Al Jazirah NewsPaper Saturday  14/04/2007 G Issue 12616
محليــات
السبت 26 ربيع الأول 1428   العدد  12616
مستعجل
مات رجل الفقه والفتيا والقضاء...
عبد الرحمن بن سعد السماري

** فقدنا في الأسبوع الماضي.. علماً من الأعلام في الفتيا والقضاء والعلم والفقه.. وواحداً من أبرز الذين صنعوا ملامح المرحلة السابقة في جوانبها الشرعية والقضائية.

** معالي الشيخ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ.. عرفه الجميع خلال العقود الماضية.. رئيساً للإفتاء.. ووزيراً للعدل.. ورئيساً لمجلس القضاء الأعلى وعضو هيئة كبار العلماء.. وعرفناه كصحفيين وإعلاميين.. رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة الدعوة الإسلامية منذ تأسيسها عام 1384هـ وحتى وفاته رحمه الله.

** عرفت معاليه عن قرب.. عندما كنت أشرف على بعض الصفحات في جريدة الدعوة قبل أكثر من (35) سنة.. وكان معاليه.. رئيس مجلس إدارة المؤسسة فكان نعم الأب.. ونعم الموجه.. ونعم الناصح.. ونعم قائد فريق العمل.. ونعم الصادق المخلص.. مع دينه ووطنه وكل من حوله..

** كان معاليه.. قريباً من والده سماحة العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية.. وكان ملازماً له.. وكان سماحة المفتي يعتمد عليه في الكثير من الأمور.. وكان ينوب عنه في الإفتاء.. فقد عمل نائباً للمفتي سنوات قبل أن يتسلم رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد رئيساً لها عام 1391هـ.. فتشهد الدار نقلتها الحقيقية.

** كان يحتفظ بشخصية وقورة.. وكان جاداً في كلامه وفي حواراته.. حتى ابتسامته إذا جاءت.. هي الأخرى.. وقورة.. وكان يعرف الناس.. قريباً منهم.. يسأل عنهم وعن أحوالهم.. ويتفقد أمورهم ويساعدهم.. فيشفع لهذا.. ويساعد هذا.. ويدعم الآخر..

** كنت أزور مجلسه إلى مجلسه إلى قبيل وفاته.. وكنت أجد طلبة العلم والقضاء والدعاة.. وأجد السائل وأجد المستنجد.. وأجد الكل هناك والكل.. يجد مسألته عند معالي الشيخ.

** زرته أكثر من مرة.. عندما كان نائباً لسماحة المفتي.. وكنت وقتها محرراً في جريدة الدعوة.. ومسؤولاً عن بعض الصفحات.. وكان مكتبه مفتوحاً للجميع غير أنك تجده منهمكاً في العمل.. يحضر إلى المكتب عند السابعة صباحاً أو قبلها.. ولا يترك مكتبه إلا بعد أن يصلي العصر.

** كنا نأتي للسلام أحياناً.. ولبعض الحوائج والمشاكل العملية أحياناً.. فلا نخرج من مكتبه إلا بحل..

** كان يتلطف مع الجميع.. وكان يبش في وجه الجميع.. وكان يحب مساعدة الجميع.

** وزرته مرات ومرات في مكتبه عندما كان وزيراً للعدل.. وكان يرد على كل مراجع بابتسامة وكلمة (يا ولدي).

** دخلت مكتبه لوحدي.. ودخلته مع (زمرة) المراجعين وهم كثر.. يدخلون زرافات.. وكان بعضهم وبالذات في زمن مضى.. عوام وبسطاء وجهلة.. وقد يحدث منهم تجاوز أو رفع صوت.. وكان يقابل ذلك.. بالرفق واللين والتوجيه السديد.. ويسعى لقضاء حوائج الناس وحل كل مشاكلهم.. وكانت عباراته كلها.. عبارات هادئة وقورة.. عبارة وسمت طالب العلم المتمكن.. وفوق أنه كان وقوراً ليِّن الجانب.. إلا أنه كان مهاباً.. فلا تسمع في مجلسه غير.. قال الله.. وقال رسوله..

** لا تسمع.. إلا حوارات شرعية.. وكلاماً جاداً.. وكان محباً للناس قريباً منهم.

** عاش - رحمه الله - (88) عاماً.. قضاها كلها في خدمة دينه ووطنه.. فقد صرف منها أكثر من ستين عاماً.. في خدمة الفقه والقضاء والفتيا.. وساهم في إنشاء هذه المؤسسات والدوائر.. فهو بحق.. المؤسس والباني الحقيقي لإدارة البحوث العلمية والإفتاء ووزارة العدل ومجلس القضاء.. وهو وراء وجود الكثير من الأنظمة المعمول بها في البلاد..

** لقد فقدنا عالماً وفقيهاً وقاضياً ومفتياً.. وأحد أبرز الأعلام في هذه المجالات.

** كما أننا.. فقدنا ذاكرة مهمة في المؤسسة الشرعية.. يعرف كل تفاصيلها.. وتفاصيل كل ما مرت به من أطوار ومستجدات وتحولات.

** ذاكرة أمينة صادقة.. دقيقة التوثيق.. وليتنا.. دوَّنا هذه المعلومات من ذاكرته.. لأننا نحتاج لها كثيراً..

** معالي الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ ليس أباً فقط ل(عبدالمحسن وصالح) وإخوانهما.. بل أباً للآلاف من الناس.. ولكل من قال له.. معالي الشيخ (يا ولدي).

** كان رحمه الله.. لا يحب الظهور.. ولا الأضواء.. وكان يعشق العمل بصمت وهدوء.

** إن الكلام عن علم في وزن معالي الشيخ.. ليس مكانه مثل هذه الزاوية أبداً.. فهو بحر لا ساحل له ولكن.. حسبنا ضيق المساحة.

** رحم الله والد الجميع.. معالي الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ.. وأسكنه فسيح جناته.. وعزاؤنا الصادق.. لكل أبنائه وطلبته ومحبيه.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5076» ثم أرسلها إلى الكود 82244

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5076 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد