شكلت الأزمة الصومالية طوال أيام القمة العربية حضوراً مستمراً بتداعياتها المأساوية المفجعة، وهي تواصلت بعد القمة، ولا يبدو ثمة ما يشير إلى أنها في الطريق للحل، الأمر الذي يشكل تحدياً قوياً للأمة العربية، خصوصاً وأن قرارات القمة لا تزال ساخنة، كما أن الشعور الطاغي بنجاح القمة يعزز إمكانيات التحرك نحو فعل شيء ما أكثر تأثيراً تجاه هذه المشكلة المتفاقمة.
غير أن الوضع في الصومال يعتمد بالأساس على المعطيات الداخلية بما في ذلك مختلف التكوينات السياسية والتجمعات القبلية فضلاً عن الحكومة المؤقتة، وقد أدركت القمة الأهمية القصوى لهذا الأمر عندما دعت إلى الإسراع بعملية المصالحة الداخلية الصومالية؛ فالأمر يتطلب توافقا مهماً وعاجلاً، وإلا فإن الحريق يهدد البلاد من أقصاها إلى أقصاها، ومن الواضح أن الأجواء الحالية تعلي كثيراً من شأن النظرة الحربية الاستقصائية، ومع ذلك فإن جهوداً لابد وأن تبذل لإسكات المدافع.
ومن الواضح أن وتيرة التدخلات تتصاعد، فهناك الآن على الأرض قوات اثيوبية جاءت لمناصرة الحكومة المؤقتة، وهناك ايضا قوات السلام الأفريقية، وهناك تدخلات خفية تناصر الجماعات المسلحة بمختلف مسمياتها، وقبل أن تتسع دائرة التدخلات، فإن مبادرات سريعة وفاعلة يمكن أن تحد من هذا الحريق، ومن المؤكد أن جهداً دبلوماسياً إقليمياً أمر مهم على ضوء الحقيقة القائلة بأن المسرح الصومالي يضم وجوداً دولياً اقليمياً ينبغي التعاطي معه في إطار الجهد الدبلوماسي المأمول.
ومن المهم أن تعطي الجامعة العربية مثالاً طيباً للعمل المشترك الفاعل، خصوصاً وهي خارجة للتو من قمة تصاعدت فيها الآمال بإمكانية تحقيق الكثير اعتماداً على التعاون العربي، كما أنها قمة أعطت أملا بإمكانية استشراف عهد جديد للأمة العربية، فقد شكلت كلمة خادم الحرمين الشريفين منعطفاً حقيقياً باعتبار أنها خاطبت مباشرة المصاعب القائمة، وذكرت بالخسائر الفادحة من مغبة ترك كل دولة عربية تواجه مصيرها وحدها؛ ما يعني ضياع أجزاء الوطن العربي بسبب الاحتلالات والحروب الأهلية وغيرها من المصاعب.
ان المأساة الصومالية بكافة صورها تحتم تحركاً فاعلاً وقوياً ومؤثراً، فعلى كافة الأصعدة يعاني الصوماليون، ونحن أمام بلاد فقدت مقومات الدولة وانعدمت فيها بالتقريب جميع مظاهر الأمن كما تدمرت بنيتها التحتية، وزالت مرافقها الصحية والتعليمية، ما يعني أن جهداً مضاعفاً مطلوب وبطريقة عاجلة ومتناسقة بحيث يغطي كافة المجالات.
وسيكون من المهم أن تقود الجامعة العربية في الأساس مثل هذه الجهود، وذلك أمر مهم من عدة نواح، لعل أولها تذكير الصوماليين انهم ليسو وحدهم، كما أن عدة دول عربية لها خبرة طويلة في التعاطي مع المشكلة، هذه إلى جانب المسؤولية التي تحتم مد يد العون للأشقاء.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244