جاء الحوار المهم الذي نشر هنا أمس الأول مع الرئيس السوري بشار الأسد في وقت مفصلي، ليكتسب من هذا المنظور أهمية التوقيت والمضمون حيث يعتبر هذا الحوار نهجا إصلاحيا للمسلك القومي يفضي إلى ترطيب أجواء القمة العربية المزمع انعقادها في الأسبوع القادم في الرياض.
ومعروف أن العلاقات السورية - السعودية قد اعترتها غمامة داكنة ظللت سماء البلدين، لكن تاريخية العلاقة بل وشخصانيتها ممثلة في العلاقة التاريخية بين سورية والمملكة التي أشار إليها الرئيس بشار في حواره، هذه العلاقة التي ربطت الرئيس الراحل حافظ الأسد بقادة هذه البلاد أسهمت في تثبيت العلاقة وتناميها ثم عودتها كلما اعتراها فتور إلى سابق عهدها. وعزز من هذا الأمر كما يقول الرئيس بشار الدور الأساسي لديناميكية السياسة العربية الذي تمثله بشكل جلي كل من المملكة ومصر وسورية مع إدراك مكانة الدول العربية الأخرى.
وأي غمامة أو توتر أو خلاف يعتري هذه العلاقة المفصلية لهذه الدول الريادية لا شك ينعكس سلبا على الوضع العربي.. ولعل هذا بات ملموسا خلال الفترة الماضية، مما يدعم حالة التفاؤل بحلحلة الوضع العربي الراهن بعد عودة المياه إلى مجاريها التي ستنعكس إيجابا على نتائج قمة الرياض العربية وستسهم في إذابة الظروف الحرجة التي تمر بها المنطقة.
لقد جاء حوار بشار مع أبو بشار ليسكب الماء البارد على هذه الجروح الدامية ويشيع سحابة عامرة من التفاؤل في الأوساط الشعبية العربية التي تدرك سوء الأوضاع التي تمر بها الأمة العربية من خلال ما يتهددها من مخاطر.. ومن خلال الألغام التي تنزرع في الأرض العربية وتنفجر حينا وحينا في فلسطين ولبنان والعراق.
لقد جاء حوار الرئيس بشار الأسد ليزيل كل الشوائب العالقة والباقية التي تظلل علاقة سورية مع المملكة ومصر والأردن وتزيل كل المخاوف التي كانت تشير إليها بعض التحليلات السياسية في أن سورية قد راهنت على الحصان الفارسي.. ميزة هذا الحوار الصحافي المهم هو في توقيته الفاصل، وفي مضمونه الإيجابي، وميزته الأهم أنه جاء ليرطب الأجواء ويوسع قاعدة الفأل العربي، إنه حوار إزالة اللبس في العلاقة السورية - السعودية الأزلية التي كانت نهبا للشك والتأويل من خلال بعض الكتابات محدودة الرؤية كما وصفها بشار الأسد.
وهو حوار الامتنان الذي أظهره الرئيس بشار حين أشار إلى الدور السعودي الكبير والوقفة الملكية الأخوية التي وقفها الملك عبد الله شخصيا بشكل مباشر مع الرئيس بشار ومع سورية حين تعرضت لهجمة شرسة جدا كما أشار في حديثه.
وهذا الامتنان ليس بغريب على الرئيس بشار مثلما أن موقف الملك عبد الله ليس بغريب وهو الوطني العروبي المخلص الذي يعمل على مكامن الاتفاق فيعضدها.. ومواطن الخلاف ويفتتها.
هذا الحوار وقمة الرياض العربية القادمة نافذة يأمل من خلالها المواطن العربي أن تزيل انكساراته ويأسه من القمم التي لا تعمل شيئا.
إن هذا الحوار وثيقة تاريخية سياسية تعزز وتجذر العلاقة العربية وتصلح ذات البين.