Al Jazirah NewsPaper Saturday  17/03/2007 G Issue 12588
رأي الجزيرة
السبت 27 صفر 1428   العدد  12588
الخصوصية الثقافية

أضحت الكثير من الهويات الثقافية لشعوب العالم مهددة بالاضمحلال، أو لنقل الانصهار في بوتقة هوية العولمة الموحدة والمسيطرة على الأجواء الفكرية والمعرفية في كثير من بلدان العالم، ونعني بها الهوية والثقافة الأمريكية التي ترافق انتشارها ومحاولات تفردها في العالم مع تفرد الإدارة الأمريكية في صنع القرار الدولي، وهيمنتها على الهيئة الأممية عن طريق استغلال حق النقض الفيتو.

هذه الثنائية الاحتكارية والاستباقية في المجالين السياسي والثقافي تمكننا من القول إن الاستعمار في هذا العصر قد تحول من مراحله العسكرية والاقتصادية إلى مرحلة استعمار العقول والأذهان من خلال السيطرة على النمط المعيشي والنزعة الذوقية التي تحققت من خلال انتشار الشركات المتعددة الجنسيات والماركات الأجنبية، وثقافة (الستلايت) وهو الأمر الذي يحتاج إلى وقفات جادة في البلدان التي تريد المحافظة على خصوصيتها وإرثها الثقافي والمعرفي وتحصينه ضد موجات التغريب والأمركة التي تجتاح العالم ككل، والشرق الأوسط خاصة، إلا أننا وكي لا نقع في حبائل التقوقع على الذات، فيجب التأكيد على ضرورة أن تكون هذه الوقفة الجادة وسطية التعامل، فلا يجب أن تكون مقدمة للإفراط أو التفريط، أو سبباً للانغلاق عن الآخر أو الارتماء في أحضانه تحت مسميات العصرنة والتمدن، التي استغلها الكثير من لا منتمي العالم العربي لتسويق نظرياتهم وأطروحاتهم التغريبية، التي وإن جاءت تحت هذه المسميات البراقة إلا أنها تجاهلت أنه ليس كل ما يستقدم من الخارج قد يكون صالحاً للاستعمال بالداخل، فما بالك بالفكر وأسلوب العيش وقناعات الثقافة.

ولعل الكثير من دعاة الأمركة الثقافية والتغريب الذوقي في أنماط العيش قد فاتهم أن هناك فكراً مقلداً وفكراً أصيلاً؛ الأول منه تطرده الذاكرة الجمعية للشعوب، وتلفظه بديهيات ثقافة الأمم التي ترفض كل نبتة غريبة قد تزرع عنوة في أراضيها، ولا تكون نتاج فكر أصيل حضاري الانتماء والمنشأ وطني الفهم والتاريخ.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد