المؤسسات الوطنية ذات التأثير العام فيما تصدره من أنظمة أو تقدمه من خدمات أو تقوم به من تعاملات تُعد من أهم وسائل التنمية ودعم وتفعيل الحراك الاجتماعي.. وبالتالي لا يجوز إسناد مهمة إدارتها للمتطوعين، أو ترك أمر تمويلها للمتبرعين.. فهذا سوف يجعلها ضحية انشغال المتطوع.. أو استنزاف المتبرع.
والمؤسسات الوطنية التي تمس التنمية في عمقها المعرفي والثقافي والإبداعي وأُقيمت لمخاطبة العقل والفكر وتوجيهه هي من باب أولى أن لا تترك إدارتها إلى متطوع لديه مشاغله الخاصة.. فليس من المنطقي أن يضحي متطوع بعُشر وقته ناهيك عن محاسبته على ما لم ينجزه وهو المتبرع بوقته وجهده.. أو ترك إنتاج تلك المؤسسة وإبداعها تحت رحمة تمويل متبرع ليس من المنطقي مطالبته بما يزيد على زكاة أمواله.
أكتب هذه المقدمة بتأثير ما قرأته للدكتور يوسف العثيمين في مقابلة صحفية معه نُشرت الأسبوع الماضي عن جمعية الثقافة والفنون.. وقال فيها أموراً أخطرها في نظري أنه يرأس جمعية الثقافة والفنون (متطوعاً وبدون مقابل)!؟.
وللتأكد من الأمر وهل هو من باب التواضع من الدكتور.. استفسرت فأفادني الإخوة في الجمعية أن الدكتور يوسف فعلاً يزور الجمعية ساعتين في الأسبوع.. فتأكدت من صدق كلام الدكتور ولا لوم عليه ولا تثريب فلديه مسؤولياته الرسمية.. فهو الأمين العام لمؤسسة تنموية مهمة جداً، وهي مؤسسة الملك عبدالله لوالديه للإسكان التنموي.. وهو أيضاً وجه اجتماعي له نشاطاته الرسمية والاجتماعية والثقافية الواسعة.. وهو كاتب عمود أسبوعي.. وهو عضو في العديد من اللجان.. لذا فلا عجب أنه لا يعطي الجمعية إلا سويعات معدودة من وقته في الشهر.. فهو جهد تطوعي مشكور على كل حال من الدكتور يوسف.. والسؤال الآن لماذا لا يتم تعيين رئيس متفرغ للجمعية براتب؟.
جمعية الثقافة والفنون منتظر منها أن تكون إحدى وسائل التنمية المهمة التي تشارك في تحفيز الحراك الاجتماعي وتوجيهه.. وقد سبق للجمعية أن قامت بدور مهم في الطفرة الأولى في النصف الثاني من السبعينيات الميلادية.. حيث كانت الأكثر نشاطاً والأغزر إنتاجاً وتفاعلاً وإبداعاً في المجالات الفنية والثقافية.. فقد كانت أداة تنفيذية إبداعية.. إضافة إلى دورها في صنع آليات العمل الإبداعي التي شكَّلت بيئة العمل والإنتاج الثقافي على مدار سنوات طويلة.. وإنني أرى أن جزءاً كبيراً مما هو حاصل في وطننا اليوم من حراك ثقافي واجتماعي هو من نتاج تلك المرحلة التي كانت فيها الجمعية اللاعب الأكبر وإن لم يكن الوحيد.. فالذين يقودون الحراك الثقافي من فن وأدب اليوم هم من تلاميذ تلك الحقبة.
لا أعرف ما هو مخطط للجمعية؟.. لكن مهما يكن فإنه ليس من حسن الصنيع ترك الجمعية وفي هذا الوقت بالذات لجهد متطوع.. والله من وراء القصد.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب«5913» ثم أرسلها إلى الكود 82244