عرفته في ساحل جدة،
عند شواطئ البحر الأحمر
يكدح في نقل السياح
يعتمر الكوفية المرقطة
والوزرة التي تلهو بها الرياح
كراية بالية ممزقة
***
وكان في السبعين
ذو لحية جليلة بيضاء
وبسمة كما انبلاجه الضياء
وسبحة طويلة مطقطقة
لكنه إذ يمسك (السكان) في يديه
يطوح الموال عبر البحر
(ألا يا ليل دان. يا ليل دان)
يسترجع النهمات واليامال أو ربما يسترجع الزمان أو ربما يغيم
عبر اصطفاق الموج
إلى قرى بعيدة خضراء
هناك خلف الآل
في الزمان والمكان
مسترجعاً أيامه في النظرة المحلّقة
مرتحلاً مع النوارس البيضاء
خلف حدود المنطقة
***
كان غريب الوجه والحديث
والضحكة المموسقة
كان غريب القلب
والنظرة النقادة المبحلقة
سألته من أين؟!
حدثني عن نفسه
بكلما ثقة
قال انحدرت جائعاً من الحجاز
لتهمة سخيفة ملفقة
ثم عملت خادماً
ثم (صبياً) طيعاً في سفن الميناء
فقاطعاً للبحر من (مخا) إلى البحرين فزنجبار
حتى شواطئ الشارقة
وغصت في الأعماق
بحثاً عن اللآلئ الثمينة وعشت ألف ضائقة
وذات مرة ألقى بي القبطان في غياهب المياه
بدون أي رحمة
وقال: هات (المفلقة)
لأنها قد سقطت من يده المزرّقة المعرورقة
وغصتُ كالتمساح
لعلني أجدها معلَّقة
في شُعب المرجان
أو في صخور القاع
لكنني قد خبت
لا أمل لا بارقة
وفجأة اجتاحني الألم
وكان نزف الدم كالشلال تحت الماء
وذئبة البحار من ركبتي إلى القدم
تدور حول جسدي
تعض ساقي المقطوع
في فكها الرهيب
ثم تولي مطبقة
عليه مثل عظمة في فم كلبٍ هارب
بدون أي شفقة
وصحت يا رفاقي الأوغاد
يا أولاد
يا قبطان
يا إنسان
يا شيطان
هيا ارفعوا القتيل تحت الماء
لم يأبهوا
وعشت ما بقي أيامي القليلة أجوب الساحل الوضاء
بحسرتي الكبيرة: لا أمل لا بارقة إلا برب العرش ذي ثقة
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7555» ثم أرسلها إلى الكود 82244