Al Jazirah NewsPaper Thursday  29/03/2007 G Issue 12600
رأي الجزيرة
الخميس 10 ربيع الأول 1428   العدد  12600
بداية قوية للقمة

لطالما احتاجت الأمة العربية إلى المكاشفة والمصارحة، ولطالما تطلعت إلى كلمات صادقة مثل تلك التي قالها أمس خادم الحرمين الشريفين أمام القادة العرب، حيث وضع الملك عبد الله الحقائق واضحة بينة أمام الأمة العربية فيما يتصل بالمسؤوليات التي يتحملها القادة وعدم إنجاز مهام التضامن والوحدة بين أبناء الأمة، كما كان واضحاً عندما وضع الأصبع تماماً على جروح ومآسي الأمة، مشيراً إلى البون الشاسع الذي يفصلنا عن أمل الوحدة منذ قيام كيان الجامعة العربية، فضلاً عن الإخفاق في مد يد العون للأشقاء في مساحة واسعة من السودان إلى العراق مروراً ببقية الأزمات المنتشرة في هذه المساحة الواسعة للعالم العربي.

حقيقة فإن هذه الصراحة وهذا الوضوح هو ما تحتاجه الأمة، ولعل ذلك هو أيسر السبل لتلافي العديد من المصاعب، بدلاً من الالتفاف على المشاكل وتجاهلها، ومن المؤمل أن تطلق هذه الكلمات نهجا جديدا في العمل العربي المشترك، يكون أساسه الرؤية الواضحة الصحيحة للمصاعب كما هي، بعيدا عن تهويمات السياسة والقفز على حقائق الواقع.

لقد شكلت هذه الكلمات القوية بداية موفقة للقمة، وسيكون من المفيد أن تمضي وقائع القمة بذات هذا الإيقاع القوي، الذي يؤمل أن يطغى بواقعيته على كامل اللقاءات العربية المستقبلية، وعندها فقط سيكون من الممكن الحديث عن أفق واعد لهذه الأمة التي رزحت طويلا تحت الوعود والشعارات الزائفة، والتي لم تتذوق ثمار الأمة المتضامنة المتصالحة مع نفسها التي تستطيع القيام بهذه الأعباء طوال 60 عاما منذ إنشاء الجامعة العربية.

هذه الكلمات القوية أيضا شكلت نقدا مطلوبا وعبرت عن إحساس كل مواطن عربي، اعتاد أن يعايش عاماً بعد الآخر مثل هذه اللقاءات دون أن يرى آماله تتحقق على أرض الواقع، وقد أعاد خادم الحرمين الشريفين مسؤوليات هذا التردي إلى القادة العرب، فقد كان هناك إخفاق واضح في التصدي للمسؤوليات الجسيمة من تحقيق التضامن، ومن تحقيق الوحدة الحقيقة التي تستطيع أن تنهض بإمكانيات الأمة لصالحها.

لقد تطلعت الشعوب العربية كثيرا إلى سماع مثل هذا النقد الذاتي بعد أن سئمت من الوعود الزائفة طوال عقود من الزمان، وسيكون من المفيد الآن أن يتوافق القادة العرب على نهج جديد ينبني على مفردات هذا الخطاب الوثيقة من أجل تجاوز المعضلات القائمة، ومن المؤكد أن إصلاح الوضع المتردي في معظم الوطن العربي يستوجب آليات حصيفة وفاعلة لا تستغني عن مثل هذه المكاشفة.

لقد ظلت المملكة دائماً في موقع المبادر والمنادي بتحقيق التضامن وبذلت في سبيل ذلك جهداً متعاظماً، وقد أنجزت للتو وقبل هذه القمة اختراقاً هاماً على الساحة الفلسطينية من خلال اتفاق مكة المكرمة، وها هي ممثلة في قائدها خادم الحرمين الشريفين تضع لبنة جديدة من أجل بناء عربي يقوم على الوضوح والصراحة ونقد الذات، وكلها أمور تتوافق مع تطلعات الأمة لانتشالها مما ترزح فيه من مصاعب تاريخية.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد