فجأة، أعلنت قناة العربية عن توقف بث برنامج (التقرير مع حسين شبكشي) وهو في قمة توهجه الإعلامي. أعتقد أن توقف البرنامج المفاجئ سيترك فراغاً كبيراً في ساحة الإعلام الاقتصادي المتخصص. منذ انطلاقة البرنامج في سبتمبر - أيلول 2005م حفلت الخريطة الفضائية ببرنامج اقتصادي متخصص ملاصق لهموم المشاهدين. نجح البرنامج في تناول معظم القضايا الاقتصادية المهمة في منطقتي الخليج، والعالم العربي، وأثبتت حلقاته شبه اليومية أنها قريبة جداً من الأحداث الاقتصادية المتعددة، خصوصاً ما يتعلق منها بأسواق المال.
على المستوى المحلي نجح البرنامج في تغطية معظم القضايا الاقتصادية وخصوصاً قضية سوق الأسهم التي وجدت مساحة شاسعة من المتابعة والحوار المتخصص. لم يكن مستغرباً أن تستأثر سوق الأسهم السعودية بحلقات مفصلة من برنامج (التقرير) على أساس أنها تمثل العصب الرئيس للمشاهد السعودي والخليجي على حد سواء.
كثر الحديث عن قضايا (التقرير) المطروحة للنقاش، وتباينت آراء المشاهدين حوله بين السلب والإيجاب، وبقيت الغلبة دائماً لمؤيدي البرنامج على حساب المنتقدين وهو ما ضمن للبرنامج متابعة دقيقة، وحضور مميز على خريطة البث الفضائي.
البث اليومي للبرنامج أثر في بعض الأحيان على مستوى الجودة، إلا أنه تأثر سطحي لا يلبث أن يعود إلى توهجه المعتاد.
على حد علمي لم تكن أجواء إعداد البرنامج تتصف بالإيجابية دائماً، فقد كان يتخللها بين الحين والآخر بعض المنغصات التي ربما أثرت في بعض الأحيان على مساحة الحرية المتاحة، أو على خط سير بعض الحلقات، إلا أن حرفية فريق العمل كانت دائماً ما تنجح في التعامل بعقلانية واتزان بين الاتجاهات المتضادة في سبيل مواصلة البرنامج خطه التنويري المميز.
مقدم البرنامج الإعلامي، متعدد المواهب، حسين شبكشي، وفريق العمل، لم يقفوا أبداً عند حدود أدوارهم التقليدية في تقديم البرنامج، بل كانوا في كثيرٍ من الأحيان يصرون على تحقيق السبق الصحفي من خلال بعض الأخبار المميزة التي بثت لأول مرة عبر أثير (العربية) من خلال برنامج التقرير، في الوقت الذي لم يمنعهم استوديو العمل من الانطلاقة نحو تغطية المؤتمرات الاقتصادية المتخصصة، في مناطق شتى.
قضايا المصرفية الإسلامية، والتأمين التعاوني، وبعض التشريعات المعاصرة وجدت من خلال البرنامج مساحة رحبة من الطرح والتحليل والنقاش العلمي المثمر، وأذكر أن بعض الحلقات المميزة، كتلك التي تحدث فيها الشيخ عبدالمحسن العبيكان، عضو مجلس الشورى، عن البنوك الإسلامية والتقليدية، قد أحدثت ردود أفعال قوية ومتباينة أيضاً إلا أنها كانت وبحق، واحدة من أكثر الحلقات تميزاً وصراحة.
قد يقف المشاهد كثيراً عند اسم الإعلامي حسين شبكشي على اعتبار أنه مقدم البرنامج دون أن يتذكر فريق العمل الذي أسهم في إنجاح البرنامج وفرضه على خريطة البرامج المتخصصة.
الإعلامي المميز جمال بنون الذي سرقه الإعداد والإنتاج التلفزيوني من بلاط صاحبة الجلالة (الصحافة)، وفريق العمل كان لهم دور مميز في إنجاح البرنامج وضمان استمراريته على نفس المستوى من الكفاءة خلال مدة البث الطويلة التي تجاوزت 18 شهراً.
باختصار شديد، برنامج (التقرير مع حسين شبكشي) استطاع وخلال ثمانية عشر شهراً من إثراء الساحة الإعلامية الاقتصادية بالموضوعات المتخصصة وأسهم كثيراً في رفع معدل الثقافة الاستثمارية، القانونية، والشرعية في كل ما له علاقة بأسواق المال والاقتصاد بشكل عام.
أكتب عن البرنامج بكل حرية وتجرد بعد أن أُعلن رسمياً عن توقفه بعد زمن من الركض الإعلامي المميز، وما كنت لأفعل لولا الإعلان الرسمي عن وقف بث البرنامج.
برنامج التقرير الاقتصادي، وفريق عمله المميز يستحق منا الإشادة على ما قدموه من حلقات اقتصادية مميزة أثبتت للجميع أن الكوادر السعودية قادرة وبكل جدارة على تحقيق النجاح تلو النجاح متى حصلت على المساحة الكافية للعمل والإبداع، وهو ما أسهمت في تقديمه لهم (قناة العربية) بكل أمانة واقتدار، ولعلنا نتطلع منها إلى المزيد من البرامج الاقتصادية المتخصصة التي تنتج وتقدم بسواعد سعودية خالصة.
f.albuainain@hotmail.com