Al Jazirah NewsPaper Tuesday  10/04/2007 G Issue 12612
محليــات
الثلاثاء 22 ربيع الأول 1428   العدد  12612

دفق قلم
أخلاقنا وأخلاقهم
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

( أحب لأخيك ما تحب لنفسك) لا توجد قاعدة ذهبية عميقة كهذه القاعدة التي وضعها لنا أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، ذلك لأنها قائمة على العبادة، والطمع فيما عند الله من الأجر قبل أن تكون وسيلة من وسائل العلاقات العامة بين الناس، أخلاقنا العالية التي ربَّانا عليها الإسلام تقوم على حب الخير للناس جميعاً، وعلى الحرص على الحق ولو كان مرَّاً، وعلى مراعاة المصالح العامة لأن ذلك سبيل رعاية المصالح الخاصة، أخلاقنا الإسلامية تعلِّمنا العدل والصدق وحسن التعامل، وعدم إعلان العداء والحرب الشعواء على كل من خالفنا إلا إذا كان هنالك ما يسوِّغ لنا ردّ الاعتداء بمثله والصدع بكلمة الحقِّ حينما يحتاج الأمر إلى ذلك، والفتوح الاسلامية الكبرى ساحاتٌ فسيحة من ساحات الأخلاق الإسلامية الرَّاقية التي جعلت غير المسلمين يقفون أمامها وقفة الإجلال والإكبار.

الله يأمرنا في هذا المضمار الخلقي الرَّاقي بقوله: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} وهذه صفة جليلة من صفات المسلمين المتمسكين بأخلاق دينهم وتعليماته، إذا قسناها بأخلاق غير المسلمين ممن لعبت بهم المطامع والأهواء ظهر لنا البوْن الشاسع بيننا وبينهم.

إنَّ البريق الصارخ الذي ينطلق من وسائل الدعاية والإعلان والإعلام الغربية عن ديمقراطيتهم، ومساواتهم، وتعاملهم الحضاري يتلاشى حتى ينطفئ، أمام سياستهم التي برزت في السنوات الأخيرة بوجهها المظلم القبيح، سياسة الاعتداء والاحتلال، وتزوير الحقائق، وتشويه المعالم، لأن القاعدة الخلقية التي ينطلقون منها لا تعرف إلا العسف والظلم فهي تقول: (ليس هنالك أصدقاء حقيقيون دون أعداء حقيقيين، إننا إذا لم نكره الآخرين فلن نستطيع أنْ نحبَّ أنفسنا، تلك هي الحقائق القديمة التي نعيد اكتشافها بمرارة بعد قرن من الميل الشعوري) وهذا ما قرره صمويل هنتنجتون في صراع الحضارات، وما طبقته دول الاحتلال عملياً في فلسطين وأفغانستان والعراق.

أخلاق (متوحِّشة) يدوس أصحابها على كرامة غيرهم من البشر، دون رحمةٍ ولا مراعاةٍ لحقِّ ثابتٍ لا شكَّ فيه.

أين هذه القاعدة المظلمة المخيفة من قاعدة (اعدلوا هو أقرب للتقوى)؟ أين هذه الأخلاق المنحرفة، القاسية، من أخلاق أتباع أحسن الخلق خُلُقاً، وأعظمهم رفقاً ورحمةً وإشفاقاً.

هكذا تتجلَّى أخلاقنا شمساً ساطعةً أمام ليل أخلاقهم الدامس الرَّهيب.

الأصل في أخلاق المسلمين أنهم لا يخادعون ولا يعتدون، ولا يحتقرون الناس، ولا يزيِّفون الحقائق، ويزينون الأباطيل، وإذا حدث من بعضهم ما يخالف ذلك فهو انحراف عن الطريق، وإخلال بتعاليم الإسلام وتجاوز لحدود ما شرع الله في كتابه، وما قرره الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته القولية والفعلية.

وإنما يكون عجبنا كبيراً حينما نشاهد من أبناء المسلمين من تعشى عيونهم عن شمس دينهم الساطعة، مأخوذين ببريق الآخرين الخادع، فيا ليتهم يبصرون الحق.

إشارة:

وكيف أريد مُلأَ الكأس ماءً

إذا كانت يدي الأخرى تريقُ

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5886» ثم أرسلها إلى الكود 82244

www.awfaz.com

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد