Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/04/2007 G Issue 12609
الاقتصادية
السبت 19 ربيع الأول 1428   العدد  12609
مع اقتراب موعد تطبيق النظام على الشركات التي عمالتها دون الـ 500 عامل
القطاع الخاص يشكو من رفع أسعار التأمين الصحي .. وبعض الشركات مهددة بالتوقُّف

* الدمام - ظافر الدوسري:

باتت فرضية التأمين الصحي على شركات القطاع الخاص واحدة من أهم القضايا التي تؤرق تلك الشركات في ظل ارتفاع أسعار التأمين.

وأكد عدد من رجال الأعمال أنّ الارتفاع قد كبَّد الشركات خسائر وتكاليف غير مبرّرة، بل إنّ هناك شركات قد توقَّفت عن إكمال بعض الإجراءات في الجهات الحكومية، وذلك للإلزام بإحضار سجل التأمين الصحي ومنها الجوازات ووزارة العمل ووزارة الصحة.

وطالب رجال الأعمال وزارة الصحة بإنقاذ الموقف الذي سيهدد الشركات وبالتالي الاقتصاد السعودي بسبب التسرع في تطبيق هذا النظام لأنّه لا يمكن أن تسع 18 شركة تأمين حالية لـ10ملايين عامل بالسوق السعودي. وكشفوا أنّهم مستعدون لرفع خطاب إلى معالي وزير الصحة يتم فيه شرح المآسي والأضرار التي تكبَّدتها الشركات خصوصاً الشركات التي بها عدد هائل من العمالة وذات رواتب متدنِّية.

(الجزيرة) فتحت هذا الملف للوقوف على بعض الآراء من رجال الأعمال وأصحاب الشركات تجاه تطبيق نظام الضمان الصحي الإلزامي.

مخاطبة الوزارة

بداية يقول عبدالله العمار رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين بمجلس الغرف السعودية:

سبق وأن تحدثت في هذا الموضوع مع معالي وزير الصحة فطلب مني كتابة خطاب، ونحن ساعون في إعداده باسم لجنة المقاولين بمجلس الغرف لشرح كافة الملاحظات والخسائر التي وقعت من جراء الإقدام على هذا النظام. وسيقدم المقاولون ورجال الأعمال كل ملاحظاتهم بحيث يخدم هذا النظام جميع الأطراف.

وأضاف يقول: لو نظرنا إلى المقاول لوجدنا عنده عدّة مصادر تأمينية، فمثلاً التأمين التعاوني, والبوليصة تشمل كافة المشروع وبعمالته والأضرار التي تلحق بالغير هذا أولاً, وثانياً لدينا تأمين الأخطار المهنية وهو يخصم بمقدار 2%من مستحقات راتب الموظف وتدفع شهرياً إلى التأمينات الاجتماعية على مستوى عمال الشركة والمنشأة التي تقوم بتنفيذ أي عمل أو لها وجود مهما كان عدد عمالها.

وثالثاً التأمين الصحي، وكان هناك تأمين الرخصة ولكن ألغي حالياً مع فرض التأمين الصحي. وأضاف العمار: أتطلّع كغيري أن يتفهّم المسؤولون في وزارة الصحة لوجهة نظر رجال الأعمال لهذا الضرر، وذلك بأن يعقد اجتماع سريع مع اللجنة الوطنية للمقاولين ومع كافة ممثلي الغرف بجميع مناطق المملكة ويدرس النظام بحيث يكون متوازناً لا ضرر ولا ضرار، لأن النظام الحالي شروطه قاسية علينا وحدوده القصوى عالية للغاية، ناهيك عن أنه ليس هناك شركات تأمين كافية، كما أنّه لم يتم تأهيلها بحيث تستطيع أن تستوعب حجم العمالة الموجودة بالسوق السعودية، بل إننا لا نعرف هذه الشركات ولا سيرتها سوى شركة واحدة هي المعروفة بالسوق، لذا لا نعلم ماذا يخبئ لنا المستقبل في التعامل مع هذه الشركات الجديدة وعلى سوقنا، ومع ذلك هناك شركات أمَّنت عندها وأفلست وذهبت فلوسها أدراج الرياح للأسف، فمن يحمي هذه الحقوق ومن يستردها؟

واستطرد العمار قائلاً: أتمنى أن يكون هناك تفهُّم من وزارة الصحة للوضع، بالإضافة إلى الخطاب الذي سيقدَّم من كافة المقاولين بالمملكة إلى وزير الصحة، ونحن على ثقة أنّ وزارة الصحة ستتفهّم الوضع لأنّ المهم هو المصلحة العامة، وهذا ما نتطلّع إليه سواء في القطاع الخاص أو القطاع الحكومي.

وعن دخول شركات تأمين قادمة للسوق السعودي قال: عدد الشركات الحالية قليل، لذلك هي تتحكّم بالسوق وأتوقع أن تتغير الأسعار حينما يرخَّص لعدد أكبر من الشركات بحيث تكون مناسبة، لأنه من غير المعقول أن يطلب من العامل أكثر من راتبه بل ضعف راتبه مرتين، وهذا غير ممكن وغير مقبول في أي مكان في العالم.

دفعنا على مضض

وأضاف محمد برمان اليامي - رجل أعمال وصاحب مؤسسة -: أقل عرض تلقّيته من إحدى الشركات هو 650 ريال على 800 عامل لديّ بالشركة، فيما كنت أدفع في السابق 200 ريال لعلاج العامل الواحد في أفضل المستشفيات، أمّا الآن فأدفع 400 ألف ريال زيادة على حسابي من أجل عيون شركات التأمين وبالتأكيد لا يمكن قبول هذا الأمر.

وبيّن أن هناك بعض الشركات دفعت على مضض، ولكن هناك شركات لا يمكن أن تدفع ولن تدفع حتى لو اضطرت للتوقُّف، بل إن بعضها سيعلن إفلاسه لو استمر الوضع على ما هو عليه، فهل من المعقول أن يساوي النظام بين كل الشركات؟ وهل من المعقول أن تساوي شركات التشغيل والصيانة والنظافة التي لديها عدد هائل من العمالة بشركات لديها أرباح هائلة بالملايين وعمالتها ذات أجور مرتفعة؟.

وأضاف اليامي: يحدونا الأمل في أن الجهات الرسمية المعنية ستقوم بمعالجة الوضع بحنكتها وحكمتها ولن تسمح بأن تصل الأمور إلى هذا الحد.

مشيراً إلى أنّ تلك الشركات تهدف الربحية العالية عبر رفعها للأسعار، وهذا سيؤثر سلبياً على الخدمات الصحية مما يؤدي إلى عزوف الشركات والناس عن الاشتراك بها.

وتساءل اليامي: هل مجلس الضمان الصحي قام بوضع ضوابط فعّالة تخدم الشركات الخاصة والمستهلك، وبث روح التنافس الشريف بين شركات التأمين؟! أم أن الأمر مجرد اجتهادات من قِبل مقدمي الخدمة من جهة وشركات التأمين من جهة أخرى، وتبقى شركات القطاع الخاص والمستهلك هو الضحية الوحيدة في هذه الحالة؟

تأمين مزيّف

مسفر الدوسري - رجل أعمال - أشار إلى أن مستوى سوق التأمين بالمملكة لا يعكس القوة التي يتمتع بها اقتصادنا الوطني، حيث إننا الدولة الأولى في إنتاج النفط والبتروكيماويات. ويرى الدوسري أن سبب ارتفاع أسعار التأمين أو القرارات التي لا يستشار فيها أحد من المؤثرين في السوق، فنحتاج إلى قرارات رصينة مدروسة بعناية، ورفض كل ما يؤثر على سوقنا بهذا الأسلوب، الشيء الذي ربما يضيع جزءاً كبيراً من مقدرات الشركات المالية ثم تنهار بسبب هذا النظام لأنّه يسعى إلى الربحية السريعة، بحيث لم يحرك أحد من أصحاب الاختصاص ساكناً، في وقت أطلق فيه العنان للشركات كي تلعب في الأسعار كيفما تشاء، وتساءل: لماذ لا تأخذ وزارة الصحة بالتجارب الناجحة في العالم وحتى في الدول المجاورة برغم أن اقتصاداتها ليست بحجم اقتصاد المملكة؟

النظام تخبُّط وعشوائية

وفي لقاء مع أحد رجال الأعمال أيضاً سراج الخالدي قال: إنّ نظام التأمين الجديد قد فتح باب البيروقراطية من جديد لدى بعض القطاعات الحكومية، فأصبح استخراج الإقامة وتجديدها يمثل مشقة لنا، فبدلاً من أن تأخذ أياماً قليلة لإنهاء الأوراق أصبحنا نأخذ وقتاً طويلاً ربما يصل إلى أكثر من 30 يوماً بسبب حرص كل إدارة على تسجيل تأمين صحي، وهذا الأمر أخر الكثير من مصالح الشركات مما ينعكس بأثره على اقتصاد الوطن، فالأمر بحاجة إلى إعادة صياغة وتنظيم بشكل يخدم الجميع، ونحن مع التأمين الصحي ولكن ليس بهذه الطريقة.

18شركة مقابل

10ملايين عامل!!

عبدالرحمن العطيشان - رجل أعمال - يقول: في الواقع إن هذه الشركات وضعت تكاليف مبالغاً فيها. ومما يزيد الأمر تعقيداً أنّ أمر التأمين الصحي أصبح متصلاً بجهاز الجوازات سواء في التأشيرات أو الإقامات، وبالتالي أصبحت شركات التأمين تتحكم في مصير الشركات، وقال: لكي يطبّق مثل هذا النظام على القطاع الخاص لا بد أن يكون هناك شركات كافية، وأن تكون هناك فرص ومرونة، كما يجب أن يكون هناك مفاضلة في الأسعار ومفاضلة في الخدمة.

وتطرّق العطيشان إلى مشكلة أخرى اعتبرها غير منطقية، وهي أن شركات التأمين لا توافق في أن تؤمّن على مجموعة معيّنة من العمالة بل تفرض أن تؤمّن على كل عمال الشركة. فإذا قبلت بهذا الأمر وسجلت تأميناً على 100 عامل فرضاً فسأتضرر لو غادرت عمالة بخروج نهائي أو هربت من الشركة، وهذا يحدث كثيراً، أو طلب العمل أن يعود إلى بلاده أو مرض ويريد أن يعود إلى بلاده أو حصل أمر ما، فكيف يمكن لي أن أؤمِّن على عامل وهو لا يعمل عندي؟ خصوصاً وأن شركات التأمين لا يمكن أن ترجع لك أي مبلغ في حال مغادرة هذا العامل المملكة.

إذن أنا أدفع هذه الملايين لصالح شركات التأمين. وأشار العطيشان إلى أنّه يكفي أن أتعامل مع مستشفى معتمد من وزارة الصحة لتقديم العلاج لكل العمالة التي لديّ بالشركة. وبيّن أنّ الشركات الحالية، وهي تقريباً 18شركة، لا تستطيع أن تغطي 10ملايين عامل.

شروط الوزارة تغيير

بعض القيود

ووفقاً لمدير شركة تأمين رفض ذكر اسمه، فإنه أصبح معلوماً لدى الجميع بأنّ أسعار التأمين وفق التعرفة المعمول بها حالياً وخاصة الإلزامي منها لا يتناسب مع حجم التعويضات وحدود المسؤوليات الملقاة على عاتق شركات التأمين، خصوصاً وأنّ شروط وزارة الصحة تدعو إلى رفع الأسعار بهذا الشكل وأنّ الوزارة يمكن أن تحل المشكلة وتخفض الأسعار بأن تغير بعض القيود والشروط المفروضة على شركات التأمين لتعمل وتعود شركات التأمين لممارسة نشاطها، وتقديم أفضل خدماتها للشركات على أكمل وجه لتحقيق مصلحة المؤمّن لهم، والتفاعل مع مختلف القطاعات في الدولة لكي تبقي دائماً من أهم ركائز ودعائم الاقتصاد الوطني.

البولصية الأعلى في العالم

أمّا مدير شركة الاتحاد التجاري للتأمين د. أسامة الطرباوي فقد ألقى بلائمة ارتفاع الأسعار على قوانين وشروط أنظمة التأمين حسب ما صدر من الجهات المعنية، وقال: أرى بأنّ أغلى بوليصة تأمين في العالم هي التي وُضعت بالمملكة وهي إجبارية، لذا فإنّ شركات التأمين بالسوق السعودي ستضطر آسفة لرفع الأسعار لتغطية الوضع، حيث فرضت وزارة الصحة 250 ألف ريال كحد أعلى وشاملة للأمراض المزمنة.

وطالب الطرباوي الوزارة بمعالجة الوضع حتى لا يتفاقم وتخسر شركات القطاع الخاص. وأضاف: أنا أؤيد ما طالب به بعض رجال الأعمال بتخفيض الأسعار شريطة أن تغير وزارة الصحة من تلك القوانين.

الجدير بالذكر أنّ وزارة الصحة ستنهي خطتها الأولى بفرض التأمين الصحي على الشركات التي تزيد عمالتها على 500 عامل, وفي الأسبوع القادم ستطبّق النظام على الشركات التي تقل عمالتها عن 500 عامل.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد