تشكل القمة العربية التي تستضيفها مدينة الرياض غدا أهم مفاصل مسيرة التضامن العربي لا سيما أنها تعقد في ظروف استثنائية يمر بها الواقع العربي, مما يجعل هذه القمة أمام رزمة من التحديات والآمال في وقت واحد.
ولعل خير دليل على ذلك تلك التكهنات التي استبقت عقد القمة وتحدثت عن إملاءات خارجية على فحوى وثوابت المبادرة العربية لحل النزاع العربي مع إسرائيل واستعادة الحقوق العربية المستلبة من قبل العدو من خلال عقلية الواقعية والفهم السياسي السليم لبديهيات الواقع الدولي ومسلمات موازين القوى ووضع الإسرائيليين أمام مسؤولياتهم وأمام خيارات السلام العادل الشامل.
لقد حققت القمة العربية أولى نجاحاتها قبل أن تبدأ أعمالها من خلال التأكيد القاطع بعدم وجود أي رسائل أو إملاءات خارجية مع الالتزام بعدم القبول نهائيا بأي تعديلات في مضمون المبادرة العربية التي أطلقتها قمة بيروت ونجح الجانب العربي في ترويجها والحفاظ عليها كأساس ومنطلق للحل الشامل في الشرق الأوسط, وهو الأمر الذي بات محرجاً للإسرائيليين ومحبطاً لمخططاتهم الاستعمارية ومحاولاتهم الدؤوبة للتهرب من مشاريع التعايش السلمي مع الجانب العربي, إلا أن هذا النجاح على الصعيد الخارجي والذي تم من خلال الإصرار عليه وتأكيده عبر القمم العربية السابقة يتطلب أيضا الكثير من الدعم من داخل المحيط العربي وذلك من خلال الالتفاف التام حول أجندة مبادرة السلام العربية والحفاظ عليها من المزايدات القطرية والحزبية الضيقة التي لم يجن منها العرب على مر السنين وخصوصاً في صراعهم مع إسرائيل سوى المزيد من الفرقة والتشرذم, وهو ما نجحت إسرائيل في استغلاله خير استغلال لتكريس سيطرتها الإقليمية.
إن مواجهة الإسرائيليين بمبادرة عربية موحدة توالت القمم العربية على إعادة طرحها بشكل جماعي من أهم المربكات والمنغصات التي يحاول المفاوض الإسرائيلي التهرب منها والفكاك من طوقها للاستفراد بدول الصراع والمواجهة كل على حدة لفرض شروطه وإملاءاته عليها.
كما أن مبادرة السلام العربية التي تتصدر جدول أعمال قمة الرياض تشكل الأسلوب الأمثل والوحيد للتعامل مع العدو الإسرائيلي ولعل بها خير بداية للعمل العربي المشترك في مستقبل الأيام من أجل التعامل مع القضايا والإشكاليات المعاصرة في العالم العربي من خلال روح الجماعة وأسلوب وتكتيك التكتل القومي في مواجهة تحديات ومخاطر الواقع العربي والأطماع الدولية في عصر العولمة والتحالفات الدولية.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244