جاء صدور الأوامر الملكية الثلاثة التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين ونصت على إعادة تشكيل مجلس الوزراء والتمديد لتسعة من شاغلي المرتبة الممتازة مع التعيينات الأكاديمية في إدارة الجامعات ورئاسة ديوان المظالم والرقابة والتحقيق والجمارك، كدليل واضح وجلي على متانة النظام المؤسسي والسياسي السعودي وديمومته، مع احتفاظه بديناميكية التغيير والتطوير الدائمة إن دعت الظروف إلى ذلك، فالتجديد لمجلس الوزراء بكامل أعضائه يعطي ثمارا إيجابية تتمثل في عدم إرباك الوزارات والمصالح الحكومية المليء بقضايا المواطنين من خلال قدوم عقليات وبرامج وأنظمة جديدة، خصوصاً أن بعض هذه الوزارات ومتوزريها لم ينهوا حتى الآن ما بدؤوا به من مشاريع ومعالجات تحتاج إلى أمد طويل ونفس أطول لتؤتي نتائجها وثمارها، وتترجم على أرض الواقع كسياسات عامة تتعامل مع معطيات المجتمع السعودي كمدخلات ومخرجات إدارية وتنظيمية.
إن ما يميز النظام السياسي السعودي عن غيره من الأنظمة الأخرى انتفاء صفة التغيير لأجل التغيير فقط والتي بدأت تنتهجها بعض الدول العربية لتقديم أكباش الفداء لتغطية ما يخيم على أنظمتها من الارتباك التنموي والإخفاقات المتتالية التي جعلت من التغييرات الوزارية ضرورة أمنية تقدم كمسكنات سياسية وأمنية للشعوب من حين لآخر لإعطاء بعض الأمل، وتخفيف الاحتقان السياسي والاجتماعي الساخط على عمل أولئك الوزراء وبيروقراطية وزاراتهم.
كما أن التغييرات التي نصت عليها الأوامر الملكية الثلاثة في إدارة الجامعات بادرة اهتمام ليست الأولى من نوعها من حكومة خادم الحرمين الشريفين التي دأبت دائماً على إعطاء السياسة التعليمية الكثير من اهتمامها سواء من حيث الإنفاق السخي أو من حيث رسم الخطط التعليمية البناءة، فالجامعات والمؤسسات الأكاديمية تعتبر وحدة قياس ثابتة لتطور المجتمعات والمدنيات في الدول بالعصر الحديث؛ فهي محراب العلم وخلية تخريج أجيال المستقبل التي يجب أن تظل عين صانع القرار ساهرة ومفتوحة عليها لتأمين إنتاجها الاجتماعي والإنساني.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244