل.

* بكم تقدر تحويلات الأجانب العاملين في دول الخليج إلى بلدانهم سنوياً؟ وما انعكاسات هذه التحويلات على اقتصاد المنطقة؟

- مع الأسف لا يوجد هناك تقديرات محددة بشأن حجم تحويلات العمالة الأجنبية من منطقة الخليج، وتختلف التقديرات التي نراها في وسائل الإعلام بشكل كبير، حيث تتراوح هذه التقديرات بين 25 و59 مليار دولار سنوياً، ومع الأخذ بالاعتبار موضوع التحويلات، فإنه لا يجب أن ننسى الدور الإيجابي الذي تقوم به العمالة الأجنبية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد