Al Jazirah NewsPaper Thursday  29/03/2007 G Issue 12600
الاقتصادية
الخميس 10 ربيع الأول 1428   العدد  12600
الأهالي يحلمون بتحوُّل المنطقة إلى مركز اقتصادي وتجاري مهم
القريات بين الماضي والمواكبة والاندماج مع المشروعات التنموية القادمة

* القريات - جريد الجريد:

تمثِّل القريات على رغم بعدها الجغرافي ومساحتها موقعاً استراتيجياً؛ فهي حلقة الوصل بين المملكة ودول الخليج العربي مع بلاد الشام وأوروبا. وأخذت القريات كل هذا من منفذها البري (منفذ الحديثة) الذي يربط المملكة بالأردن الشقيق.. والمواطن في القريات يتطلع إلى الغد بالكثير من الآمال والتطلعات، ويستشرف المستقبل بآفاق تنموية أرحب، ويعلق الكثير من الآمال.. كيف لا؟ ولديه الكثير من المشروعات المهمة والكبيرة التي يجري العمل على تنفيذ بعضها وهناك ما ينتظر تنفيذه، ومنها:

مشروع سكة حديد الشمال الجنوب، وهو مشروع لنقل البضائع والركاب من منفذ الحديثة بالقريات مع وصلات لمناطق التعدين (الفوسفات والبوكسايت)، وصولاً إلى الرياض. وأيضاً الطريق الدولي الاستراتيجي المنطلق من القريات باتجاه الرياض مروراً بحائل الذي شارف على الانتهاء. وكذلك مشروع ازدواجية طريق الشمال الدولي القادم من المنطقة الشرقية مروراً بعرعر ووصولاً إلى القريات حتى منفذ الحديثة الجاري العمل به. وهي تمثل روافد جدّ مهمة تضاف لمكتسبات أخرى شهدتها وستشهدها القريات لاحقاً من المنتظر أن يكون لها تأثير بالغ على أوجه الحياة في بوابة الوطن وإحداث نقلة مهمة على عدة أصعدة. هذه التحولات والنقلات سيكون لها دور في رسم وتشكيل وجه آخر للقريات: خدماتها، ومرافقها، وبنيتها التحتية، وتوسعها العمراني، وغيرها. وحول هذه التحوُّلات المرتقبة تحدَّث لنا بعض المهتمين والأكاديميين من أبناء المنطقة.

مستقبل واعد للمنطقة

في البداية يقول الدكتور سطام بن دهام الشمري عميد كلية المجتمع بالقريات: ليس من شك في أن مستقبلاً واعداً ينتظر هذه المنطقة - بل والمملكة - من خلال المشروعات التي نتوقع أن تعالج سلبيات النقل البري عندما يتم الانتهاء منها قريباً، وفي نفس الوقت فإن العمل جارٍ لتنفيذ شريان ضخم للنقل الحديدي بجوار ذلك الطريق الاستراتيجي الذي ستنشأ معه مشروعات تعدينية تتجاوز (30) مليار ريال؛ مما يجعله واحداً من أكبر مشروعات السكك الحديدية في العالم لنقل الركاب وشحن البضائع والمعادن؛ حيث يمتد إلى قرابة (3000) كيلومتراً تبدأ من الحديثة وتمر بالقريات والجوف وحائل والقصيم وتلتقي بخط السكك الحديدية الحالي (الرياض - الدمام)، ثم تتصل بوصلات فرعية تنقل الخامات إلى المدينة التعدينية التي تقوم شركات التعدين بتطويرها في رأس الزور على ضفاف الخليج العربي.

وأضاف الشمري: لقد صدرت التوجيهات السامية بإنشاء أول شركة مساهمة في ذلك القطاع الكبير تحت اسم الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار) برأسمال مليار ريال؛ حيث تتولى تنفيذ مشروع سكة حديد (الشمال - الجنوب) والخدمات والمرافق المتعلقة بالمشروع وتشغيله وإدارته وصيانته ونقل المواد الخام والوقود والبضائع والركاب بحسب مقاييس الأداء والسلامة المعتمدة عالمياً.

وحول الآثار الإيجابية المترتبة على إنشاء شبكة الطرق البرية والسكك الحديدية قال الشمري: إن هذه المشروعات ستصنع مناخاً صحياً للإنتاج والاستثمار والتنمية والتطوير، وسترتب آثار إيجابية كبيرة بالنسبة لآلية العمل والمقاصد النهائية لعملية التنمية المستدامة.

البنية التحتية

وأوضح الشمري أن التطورات التي ستتم في قطاع النقل تستلزم الأخذ في الاعتبار توفير البنية التحتية والمرافق الأساسية اللازمة لإدارة وتشغيل وصيانة هذه المشروعات، وعليه فإن هناك العديد من المرافق التي يجب إنشاؤها لتتزامن مع هذه المتغيرات.

وبيَّن الشمري أن مشروعات النقل التي تنفذ في منطقة الجوف بصفة عامة والقريات بصفة خاصة سيكون لها أثر إيجابي مباشر على القطاعات الاقتصادية وعلى حياة المواطن بصفة عامة من خلال تعمير المناطق التي سيمر بها الخط الحديدي والطرق البرية المزدوجة، وتوفير فرص عمل جديدة، وذلك من خلال مشروعات إدارة وتشغيل وصيانة هذه المرافق، وكذلك توفير فرصة استثمارية للمستثمرين ورجال الأعمال من أهل المنطقة؛ مثل فتح سوق حرة أو إنشاء مناطق لتجميع وتوزيع السلع والخدمات وإنشاء مناطق ومجمعات سكنية جديدة، وجلب رؤوس أموال ومستثمرين من خارج المنطقة؛ مما يوفر فرص عمل واقعية وفعالة تسهم في علاج البطالة الموجودة في المنطقة وغيرها من الإيجابيات.

تحوُّل القريات إلى مركز حضاري

من جانبه قال الدكتور خليل بن إبراهيم المعيقل عضو مجلس الشورى حول هذا الموضوع: لا شك أن تلك المشروعات تعد مشروعات استراتيجية مهمة على مستوى المملكة؛ حيث ستعمل على ربط المملكة بالدول المجاورة بشبكة حديثة من المواصلات؛ كون محافظة القريات تعدّ المحطة الأخيرة على هذه الطرق وتعد المنفذ الأهم على مستوى المملكة، وستحول بلدة بسيطة إلى مركز حضاري مهم؛ حيث إن تلك المشروعات تحتاج إلى أن تقوم أمانة منطقة الجوف وبلدية القريات والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة بوضع استراتيجيات للبنى التحتية والخدمات والتنمية العمرانية والبشرية، وذلك لمواكبة المتغيرات الإيجابية التي ستحدثها تلك المشروعات من خلال الانخراط في مشروعات خدمية لتلبية زيادة الطلب التي ستحدث بسبب تنامي حركة المسافرين عبر منفذ الحديثة.

وأضاف د. خليل: إن اكتمال تلك المشروعات سيحقق للقريات ومجتمعها مكاسب عديدة، لعل أولها ربط محافظة القريات بشبكة حديثة من المواصلات بالعاصمة الرياض والمدن الواقعة على مسار تلك الطرق، وكذلك ربطها بالدول المجاورة؛ مما سيجعلها البوابة الأولى للمملكة ودول الخليج واليمن؛ حيث ستؤدي تلك الطرق إلى تنامي حركة المسافرين إلى المملكة ودول الخليج واليمن عبر منفذ القريات. أما على الجانب الاقتصادي فسيؤدي اكتمال تلك المشروعات إلى ازدهار اقتصادي كبير إذا أحسن استغلال هذا الوضع من خلال تطوير البنية الاقتصادية وبناء مشروعات لجذب المسافرين إلى قضاء بعض الوقت في المدينة؛ مما سينعكس ذلك إيجابياً على حركة الاقتصاد.

وأضاف د. المعيقل: أخشى ما أخشاه ألاَّ تتواكب القريات مع الوضع الجديد من خلال مشروعات خدمية وتجارية جذابة، أو أن يبقى الوضع على حاله ويضطر المسافر إلى تجاوز القريات عبر الحدود إلى أماكن أخرى تلبي متطلباتهم الخدمية والاقتصادية.

وعن منفذ الحديثة قال المعيقل: هو أهم المنافذ اقتصادياً، ولا شك أن تطويره ليواكب المشروعات الجديدة وحركة المسافرين يعدّ مطلباً مهماً؛ لذا يجب أن يُعاد النظر في وضع المنفذ ودوره في تطوير حركة التجارة البينية، وبخاصة حركة تصدير المنتجات السعودية للدول المجاورة. وهنا أودّ أن تتبنى إمارة منطقة الجوف إقامة منطقة حرة في منفذ الحديثة تعمل على تطوير التجارة بين المملكة والدول المجاورة.

الميزات النسبية

ويواصل الدكتور شويش بن سعود المطيري عضو مجلس الشورى فيقول: هذه المشروعات سيكون لها انعكاس إيجابي على المنطقة؛ لأنها ستضيف ميزة نسبية لها باعتبار أن خدمات النقل لها أهمية قصوى سواء على الجانب الإنتاجي في المنطقة أو الجانب الخدمي؛ حيث ستزدهر عدة قطاعات منها الصناعة؛ لسهولة نقل المواد الخام والمنتجات، وأيضاً الخدمات السياحية في المنطقة، هذا بالإضافة إلى أنها بوابة للشمال عن طريق منفذ الحديثة.

واعترف المطيري بأن الاستفادة من الإمكانات دائماً تكون نسبية؛ بمعنى هل ستتمكن المنطقة من الاستفادة من هذه الميزات أم أن الاستفادة ستكون محدودة؟

وأضاف المطيري: من وجهة نظري ومن المهم جداً في هذه المرحلة أن تقوم الجهات والأجهزة المختصة في المنطقة بعمل الدراسات اللازمة المعتمدة مع الإحصاءات الدقيقة؛ لإبراز الميزات النسبية للمنطقة، وكذلك الميزات التي يمكن تنميتها من خلال مشروعات البنية الأساسية للمنطقة؛ لأن الاستثمارات دائماً تعتمد على الميزات النسبية؛ فهي عنصر الجذب للاستثمارات، وقد تحتاج المنطقة لبعض المشروعات التي ربما تكون بسيطة من ناحية التكلفة، ولكنها كبيرة من ناحية الأثر على جذب الاستثمارات، وأتمنى أن تفكر المنطقة في الجانب الصناعي بشكل أدق؛ فالقيمة المضافة التي تتحقق من الصناعة لها أثر فعال في اقتصاديات المنطقة.

جذب رؤوس الأموال للمنطقة

كما تحدث الدكتور علي بن دبكل العنزي عضو مجلس الشورى حول هذا الموضوع فقال: يعلم الجميع أن المناطق البعيدة عن المركز، ومن ضمنها منطقة الجوف ومحافظة القريات بشكل خاص، لم تحْظَ بنصيبها من التنمية في السابق، وهو ما اتفق عليه جميع المسؤولين وأكدوا أن مشروعات التنمية الحالية والمستقبلية ستكون الأولوية فيها للمناطق التي لم تحْظَ بنصيبها، وهو ما أكَّده الخطاب الملكي لخادم الحرمين الشريفين في مجلس الشورى في 3-3-1427هـ. وأكد العنزي أهمية القيام بتهيئة البنية التحتية لزيادة السكان المنتظرة، وهو ما سيزيد من الفرص الاستثمارية الاقتصادية ويكون عامل جذب للإقامة بالقريات والمناطق التي حولها والبحث عن فرص وظيفية فيها، كما أن تهيئة البنية التحتية من ناحية العمران والطرق والخدمات مثل الفنادق والشقق المفروشة وغيرها مما يحتاجه المسافر أو المواطن الجديد بالقريات وضواحيها كالحديثة أمر ضروري جداً الآن، وحيث إن مناطق الشمال تفتقر إلى رجال أعمال لديهم القدرة المالية التي يستطيعون من خلالها استثمار هذه القدرات المالية بشكل كبير فرجال الأعمال في الشمال، وخصوصاً القريات، هم محدودو القدرة المالية، ولذلك يجب أن تتدخل الدولة بتوفير الأموال لمساعدة رجال الأعمال في المنطقة والمواطنين، وذلك بإعطاء القروض الصناعية والاستثمارية لمن يريد أن يستثمر وتكون الأولوية لأهالي هذه المناطق ومحافظاتها، وكذلك زيادة قروضهم من الصندوق العقاري وإعطاؤهم شريحة أكبر في الصندوق، وكذلك تسريع المدة لاستلام قروضهم. كذلك لا يفوتني أن من ضمن البنية التحتية إنشاء الجامعات والكليات والمعاهد المتخصصة لتأهيل وتدريب أبناء هذه المناطق ليواكبوا التطور الحاصل، وخصوصاً في المجالات التي سوف تكون المنطقة مكاناً لها مثل التعدين والنقل والخدمات السياحية وغيرها.

وحول المكاسب المتوقعة والمنتظرة للمنطقة أضاف د. العنزي أن المكاسب المنتظرة والتأثيرات المتوقعة كبيرة جداً؛ فهذه المشروعات ستنعكس على الفرص الوظيفية وعلى التنمية الاقتصادية في القريات خصوصاً ومنطقة الجوف عموماً، ولذا ستستفيد القريات من منفذ الحديثة، وأتوقع أن يمتد العمران شمالاً وغرباً حتى الوصول إلى منفذ الحديثة، والجميع يعلم أن الحديثة كمنفذ هي أحد الروافد الاقتصادية التي ساعدت على توسع القريات بشكل كبير بعد إغلاق منفذ طريف في منطقة الحدود الشمالية في السابق، وسوف يزداد هذا الرافد أهمية بعد هذه التطورات الاقتصادية ويكون رافداً اقتصادياً على مستوى الوطن.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد