يعقد اليوم في بغداد المؤتمر الدولي حول العراق بمشاركة الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن ودول الجوار التي تتصدرها في التأثير على الوضع العراقي دولتا إيران وسوريا، اللتان تعهد المسؤولون الأمريكيون بأنهما ستتعرضان للتحدي والإحراج للرد على الأسئلة أمريكية خاصة، أمام الحضور الدوليين حول أعمال العنف في العراق وعلاقتهما بهما بشكل مباشر، وفي ذات الحين قال المسؤولون الإيرانيون إن طهران تعتزم تقييم السياسة الأمريكية خلال المؤتمر الدولي.
ما نحن أمامه من التحديات والتعهدات بالإحراج التي سيواجهها في المؤتمر الدولي اليوم إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذا البلد المنكوب الذي أصبحت أراضيه وأمنه واستقراره مسرحاً لتصفية الحسابات الدولية وتوجيه اللكمات الأمنية والميدانية بين المتصارعين الدوليين أصبحت أيضا المؤتمرات الدولية التي تعقد لأجله ومن أجل مستقبله واستقراره السياسي مجالاً لتوجيه الكلمات والأسئلة المحرجة بين المؤثرين به وعليه (مما يهدد بضياع العراق بين اللكمات والكلمات الدولية) كان الأولى بالإدارة الأمريكية والسلطات الإيرانية أن تعلن عزمها على إطلاق مسيرة مصالحة وطنية من خلال هذا المؤتمر بين كافة ألوان الطيف العراقي يعاد فيها الحق لمن اهتضم منه وتوقف من خلالها شلالات الدم وتصفية الأشخاص على نمط المذهب والانتماء، وكان على الأمريكيون أن يعلموا أن العراق أكبر من صراعهم الدولي مع إيران وأن عليهم التزاماً أخلاقياً وإنسانياً يتمثل في المحافظة على نسيج المجتمع العراقي من أخطار المذهبية والطائفية المقيتة قبل الهرولة والهروب من أراضيه، وهو الأمر الذي بات قاب قوسين وأدنى، كما على إيران أن تلتزم بإيقاف ممارساتها الامتدادية داخل الأراضي العراقية التي لم يجن منها الشعب العراقي إلا مزيداً من التخندق الطائفي والتمترس المذهبي الذي حول العراق إلى كانتونات شيعية وسنية وغيرها من العرقيات والمذاهب التي تتسابق لاهتضام بعضها البعض لا لشيء إلا لانتماءات مذهبية ضيقة وولاءات إقليمية خرقاء لن تعود على متبعيها إلا بمزيد من التوهان الوطني والقومي الذي سيقودهم في آخر المطاف إلى لعب أدوار الطابور الخامس وحصان طروادة المستغل أسوأ استغلال قبل أن تشعل النار في أخشابه المتهالكة.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244