موظفو السعودية والشيك الذهبي
بلغ عدد موظفي الخطوط السعودية ما يزيد على (25000)؛ خمسة وعشرين ألف موظف، وفي ظني أن هذا الرقم كبير جداً، ويزيد على الاحتياج الفعلي للمؤسسة مما يمكن اعتباره هدراً اقتصادياً يتنافى مع التوجهات التجارية التي يفترض أن يتم سلكها في ضوء التوجه المعلن بخصخصة كل قطاعات المؤسسة.
وبعد مجيء معالي المهندس خالد الملحم وتكليفه بقيادة دفة الإدارة التنفيذية للمؤسسة، تم البدء بتطبيق برنامج (الشيك الذهبي)، حيث تهدف المؤسسة من خلاله إلى تسريح الآلاف من موظفيها عن طريق التقاعد المبكر مع إعطائهم مبلغاً معيناً من المال أخذاً في الاعتبار عدد سنوات خدمة الموظف والمدة الزمنية المتبقية على التقاعد الكامل. وإذ لا زال العمل بهذا البرنامج سارياً وفقاً لما صرح به معالي المهندس الملحم لصحيفة المدينة (الأربعاء 24-2- 1428هـ)، فإنني أود أن أسوق بعض المرئيات حيال هذا البرنامج وكيفية تطبيقه.
منذ أن بدأت المؤسسة بتنفيذ برنامج الشيك الذهبي وحتى الآن، يتضح أن هناك إقبالاً كبيراً من موظفي المؤسسة على التقاعد المبكر من خلال الاستفادة من هذا البرنامج، والسؤال هنا: من هم الموظفون الذين تقدموا لهذا البرنامج مبدين الرغبة بترك العمل في المؤسسة؟ وما قدراتهم؟ وهل قامت المؤسسة بدراسة ملف كل موظف تقدم لهذا البرنامج والوقوف على مدى إنتاجية هذا الموظف وكفاءته؟ ثم هل تم الرجوع إلى رؤسائه ومعرفة آرائهم بهذا الموظف قبل الاستجابة لرغبته بالإحالة إلى التقاعد المبكر؟
ألا يعتقد الإخوة المكلفون بإدارة هذا البرنامج بأن المؤسسة قد خسرت وستخسر عدداً من الكفاءات والخبرات المتميزة التي يتوجب عدم التفريط بها طالما أن المؤسسة لم تفرق بين الموظف المتميز والموظف غير المنتج وذلك عندما فتحت الباب للجميع للتقدم لهذا البرنامج، ودون أن تكون هناك دراسة دقيقة لملف كل موظف متقدم لهذا البرنامج؟
أعتقد أن هناك كفاءات متميزة خسرتهم المؤسسة من خلال هذا البرنامج، وكان الأولى في اعتقادي أن تقدم لهم المؤسسة مزيداً من الحوافز لإقناعهم على البقاء في المؤسسة بدلاً من أن تشجعهم على المغادرة. ثم هل فكر المسؤولون بالمؤسسة بأن شركات الطيران المنافسة المحلية والأجنبية تخطط لاستقطاب الكفاءات المتميزة بالخطوط السعودية، فكيف تقدم إذاً خطوطنا السعودية المساعدة على ذلك من خلال تسريح تلك الكفاءات؟
معالي المهندس خالد الملحم، إذا كانت أعداد من تقدم لبرنامج الشيك الذهبي قد بلغ الآلاف من موظفي المؤسسة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ألا يعتقد معاليكم أن هناك خللاً كبيراً داخل أروقة الإدارة التنفيذية بالمؤسسة مما دفع بتلك الآلاف من موظفي المؤسسة إلى تركها. ولذا نرجو من معاليكم أن تضعوا في الاعتبار أن أعداداً ليست قليلة من الموظفين الذين تقدموا لهذا البرنامج، إنما قرروا التقاعد المبكر بسبب ما لحق بهم من معاناة؛ إما لحجب وإما لتأخر ترقية كانوا قد استحقوها نظاماً، وإما لعدم تقدير كفاءاتهم المتميزة من قبل رؤساء لهم يقلون عنهم كفاءة وقدرة، وإما لحجب مناصب إدارية عنهم على الرغم من أنهم أحق بها من غيرهم.
معالي المهندس، ما قصدته هنا هو أن حرص معاليكم على خصخصة كل قطاعات المؤسسة وإدارتها من خلال عقلية تجارية يتطلب منكم الإبقاء على الموظفين المتميزين، وعدم التفريط بهم، كما يتطلب منكم الحرص على وضع السياسات المناسبة والكفيلة بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، إضافة إلى تحفيز الموظف المنضبط وتقديره ذي الإنتاجية التي تخدم المؤسسة مع أهمية القضاء على المحسوبية والمصالح الشخصية التي أسهمت وبشكل كبير فيما تعانيه المؤسسة من خلل.
مجرد تساؤل
هناك عدد من منسوبي المؤسسة الذين خدموا المؤسسة عشرات السنوات، وتمت إحالتهم للتقاعد المبكر من خلال برنامج الشيك الذهبي وذلك اعتباراً من 1-12-1427هـ، إلا أنهم لم يتمكنوا حتى يومنا هذا من الحصول على راتبهم التقاعدي المستحق. فهل هذا هو التكريم المناسب الذي ارتأته المؤسسة لهم؟
dralsaleh@yohoo.com