Al Jazirah NewsPaper Friday  30/03/2007 G Issue 12601
الاقتصادية
الجمعة 11 ربيع الأول 1428   العدد  12601
السوق يودّع مساره الصاعد حتى إشعار آخر!!
سقوط الاثنين الدامي لا مبرّر له.. والاستحواذ سبب ارتفاع أسهم بعض الشركات

لحقت بسوق الأسهم هذا الأسبوع انتكاسة شديدة ومفاجئة تسببت في حالة من الخوف والذعر الشديد بين المتداولين لدرجة جعلتهم يستعيدون حالة فقدان الثقة والميل إلى التشاؤمية والخروج من السوق من جديد. البعض يفسر هذا الهبوط العنيف بأن ثمة توصيات جوالية من مصادر غير معروفة من الخارج هي السبب وراء هذا الخوف، تلك الرسائل التي حثت على الخروج السريع من السوق لأسباب حددتها. كما أن البعض يحلو له أن يفسر هذا الهبوط بوضع طبيعي كان منتظراً، حيث إنهم يرون أن استعادة المسار الهابط كانت فقط مسألة وقت، هذا إلى جانب العديد من المبررات التي يقدمها فريق ثالث، إلا أن اللافت للانتباه هو التزامن بين الهبوط العنيف يوم الاثنين الماضي الذي أفقد المؤشر 521 نقطة في يوم واحد، وبين بدء فعاليات القمة العربية التي تشغل الرأي العام، سواء محلياً أو دولياً؛ أي أن هذا السقوط إنما حدث بقوة، وفي فترة لا تلفت الأنظار؛ لذلك نحن في حاجة إلى معرفة هل لهذا الهبوط تداعيات منطقية؟ وهل انتكاسة الاثنين الأخير غير مقبولة في حدّ ذاتها أم أن غير المقبول هو الهبوط في شكل السقوط؟ ومن جانب آخر هل على الدوام يفترض أن ينتظر المتداولون مساراً صاعداً؟ ولماذا منذ عام تقريباً وكل انخفاضات المؤشر تحدث في مسارات سقوطية أكثر منها انخفاضاً تدريجياً؟

سقوط عنيف ومفاجئ

يفقد المؤشر 7.84 %

بدأت حركة التداول هذا الأسبوع بوتيرة اعتيادية مثلها مثل الأسابيع السابقة متحركة بين صعود وهبوط طفيف، ولكنه متماسك فوق مستوى دعمه الرئيسي آنذاك عند 8500 نقطة، حيث ربح المؤشر يوم السبت 53 نقطة، تلاه يوم الأحد صعود بنحو 6 نقاط، ثم حدثت الانتكاسة يوم الاثنين عندما تراجع المؤشر من مستوى 8620 إلى 8099 نقطة في جلسة تداول واحدة؛ أي خسر المؤشر 521 نقطة بنسبة 6.1%، واستمر الوضع في يوم الثلاثاء، حيث تراجع المؤشر بنحو 82.9 نقطة خاسراً نحو 1.02%، ثم تراجع بنحو 119.3 نقطة خاسراً 1.49%، وفي يوم الثلاثاء - ونتيجة التذبذب الاضطراب في ظل المسار الهابط - لامس المؤشر قاع 7731 نقطة كأدنى نقطة يحققها هذا الأسبوع؛ أي أنه بنى قاعاً جديداً، هذا القاع ربما يكون أعلى من قاعه السابق عند 6767 نقطة. ولما كان المؤشر قد انطلق في موجته الصاعدة من هذا القاع الأخير؛ فإن ملامسته مستوى 7731 تعنى أنه يكاد يكون خسر كل مكاسبه فيها ولم يتبق له سوى 964 نقطة، فهل يحافظ عليها؟ بالتحديد، بإغلاق المؤشر عند 7890 نقطة هذا الأسبوع يكون قد خسر نحو 671.1 نقطة أو ما يعادل 7.84%.

سقوط يوم الاثنين الدامي

الأمر المستغرب أن هذا التراجع الشديد بهذه النسبة الكبيرة في يوم الاثنين لا يوجد له ما يبرره في أخبار الاقتصاد الوطني أو حتى أخبار الشركات المدرجة؛ فلا معلومات جديدة ولا قرارات مؤثرة. الوضع يعتبر مستقراً على مستوى الاقتصاد والشركات. ونتيجة للذعر الشديد فقد ظهرت بعض التحسنات الإيجابية قبل إغلاق يوم الاثنين نتيجة تعويض قدر من الخسائر، وهو كمن يأخذ منك ألفاً ويعطيك عشرة؛ ليسيطر عليك الشعور بالعطاء قبل أن تغادر، وهي الفلسفة المعتادة من صناع السوق في السوق المحلي، وهي ليست جديدة. هناك نزول قويّ وتعويض طفيف قبل إغلاق ذات اليوم، وهذه الفلسفة مفتعلة لعدة أسباب:

1 - أنه لا يوجد بالسوق مستثمر قادر على اتخاذ قرار بالدخول والشراء في أول يوم هبوط للمؤشر بعد فترة طويلة من المسار الصاعد؛ وذلك لأن الاحتمال الأكثر توقعاً هو أن كل زلزال له توابع لابد أن يمرّ بها.

2 - أن بعض الأسهم التي ساندت المؤشر قبل الإغلاق يمكن القول إنها غير مقبولة خلال فترات تراجع السوق.

3 - أن مساندة المؤشر في إغلاق الاثنين الماضي، وبخاصة من خلال الأسهم التي عوضت بعض خسائرها، لا يمكن للصغار أو للشراء العشوائي أن يحققها.

نتيجة للأسباب المذكورة عاليه، فإننا نتوصل إلى ما يلي:

1 - أن صناع السوق حقيقة هم من فعلوا هذه المساندة.

2 - ولكن طالما هم ساندوا، فمن الطبيعي أنهم هم من تسببوا.

ولكن لماذا؟ وما دلالات

السقوط يوم الاثنين؟

إن سقوط يوم الاثنين الماضي يدلل على قلق البعض من صعود المؤشر أو طول فترة موجته الصاعدة، وأنهم إنما خططوا لاستعادة مساره الهابط في يوم الجميع مشغولين بفعاليات القمة العربية؛ فمثل هذه الأوقات تكون الأنظار أقل تركيزاً على حركة التداول، وبخاصة أن الرياض العاصمة قد خفت حركتها مع إجازة الجهات الحكومية وبعض الجهات الأخرى، ولعل المطلوب كان نزول المؤشر بدون حدوث المشاعر المأساوية للمتداولين؛ فكثير من الأطباء يرغبون في إشغالك بأمر مناسب أثناء قيامه بتنظيف جرح أو تجبير كسر. إن كل ما جرى يدلل على أن مسار السوق لا يزال هو مساره القديم، وأن انتعاشه خلال شهرين هو انتعاش موجة صاعدة مثلها مثل أي موجة صاعدة.

تقييم آخر موجة

صاعدة للمؤشر؟

يمكن أخذ قاع المؤشر عند 6767 نقطة كأول قاع انطلقت منه موجة صعود فبراير - مارس، تلك الموجة التي استمرت شهرين من 30 يناير حتى 26 مارس. وقد تمكنت هذه الموجة من تصعيد المؤشر إلى قمة جديدة عند 8956 نقطة لكي تربحه نحو 2189 نقطة؛ أي أن حصيلة هذه الموجة هي ربحية المؤشر بنسبة 32% وهي نسبة تعتبر مرتفعة، وبخاصة أنها حدثت خلال وقت قصير نسبياً؛ أي أن هذه الموجة هي موجة إيجابية وربما تكون أعلى موجات المؤشر بعد موجة يونيو الماضي التي صعدت به إلى 13500 نقطة.

لماذا لم يفسر أحد

ما حدث بجني أرباح؟

الغريب أيضاً أنه لا يوجد أحد مقتنع بأن ما يحدث هو نتيجة جني أرباح، وهذا أمر منطقي؛ لأن المؤشر منذ أسبوعين وهو يتذبذب في مسارات جني أرباحه، كما أنه لا يعقل أن يكون جني أرباح أي موجة بنسب تعادل قيمتها تقريباً، كما أن التراجع منذ الاثنين هو تراجع انتكاسي بقيادة القطيع، وهو لم يفرق بين شركة وأخرى، وإنما تراجع للجميع وبنسب مرتفعة، بل إن ما يؤكد أن ما حدث ليس جني أرباح هو تراجع قطاعات المضاربة بنسب تفوق نسب تراجع قطاعات الاستثمار؛ فالزراعة والخدمات خسرا 13.5% و9.7%، وهما من كانا يخالفان حركة المؤشر في ظل جني أرباحه في الفترات الماضية.

