تبدأ في الرياض غدا الأحد اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري العربي لمناقشة الملف الاقتصادي الذي سيطرح على قادة الدول العربية في قمة التضامن بمدينة الرياض يوم الأربعاء المقبل.
ويتضمن الملف الاقتصادي للقمة العربية الموضوعات المهمة التي من شأنها تعزيز العمل العربي المشترك ودفعه نحو إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى. وإعداد تقرير شامل حول إقامة الاتحاد الجمركي العربي الذي من المقرر الوصول إلى تعرفة جمركية موحدة عام 2015 وإلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية بين الدول العربية الأعضاء ومناقشة المراحل التي قطعها مشروع السوق العربية المشتركة، التي ستغدو سوقاً مفتوحة على جميع الدول العربية الأعضاء بنهاية عام 2020، وسيقرر المؤتمر إزالة أي عقبات قد تعرقل تحقيق السوق في المدة المقررة، وستعطي القمة لهذين المشروعين الاقتصاديين أهمية بالغة حتى يتم تنفيذهما في توقيتهما المحددة، وكذلك التوصيات الصادرة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي بشأن قواعد المنشأ التفصيلية للسلع العربية، كما أن الملف الاقتصادي للقمة يتضمن بندا خاصا بمحكمة الاستثمار العربية التي طالب بها المستثمرون من القطاعين العام والخاص، كما سيناقش مرفق البيئة العربي وإنشاء قمر صناعي عربي لمراقبة كوكب الأرض والاستراتيجية العربية للاتصالات والمعلومات عن الفترة 2007-2015 ومشروع استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة للعقدين القادمين 2005م. ثم يعقد بعد غد الاثنين اجتماع وزراء الخارجية لوضع جدول الأعمال النهائي للقمة وإعلان الرياض ورفعهم إلى القمة العربية التي تعقد يوم الأربعاء المقبل.
من جانب آخر أكد وزير التجارة والصناعة المصري المهندس رشيد محمد رشيد أن العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية شهدت طفرة كبيرة خلال العامين الماضيين مشيراً إلى أن المملكة تمثل أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر، كما أن البلدين يقودان معاً مسيرة التعاون الاقتصادي العربي ويبذلان كافة الجهود لدفع العلاقات الاقتصادية العربية.
وقال رشيد قبل زيارته للمملكة ضمن الوفد المصري المشارك في قمة الرياض إن هناك توجها إيجابيا نشهده حالياً وهو أن القمم العربية بدأت تعطي اهتماماً أكبر للجانب الاقتصادي بعد أن كان التركيز الأكبر على القضايا السياسية، وأشار إلى أن الملف الاقتصادي لقمة الرياض يتضمن العديد من القضايا الهامة التي تضمن إعطاء دفعة كبيرة للعمل الاقتصادي العربي المشترك وستهتم القمة هذه المرة بمتابعة موضوع السوق العربية المشتركة وما تم فيه من إنجازات والمعوقات التي لا زالت أمامه وسيكون التركيز على اتفاقية التعاون الجمركي أو تأسيس الاتحاد الجمركي العربي كخطوة تالية لاتفاقية تيسير التجارة العربية وهى خطوة أساسية لانطلاق السوق العربية المشتركة بعد توفير منظومة جمركية موحدة بين الدول العربية.
منطقة التجارة الحرة
وأوضح أن وزراء التجارة العرب كانوا قد عقدوا مؤخراً اجتماعا مهماً لحل نقاط الخلاف حول قواعد المنشأ التي كانت تعد عائقا أساسياً أمام حركة التجارة العربية وسيعقد الوزراء اجتماعا آخر خلال الأسابيع القليلة المقبلة لتحديد القواعد التي يتم الاتفاق عليها ليقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي في اجتماعه المقبل خلال شهر مايو. وأضاف إن توقيع مصر والسعودية على البرنامج التنفيذي لاتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية المنشئة لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والوصول للإعفاء الكامل من الرسوم الجمركية يمثل القدوة لباقي الدول الموقعة على الاتفاقية أو للدول التي في طريقها للتوقيع وذلك هو السبيل الملائم للوصول بالتجارة البينية بين الدول العربية للمستوى المأمول.
وأكد رشيد أن هناك تحركا حقيقيا فيما يخص التجارة العربية البينية مشيرا إلى أن حجم التجارة العربية ارتفع من 8% إلى 13% خلال عام 2005 وأن هناك كيانات اقتصادية في كل دولة عربية أصبح لها التواجد والفاعلية لأن السوق الإقليمية تعتمد على الشركات الإقليمية. وأوضح رشيد أن نجاح أي سوق إقليمية كالسوق العربية المشتركة التي نسعى لتحقيقها يعتمد على وجود توجه حكومي يؤمن بفاعلية هذه الأسواق ووجود بنية تحتية بين الدول العربية وهى مسئولية حكومية في المقام الأول تقوم على الشراكة مع القطاع الخاص من طرق وموانئ وخدمات مصرفية واستثمارية، وكذلك وجود شركات إقليمية قادرة على المنافسة. وقال إن هذه الشركات الإقليمية تمثل المستقبل مشيرا إلى أن هذا ما يحدث في أوروبا وآسيا وأمريكا في إطار العولمة ومنظمة التجارة العالمية التي تعتبر مصر والسعودية أعضاء فيها.
مرحلة جديدة
وأكد رشيد أنه منذ لقائه بوزير التجارة والصناعة السعودي بالمملكة منذ عامين، والعلاقات الاقتصادية بين البلدين بدأت مرحلة جديدة تم فيها تجاوز كل المشكلات التي تعوق حركة التجارة والاستثمار بين البلدين وانعكس ذلك إيجابيا على حجم التبادل التجاري والاستثماري المشترك. وأشار الوزير إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين شهد نمواً ملحوظاً خلال العامين الماضيين، حيث بلغ نحو مليار و173 مليون دولار خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر 2006 ومال الميزان التجاري خلال هذه الفترة لصالح المملكة بمقدار725 مليون دولار، حيث بلغت الصادرات المصرية للمملكة خلال هذه الفترة 224 مليون دولار مقابل 949 مليون دولار واردات، كما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2005 حوالي 2 مليار و841 مليون دولار وكان الميزان التجاري خلال 2005 لصالح المملكة بنحو مليار و247 مليون دولار، حيث بلغت الصادرات المصرية للمملكة 797 مليون دولار مقابل 2044 مليون دولار واردات. وتتمثل الصادرات المصرية للمملكة في الحديد والصلب والموالح والبصل الطازج والخضروات المجمدة والأرز والأدوية والسيراميك بينما تتمثل أهم الواردات في البتروكيماويات والسولار.
وأضاف رشيد أن الزيادة في حجم التبادل التجاري بين مصر والسعودية جاءت نتيجة التنسيق الكامل والتعاون المستمر بين الجانبين في حل جميع المشكلات التي تعوق حركة التبادل التجاري والإجراءات التي تتخذها البلدين لتيسير وتنشيط حركة الاستثمارات بين البلدين. كما أرجع الوزير هذه الزيادة إلى تبادل نسب الإعفاءات في إطار اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري والذي وصل إلى الإعفاء الكامل للرسوم الجمركية في بداية عام 2005 ووجود الخط الملاحي (ضبا/ سفاجا) الذي ساهم في خفض تكلفة ووقت النقل بين البلدين. وأكد رشيد وجود إرادة حقيقية حكومية وحرص على التبادل التجاري والاستثماري وزيادة القدرة التنافسية والإدارة الحكيمة في العديد من شركات القطاع الخاص في البلدين.وقال إن مجتمع رجال الأعمال في البلدين لديه القدرة على النجاح في الأسواق المحلية والتطلع إلى الأسواق الإقليمية.
بحث معوقات التبادل التجاري
وأشار رشيد إلى أن هناك مباحثات مستمرة بين المسئولين في البلدين لحل المشكلات التي تعوق تنمية التبادل التجاري أولا بأول، والوقوف على فرص الاستثمار المتاحة لمشاركة رؤوس الأموال فيها سواء في مصر أو في السعودية، مشيراً إلى أن هذه المباحثات تأتى في إطار حرص مصر والسعودية على تطوير وتعميق العلاقات الثنائية في شتى المجالات خاصة بين الشركات والقطاع الخاص في مصر والسعودية للوصول بمستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى مستوى العلاقات السياسية والأخوية المتميزة بين القيادتين والشعبين في البلدين.
وأعلن وزير التجارة والصناعة المصري عن قرب التوقيع على اتفاقية عدم الازدواج الضريبي بين مصر والسعودية خاصة في ضوء تفاهم الجانبين على أهمية هذه الاتفاقية. وأشار كذلك إلى قرب الانتهاء من إجراءات الاتفاق على مواصفات عربية مشتركة موحدة بين البلدين مما يساعد على زيادة التجارة المشتركة. كما أن هناك إجراءات أيضاً بشأن إنشاء شركة قابضة لتشجيع الاستثمار بين مصر والسعودية لخدمة المستثمرين في البلدين، وهناك لجان مشتركة بين البلدين تعمل حالياً على إنجاز هذه المهام.
مساهمة رؤوس الأموال السعودية
وحول الاستثمارات السعودية بمصر قال المهندس رشيد إن السعودية تحتل مركزاً متقدماً بين الدول العربية المستثمرة في مصر حيث تساهم رؤوس الأموال السعودية في 989 شركة في مصر تصل رؤوس أموالها بنحو 7.5 مليار جنيه حتى نهاية أغسطس 2005 وتحتل الزراعة مركز الصدارة في الاستثمارات السعودية بمصر حيث بلغت الأموال المستثمرة في هذا القطاع 501 مليون جنيه بنسبة 52% تتوزع في 116 شركة تعمل في المجال الزراعي، وتحتل الصناعة المركز الثاني بنسبة 39%، ثم المشروعات السياحية بنسبة 27%، ثم الخدمات المالية بنسبة 12%، ويأتي بعد ذلك المقاولات والخدمات الصحية. وأشار وزير التجارة إلى أن شركة سابك السعودية تخوض مفاوضات حاليا مع وزارة البترول المصرية لإقامة مشروعات في مجال البتروكيماويات لكنه لم يفصح عن تفاصيل هذه المفاوضات.
كما أشار إلى إنشاء مشروع ضخم لإنتاج السكر في العين السخنة باستثمارات سعودية، مؤكدا أن الحكومة المصرية تبدى اهتماما كبيرا بالمستثمر السعودي وتعمل على إزالة كافة المعوقات والمشكلات التي تواجهه وفى هذا الإطار تم مؤخراً تأسيس مكتب لخدمة المستثمرين السعوديين يتولى التنسيق في هذا الشأن مع السفارة المصرية بالرياض والقنصلية المصرية في جدة .
لافتاً إلى أن إنشاء هذا المكتب جاء بناء على توصيات اللجنة المصرية السعودية المشتركة التي عقدت 2005م.