من المهم أن تدعم المساعي العربية الراهنة قوى دولية فاعلة لإنجاز مهام السلام، وهناك عزم عربي متزايد على ضرورة تفعيل مبادرة السلام العربية، وتكتسب هذه الجهود دفعاً أكبر في القمة العربية التي تستضيفها الرياض الأسبوع الجاري، حيث هناك تأكيد واسع النطاق على أهمية الانتقال بالمبادرة إلى مراحل أكثر عملية.
وزيرة الخارجية الأمريكية التي تزور المنطقة في أجواء الاستعداد للقمة أكدت من جانبها صلاحية المبادرة لإنجاز السلام، وأمنت في ذات الوقت على ضرورة تفعليها، لكنها أرفقت تصريحات لها بالقول: يجب أن تكون هناك محاولة لتحديد ما يمكن أن تقدمه المراحل الأولية للمصالحة من جانب العرب للمساعدة على إقامة دولة فلسطينية.
لقد فعلت الدول العربية الكثير من أجل التقدم باتجاه السلام، وهناك الآن حكومة وحدة وطنية ظهرت إلى الوجود بجهد عربي تمثل في اتفاق مكة المكرمة الذي حظي بتأييد عربي ودولي واسع النطاق، كما أن كل الوقائع تقول: إن التحركات العربية خلال الأشهر الأخيرة تضاعفت باتجاه التسوية المنشودة، وإن إسرائيل هي المطالبة بتحرُّك متساوٍ يمكن الالتقاء معه في وسط الطريق يعكس ما إذا كانت إسرائيل راغبة حقيقةً في السلام، لكن إسرائيل تنظر إلى المبادرة العربية بطريقة مجزأة؛ فهي لا تقبلها بطريقة كاملة، وإنما تتحدث فقط عن (أجزاء يمكن التعاطي معها).
فإسرائيل تطلب مبادرة على مواصفاتها ومقاييسها هي، لا وفقاً للسلام العادل والشامل، وأول أُسس هذا السلام هو إقامة الدولة الفلسطينية، لكن المواقف الإسرائيلية السياسية على الأرض لا توحي بأي أمل في إمكانية قيام هذه الدولة، فلم تعد هناك في الضفة الغربية مساحة تكفي لقيامها؛ حيث تتمدد الكيانات الاستيطانية الكبرى.
ومن الواضح أن الجهد الدولي المطلوب ينبغي أن ينصبَّ على محاولة تغيير المواقف الإسرائيلية حتى تكون مواتية أكثر للسلام، غير أن تجاهل التعنُّت الإسرائيلي يعبر عن عدم واقعية وعدم جدية من جانب الدول الكبرى للمساعدة في إنجاز هذه التسوية.
وسيكون من المفيد أن تترجم معظم الكتل الدولية هذا الدعم للتحرك العربي إلى برامج عمل حقيقية تنفذ إلى صلب التسوية من خلال إقناع إسرائيل وأصدقائها بأن الساحة الدولية لا تحتمل المزيد من التأجيل للمشكلة الفلسطينية، فقط لأن إسرائيل لا تتجاوب بالدرجة الكافية مع مبادرات السلام.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244