إلامَ يشير كسر القياديات

لنقاط دعمها؟

باستثناء سامبا الذي ربح 1.54% هذا الأسبوع خسرت كل قياديات السوق نسباً مهمة تفاوتت بين 6 و11%، حيث خسرت سابك 7.2%، وليست المشكلة في مجرد هبوط السهم، ولكن في كسره مستوى دعم حافظ عليه طوال موجة الصعود؛ فسابك انحدر إلى 116، كذلك الحال للراجحي الذي تراجع إلى 92.5 ريال مغادراً مستوى ما فوق الـ 100 ريال. أما الاتصالات فانحدرت إلى 65.5 ريال، والكهرباء 12.75 ريال، وجميعها مستويات أسفل مناطق الدعم على مدى الشهرين الماضيين تقريباً. وجميعنا يعلم أن هذه الأسهم الأربعة هي صمام الأمان في تحريك ومعرفة اتجاه السوق؛ فرغم أن السوق دخل في جني أرباح منذ أسبوعين، ورغم أنه كان جنياً اتسم ببعض القسوة أحياناً إلا أن تماسك هذه القياديات مكن السوق من التماسك وحافظ على موجته الصاعدة حينها. ولكن كسر القياديات لدعومها يشير إلى انتهاء هذه الموجة الصاعدة إلى إشعار آخر، ولكن ينبغي التأكيد أن هذه الموجة ليست ولن تكون الأخيرة التي سيمر بها السوق؛ فالأسواق طبيعتها الصعود والهبوط.

هل توجد مبررات لربحية التعمير 7.87% وسامبا 1.54%؟

في عز النزول وحالة التشاؤم التي سادت السوق منذ الاثنين، حقق سهما التعمير وسامبا ربحيتين جاءت الأولى مرتفعة للتعمير والثانية متوسطة لسامبا. وهنا تثار مسألة السيطرة والاستحواذ من جديد، فكيف يمكن أن تنتعش تداولات أسهم معينة في ظل وضع تسوده حالة الاضطراب الكامل في السوق؟ من يمتلك القدرة والقوة لكي يفرض واقعا مختلفا لأسهم معينة بعيداً عن حالة مؤشر السوق؟ بالطبع هؤلاء يمتلكون قوة الاستحواذ في هذه الأسهم بشكل لا يزال يتطلب بعض النظر والمراجعة، فإما أن هذه الأسهم هي المخالفة للسوق، وإما أن السوق هو المخالف لها بنزوله!!

استقراء المستقبل القريب

إن هذه الموجة ليست آخر موجة سيمر بها السوق، ولكن ستتوالى الموجات من وقت لآخر، ولكن ما ينبغي استيعابه أنه لا يمكن أن يصبح السوق مسارا وحيدا، فكل الأسواق تمر بنوعين من الدورات أو الموجات مثلها مثل الاقتصاديات، ما بين هبوط وصعود، وكلاهما له أسبابه ومبرراته، وأحيانا تحدث بعض الموجات بشكل عشوائي - فقط عندما تسود العشوائية -، ورغم معرفة مدى مرارة الهبوط في سوق الأسهم المحلي، وبخاصة مع معرفة قدر الخسائر التي أحاطت وتحيط بغالبية المتداولين منذ العام الماضي، إلا أنه ينبغي معرفة أن الهبوط من آن لآخر أمر يبدو معتاداً في أسواق الأسهم، وينبغي - كما دائماً ننوه - عدم استبعاد أمر الهبوط؛ لكيلا يبدو كارثياً في نظر بعضهم عند حدوثه، وإلا فإن الكثير من المتداولين سيخسرون ما هو أهم من أموالهم، وسيخسرون نفسياتهم، وبالتالي صحتهم.

وعليه، ومع هذا النزول، فإنه ينبغي معرفة أن موجة صعود انتهت وولت، وأن نزولاً عنيفاً حدث، وهنا يوجد احتمالان، هما:

أولاً: إما أن يدخل المؤشر في مسار أفقي يميل للنزول، وهنا يتوقع أن تنتاب المؤشر في أي لحظة انتكاسات أخرى، وقد يلامس من جديد قاعه الأول، وهنا ينصح بترقب قاع جديد تبدأ عنده موجة صعود جديدة.

ثانياً: أو أن يحدث صعود مضاربي في شكل تذبذب بعيد المدى بين 7890 و8100 بقيادة أسهم المضاربات الخاسرة، وهنا لا ينصح بالدخول إلا لمحترفي المضاربة.

إن النقطة المحورية التي أبدى المؤشر عندها حتى الآن كنقطة دعم متماسكة هي 7731 نقطة، هذه النقطة ينبغي أن تكون محط تركيزنا خلال الأسبوع المقبل.

* د. حسن الشقطي - محلل اقتصادي ومالي

Hassan14369@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد