لسنوات عديدة اعتقد الكثيرون من السعوديين - وأنا منهم - إن (مصر) هي (القاهرة) ومن ثم اقتصرت رحلاتهم السياحية على قضاء أيام في العاصمة بنفس البرنامج المتكرر سنوياً مع ندرة الجديد.
وكأننا أسرى للعادة، في وقت يبحث فيه السائحون عن التجديد خاصة مع تعدد المنتج السياحي بشكل غير مسبوق، فمصر لم تعد الأهرام والمسارح والمطاعم والفنادق في القاهرة فقط بل اتسعت الخريطة السياحية المصرية بشكل ملفت وباتت أماكن جديدة كسواحل البحر الأحمر تجذب أكثر من60% من السائحين القادمين لمصر.
ناهيك عن أماكن أخرى كالساحل الشمالي والاقصر وأسوان والجونة وأماكن السياحة العلاجية.. إنها ببساطة مصر مختلفة عن التي عاهدناها كسعوديين.
وفي رحلة لنا مع مجموعة من الإعلاميين يمثلون الصحف السعودية بترتيب وتنظيم من مجلة (سواح) السعودية وباستضافة كريمة من وزارة السياحة المصرية ممثلة بهيئة التنشيط السياحي سعدنا في رحلة سياحية بالتعرف على بعض المدن السياحية المصرية سواء في الفنادق أو الآثار العظيمة أو التعامل المتميز الطيب من أهل المدن (الذي تفوق بكثير في القطاع السياحي بالقاهرة) فعلى سبيل المثال مدينة الأقصر، هذه المدينة التي تختزن ثلث كنوز آثار الأرض قاطبة حيث المعالم الأخاذة كالمعابد الضخمة لملوك القدماء المصريين التي تحكي عظمة الله في خلق الإنسان وقدرة هذا الإنسان على الإبداع في أعمال كثيرة لم يستطع العلم الحديث أن يتوصل إلى رأي واحد كيف استطاع هؤلاء الناس قبل خمسة آلاف عام من بناء هذه الحضارة العظيمة.
ولقد تشرفنا بلقاء معالي محافظ الأقصر (سمير فرج) هذا الشخص العبقري الذي خلق من خياله الواسع من عمله بالرسومات الهندسية وأقواله عندما عرضها علينا من خلال الاجتماع إلى الواقع عندما شاهدناه أدهشنا وأعجبنا كثيرا بأنه على خلال ما تردد عن العرب (يقولون ولا يفعلون).
لقد قاد قاطرة التنمية بمدينة الأقصر باعتبارها مدينة جذب سياحي عالمي لم نرَ مثيلا لها من قبل، وكل ذلك بالقدرات الذاتية لمحافظة الأقصر، ولقد جدد أحياء بأكملها وأزال مباني شعبية وتم تعويض أهلها بمباني نموذجية ومازالت ورشة العمل قائمة يواصل الليل بالنهار ويصمم هذا الرجل على أن يجعل من مدينة الأقصر نموذجاً عالمياً لتطوير المدن يحتذى به؛ فهنيئا لمصر وهنيئا لأهل الأقصر بمثل هذا الرجل.
وكان ضمن الزيارة مدينة الغردقة التي تقع على البحر الأحمر. هذه المدينة التي كانت قبل عشرين عاما شبه صحراء وقرية صغيرة أصبحت مدينة ساحلية سياحية تزخر بعدد كبير من الفنادق الضخمة والقرى السياحية ويزورها أكثر من ثلاثة ملايين سائح سنوياً؛ معظمهم من الغربيين والعرب، والسعوديون (للأسف) لا يشكلون نسبة تذكر، على سبيل المثال ذكروا لنا إحصائية شهر نوفمبر الماضي زار المدينة سبعون ألفا من الروس، وستون ألفا من الألمان وجنسيات أخرى، وكان عدد السعوديين 100 شخص فليس هناك أي مقارنة.
وعرجنا في رحلتنا أيضاً إلى مدينة أسوان هذه المدينة الهادئة بأبنائها وطيبتهم وحسن أخلاقهم وحسن تعاملهم مع الزوار التي تضم أحد أهم إنجازات مصر في العصر الحديث (السد العالي) الذي بني في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وقد كان معجزة من حيث الفكرة ومن حيث التنفيذ، فهذا السد يوفر لمصر كلها الكهرباء والأرض الخصبة والماء.
في لقاء لنا مع وزير السياحة المصري السيد زهير جرانة وبحضور رئيس التنشيط السياحي الأستاذ أحمد الخادم عاتباً على السياح الخليجيين أنهم لا ينظمون رحلاتهم بشكل مسبق جماعي بوقت كاف حتى يحصلوا على المزايا من حيث الأسعار، ومن حيث التمتع بالمنتج السياحي كاملاً ليس في القاهرة وحدها ولكن في المدن الأخرى، وذلك رداً على شكوى تخص أن السائح السعودي ينفق مبالغ طائلة لا تقارن بالسائح الغربي وقد تقبل الوزير بعض مقترحاتنا بأن يتعاملون مع هذا الوضع بشكل استثنائي لأن هذا هو السلوك السائح السعودي لا يقرر السفر إلا ليلة السفر وبالتالي لا يحصل إلا على أسعار مرتفعة بدءا من تذكرة الطائرة أو الفنادق أو الأماكن السياحية.
لقد تجاوب معنا الوزير في توجيه مستثمرين إلى بناء الشقق الفندقية وأن تكون بأسعار معقولة التي تلبي رغبات السائح الخليجي وعائلته، لقد سعدنا كثيراً بتلك الرحلة وبكرم وزارة السياحة المصرية التي أعطتنا مفهوما مغايرا عن السياحة في جمهورية مصر العربية ولقد كنت في صحبة الإعلاميين السعوديين وهم سليمان العقيلي مدير تحرير الوطن وأحمد الشريدي رئيس تحرير مجلة سواح وأحمد غاوي من جريدة الرياض ومحمد الرشيد من جريدة الحياة وهاني الغامدي من جريدة البلاد وسهل حمزة من جريدة المدينة، وعبدالله العيسى من شركة أبعاد للإعلام والعلاقات العامة.