صنف تقرير مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2007م المملكة العربية السعودية في المرتبة السادسة في مؤشر حرية العمل بنسبة تتجاوز 92.9 في المائة. وعزا التقرير الصادر عن مؤسسة هريتج التصنيف المتميز الذي حصلت عليه المملكة من بين 157 دولة إلى المرونة الكبيرة التي يتسم بها سوق العمل في المملكة في أنظمة التوظيف المعمول بها. ولم تحصل سوى ثماني من دول العالم التي تم تصنيفها في تقرير (هريتج) على أكثر من 90 في المائه في مؤشر حرية العمل حيث جاءت الولايات المتحدة الأمريكية في المركز السابع بنسبة 92.1 في المائة.
وأكد وكيل وزارة العمل للتخطيط والتطوير الدكتور عبد الواحد بن خالد الحميد أن التقييم الذي توصل إليه تقرير مؤسسة هريتج بشأن حرية سوق العمل في المملكة ليس بأمر مستغرب، حيث سبق ان ورد تقييم مماثل في التقرير الاقتصادي الصادر عن البنك الدولي في سبتمبر 2006م بعنوان (ممارسة أنشطة الأعمال 2007 حيث وضع هذا التقرير المملكة في المركز 21 في مجال التوظيف من بين 175 دولة شملها التقييم وذلك بسبب ما تتمتع به انظمة العمل في المملكة من مرونة عالية.
ويستعرض تقرير هريتج قياس الحرية الاقتصادية في الدول المختلفة بناء على مؤشرات تتعلق بعشرة عوامل تشمل حرية ممارسة الأعمال حرية التجارة والحرية المالية والتحرر من الحكومة/ حجم القطاع الحكومي/ والحرية النقدية وحرية الاستثمار وحرية النظام المصرفي والتمويل وحرية الملكية/ الفردية والفكرية/ والتحرر من الفساد وحرية العمل . يذكر أن السياسة التجارية للمملكة تعتمد على مبدأ الاقتصاد الحر دون أي تقييد للمبادرات الفردية أو انتقاص لدور القطاع الخاص في ميادين الأعمال ومجالات التنمية ومقتضي هذا المبدأ ضمان حرية الأفراد في ممارسة مختلف الأنشطة الاقتصادية مع ترسيخ القيم الأخلاقية في التعامل التجاري، وعدم تدخل الحكومة في النشاط الاقتصادي العام للمجتمع، أو فرض قيود على تحركات رأس المال إلا في حدود المصلحة العامة. وتحقيقاً لذلك نص النظام الأساسي للحكم في المادة السابعة عشرة على أن الملكية ورأس المال والعمل مقومات أساسية في الكيان الاقتصادي والاجتماعي للمملكة، وهي حقوق خاصة تؤدي وظيفة اجتماعية وفق الشريعة الإسلامية. كما أن المادة الثامنة عشرة نصت على كفالة الدولة حرية الملكية الخاصة وحرمتها وألا ينتزع من أحد ملكه إلا للمصلحة العامة على أن يعوض تعويضاً عادلاً. وحرية الأفراد في ممارسة نشاطهم الاقتصادي والتجاري وفقاً لإرادتهم ومشيئتهم مقررة وثابتة باعتبارها من الأصول العامة الأساسية.
وفي الوقت نفسه فإن للحكومة الحق في التدخل في النشاط الاقتصادي عن طريق الرقابة والإشراف والتوجيه، وكذلك عن طريق ممارسة بعض الأنشطة بنفسها إذا تطلب الحال ذلك. وهذا التدخل من الأصول العامة المعترف بها، ويقف على قدم المساواة مع حرية الأفراد في النشاط الاقتصادي. ومؤدى ذلك أن للأفراد القيام بمختلف أوجه النشاط الاقتصادي في المجتمع وبجانب هذا الأصل العام فإن للحكومة في الوقت ذاته أن تتدخل في المجالات الاقتصادية وأن تقوم بها بنفسها إذا دعت الحاجة بما يحقق المصلحة العامة. بل ويصبح على الدولة كواجب أن تقوم ببعض الأنشطة والخدمات التي تعجز إمكانات الإفراد عن الوفاء بها أو التي يحجم الإفراد عن ممارستها لعدم وفرة العائد الناتج أو لكثرة أعبائها إلى غير ذلك من الظروف والمبررات.
وفي هذا الشأن تتعاون الدولة مع الافراد في الوفاء بحاجات المجتمع ومتطلباته وتكمل الدولة دور الافراد دون أن تستهدف الربح المادي لذاته أو المنافسة. ولكن لتحقيق التوازن الاقتصادي في المجتمع. ومن الطبيعي أن يراعي الأفراد في مباشرة نشاطهم الاقتصادي نص الاعتبارات والحدود التي توجبها أحكام الشريعة الإسلامية كإطار عام للنشاط الفردي. فإذا خالف الافراد بعض هذه القيود وجب على الحكومة المبادرة إلى التدخل لمنع المخالفات ولتوقيع العقوبات النظامية، وهي المبادئ التي يتم تطبيقها في النشاط التجاري بالمملكة العربية السعودية.
وقد تبنت المملكة العربية السعودية منذ نشأتها نظام الاقتصاد الحر بمفهومه الواسع الذي يتيح حرية التجارة في ظل منافسة شريفة واحترام للأحكام والتعليمات التي تنظمها، وتشجيع مبادرات القطاع الخاص لكونه محوراً مهماً للنشاط الاقتصادي. ومن هذا المنطلق أخذت الدولة تشجع القطاع الخاص للإسهام في المشروعات المشتركة مع الشركات الأجنبية والاستثمار في طاقات إنتاجية جديدة باستخدام أحدث التقنيات وتبنت العديد من الإجراءات المالية والتنظيمية التي تدعم وتزيد من إسهاماته. وبذلك أصبح القطاع الخاص أقل اعتماداً على الإنفاق الحكومي بل ورافداً ثرياً من روافد الاقتصاد الوطني. والسياسة التجارية التي تبنتها الدولة وعملت على تطبيقها تتجلى في مظهر بارز واسع ميز علاقاتها التجارية مع الخارج بميزة واضحة هي حرية الاستيراد من كل الأقطار عدا الدول المقاطعة وحرية انتقال الأموال وإدخال وإخراج جميع أنواع النقود والعملات وبأية كميات ممكنة. وقد نتج عن هذه السياسة زيادة حركة التصدير والاستيراد وكذلك دخول العملات الأجنبية وتحسين ميزان المدفوعات واعتدال أسعار غالبية المواد التنمية الصناعية السعودي، وصندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التنمية العقارية، وبنك التسليف السعودي. وقد أسهمت صناديق الإقراض المتخصصة في دفع عجلة التنمية في المجالات التي خصصت لها كالزراعة والصناعة والإسكان وغيرها.