برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة تُعد غريبة بل خطرة للغاية، لم نعهدها من ذي قبل، وهي قضية كثرة تأجيل انعقاد الجمعيات العمومية للشركات المساهمة السعودية، ويُذكر حول ذلك أن السبب الرئيس هو عدم اكتمال النصاب القانوني لعدد الأسهم التي تمثل أصوات الحاضرين، الغريب في أمر هذه الشركات التي تعلن عن تأجيل انعقاد اجتماعاتها العمومية في المرحلة الراهنة، أنها شركات لم نعهد لها أن حدث لها أي سبب أو عائق ما يؤدي إلى تأجيل انعقادها في السنوات الماضية، خصوصاً تلك الشركات التي لا تزال تحتفظ الدولة بأسهم وفيرة لها قد تتجاوز الـ50%، فماذا يعني هذا يا ترى؟.. هل أن ممثل الدولة يكون غائباً وقت انعقاد الجمعية العمومية، والسؤال المرادف هنا، لماذا يتغيب، وهل ذلك غياب مقصود أم عرضي.. ثم ما هي الأسباب الأخرى يا ترى في تأجيل انعقاد جمعيات الشركات التي قد لا يكون للدولة نصيب المشاركة فيها، هل كبار مالكي أسهمها غير متواجدين في البلاد وقت توجيه الدعوة ووقت ميعاد انعقاد الاجتماع، أم أن هؤلاء الكبار لا تعنيهم مسألة الحضور والمشاركة في انعقاد هذه اللقاءات؟.. كما أن اللافت للأمر أن هذه الظاهرة طالت الكثير من الشركات، خصوصاً تلك الشركات التي تجاوز عمرها العشرين عاماً، فهل أصبح الاهتمام بهذه الفعاليات النظامية شيئاً من الماضي ولم يعد اهتماماً حاضراً، سواء كان ذلك بسبب كبر سن كبار مالكي الأسهم، وعدم رغبتهم في الحضور أو حتى عدم ثقتهم بغيرهم بالإنابة في الحضور عنهم، إن موضوع المشاركة في هذه اللقاءات، يُعد من الأمور المصيرية لإنجاح خطط وتوجهات أعمال هذه الشركات، حفاظاً على أموالها وأصولها، وثباتها في مستوى المنافسة المطلوبة، ناهيك عن أن كثرة تأجيل انعقاد هذه الجمعيات ينعكس سلباً على أداء وتطوير أعمال الشركة، فقبل أن يكون أولئك المؤسسون أو المساهمون الكبار ملاكاً ومن حقهم المحافظة على ممتلكاتهم، فلا بد أن يعوا أن هناك مساهمين صغاراً ربما أن البعض منهم اقتناؤه لأسهم هذه الشركة أو تلك هو سبب امتلاك شخص ما يثق فيه ويطمئن بمسيرته الاقتصادية والاجتماعية على نصيب كبير من رأس مال الشركة، أو من خلال اطمئنانه على القيادة في هذه الشركة، فلا يمكن للجميع أن يخذلوا هذه الفئة التي ربما أنفقت الكثير أو الكل مما تملك في سبيل المساهمة في تلك الشركة تأملاً من النيْل من عوائد مجزية له ولمن يعول، إننا نوجه دعوة لأولئك المؤسسين وكبار المساهمين ألا تتكرر مثل هذه السيناريوهات غير المقبولة التي تنعكس سلباً على مستقبل شركاتهم، ودعوة خاصة إلى هيئة سوق المال، من خلال مساعيها الرامية إلى تطوير أداء الشركات المساهمة، أن توجد آليات تدعم هذا السلوك الخاطئ والمضر على مستقبل شركاتنا الوطنية.
كاتب اقتصادي - ناسوخ 2697771-01