تشكل كلمة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة، والتي دعت فيها إلى اغتنام فرصة الاختراق الحقيقي في عملية السلام، بدايةً جيدةً ومشجعةً لمقدمات تفعيل المبادرة العربية ومرحلة ما بعد قمة التضامن بالرياض التي أكدت على المبادرة مع التمسك ببنودها من غير تعديل أو إملاءات خارجية.
كلام المستشارة الألمانية المتربعة بلادها على رئاسة الاتحاد الأوروبي، والذي قالت فيه إنها تؤيد قرارات قمة الرياض التي عدتها خطوة إلى الأمام بعد الاتفاق في مكة، يضاف إلى سجل الضغوط الحافل على الجانب الإسرائيلي، وإن طال به الأمد في التهرّب والتملّص من خيارات وبدهيات السلام العادل والشامل، والذي لا يمكن تحقيقه إلا بالضغط الدولي على إسرائيل، ووضعها أمام مسؤولياتها الدولية والإنسانية؛ لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي الذي طال عليه الأمد، وأصبح بحاجة إلى وقفات صادقة وشجاعة أقدم عليها العرب، وما زالت إسرائيل المستندة إلى الدعم الأمريكي تتهيّب منها.
الجانب العربي أيضاً لا يزال مطالباً بالكثير من الجهد من أجل الحفاظ على مكاسبه الدبلوماسية والسياسية التي حققتها قمة الرياض، وتبشر الأقوال والمواقف على تناميها، وذلك من خلال تكريس وتوظيف نظرية التخادم السياسي مع دول صنع القرار، سواء في اللجنة الرباعية أو في الدول الأخرى المؤثرة في القرار الدولي، وفتح قنوات اتصال معها، وربط مصالحها المشتركة مع الدول العربية بضرورة الضغط على إسرائيل، وإقناعها بألا جدوى من محاولات التهرب من حق العودة واللاجئين الفلسطينيين الذي لا يمكن أن تحلّ القضية الفلسطينية بدونه.
إن أكثر ما يخشاه الإسرائيليون المهووسون بنظريات الأمن وتكتيكات (مفاوضات الاستفراد) هو مقابلة العالم العربي ككل، سواء كان ذلك في الحرب أو في مفاوضات السلم، وقد أسقط عن الدولة العبرية هذا الهاجس دفعةً واحدةً بنص المبادرة العربية الذي ربط السلام مع الجانب العربي بالعودة إلى حدود 4 يونيو من عام 1967م. وهو الأمر الذي يحتّم أولاً ضرورة الحفاظ على وحدة الصف العربي خلف المبادرة من خلال إعطائها بعداً قومياً وعربياً ينأى بها عن مزايدات الاستغلال السياسي والفهم القطري الضيق لبدهيات الأمور؛ ذلك الفهم الذي قد تترتب عليه ممارسات ووقائع يسيل لها لعاب المفاوض الإسرائيلي النهم لاستغلال الفرقة العربية وتوظيفها خير توظيف لتقوية موقعه التفاوضي والسياسي، سواء مع الجانب العربي أو مع الوحدات المؤثرة في المجتمع الدولي.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244