Al Jazirah NewsPaper Friday  09/03/2007 G Issue 12580
الاقتصادية
الجمعة 19 صفر 1428   العدد  12580
أقوى صعود للمؤشر في ضوء تراجع البورصات العالمية
سابك والكهرباء والراجحي تكسر نقاط مقاوماتها الصعبة

* د. حسن الشقطي *

أغلق مؤشر السوق هذا الأسبوع عند 8772 نقطة، وهو مستوى قمة لم يكن متوقعا إلى وقت قريب، فقد ربح بهذا الإغلاق نحو 596 نقطة بنسبة 7.3%. ويرتفع هذا المستوى عن مستوى المقاومة الصعبة التي كانت يثار الجدل حول مقدرة المؤشر على اختراقها منذ أيام قليلة. وقد تمكن المؤشر من اختراق مستوى المقاومة الصعبة عند 8500 نقطة والتماسك فوقها بفعل تناوب القياديات علي دعمه، حيث بدأ بالراجحي فور الإعلان عن منحته منذ يوم السبت والأحد، ثم الكهرباء التي اخترقت مستوى مقاومتها بقوة يوم الثلاثاء، ثم تلاه سهم سابك في اليوم الأخير من تداولات الأسبوع والذي حققت فيه ما لم يكن في الحسبان من اختراق مستوى المقاومة العاتية عند 123 ريالا، بل صعد السهم حتى بلغ 127.5 ريالا، وهو مستوى غادره في أكتوبر من العام الماضي. ورغم معرفة أن كافة هذه الأسهم تنتمي لشركات العوائد الكبيرة، وأنها منذ فترة وهي تتحرك في جمود حول مستويات سعرية جذابة ومقبولة. إلا أن ما يثير الجدل أن الحركة المفاجئة لهذه الأسهم لا يوجد ما يبررها حتى الآن، فلا محفزات إيجابية ولا أخبار معززة... فلماذا ركدت في السابق لكي تتحرك الآن؟ وإذا لم يكن لتحركاتها الآن ما يبررها، فما دلائل ذلك؟ أيضا من اللافت للنظر أن المكاسب الكبيرة والملموسة للسوق السعودي تحققت في ظل فترة تشهد فيها معظم البورصات العالمية تراجعا كان حادا في كثير منها، فأزمة الهبوط العالمية منذ 26 فبراير الماضي في بورصة الصين لا تزال مستمرة، بل تزايدت حدتها خلال الأسبوع الأخير، لدرجة أن كافة البورصات العالمية الكبرى عانت هذا الأسبوع أيضا من حالة تراجع نسبي. فهل هذا يؤكد فرضية أن السوق السعودي فريد في صعوده وتراجعاته؟

لأول مرة ومنذ فترة طويلة يربح المؤشر 7.3% وسابك 8.2%:

لقد كسر المؤشر هذا الأسبوع العديد من المقاومات الصعبة التي شكلت حواجز نفسية لدى المتداولين، حيث أحرز صعودا بنسبة 7.3%، وهي نسبة تعتبر مرتفعة نسبيا لأدائه خلال الأشهر القليلة الماضية. وقد جاء هذا الصعود مختلفا بقيادة أسهمه الكبيرة بعد زمن من تكالب العديد من الأسهم الخاسرة على قيادته. وقد تزامن هذا الصعود الملحوظ مع صعود سهم سابك بنسبة 8.2%، وهي نسبة غير معتادة لحركة السهم منذ نهاية الربع الثالث من عام 2006م. كما أن تحقيق المؤشر لصعود خلال أربعة أيام متتالية (تخللها هبوط طفيف) خلال هذا الأسبوع قد أعاد الثقة للمتداولين في السوق بشكل برز جديا من التزايد الآني في حجم السيولة المتداولة من يوم لآخر. بالتحديد، فقد أغلق المؤشر عند 8772 نقطة، وهو مستوى يفوق أدنى قاع وصل له المؤشر عند 6767 خلال الشهر الماضي بنسبة 29.2%.

صعود بلا جني أرباح...

يوجب الحذر!

رغم التفاؤل الكبير بالمسار الصاعد الذي هو مستمر منذ شهر تقريبا، إلا أن تحركات المؤشر في وتيرة صاعدة وسريعة ولا يتخللها جني طبيعي للأرباح يثير القلق. كما أن تناوب الحركة غير المعتادة لبعض الأسهم القيادية الراكدة منذ زمن أيضا يثير القلق ويوجب التعامل بحذر مع تفسير... هل فعلا الطلبات الكثيفة على هذه الأسهم هي طلبات للتجميع؟؟ بالطبع إن أدنى درجات الذكاء تقول لا بد أن يسعى كل متداول للاستفادة من هذا المسار الصاعد بأقصى قدر ممكن، ولكن ينبغي أن يكون أول من يجني أرباحه في أسهم المحفظة حتى لا يكون مصيدة للآخرين. كما ينبغي أن لا يضع كل السيولة في سهم معين حتى ولو كان من أسهم العوائد التي أظهرت نشاطا مؤخرا، حتى إن كان قياديا، فلا بد لكل متداول أن يستوعب الحركة التاريخية لسعر هذا السهم، وأن يفترض معاودته لمساره التاريخي مرة ثانية في أي لحظة.

توقعات بوصول السيولة اليومية إلى 50 مليار ريال إذا استمر المسار الصاعد!!!

لقد عادت السيولة المتداولة إلى عهدها السابق نسبيا بعد التحسن الكبير الذي طرأ عليها خلال هذا الأسبوع. ولعل أبرز إنجازات السوق في الوقت الحالي هو تماسك مستوى السيولة المتداولة فوق مستوى الـ20 مليار ريال يوميا منذ يوم الأحد الماضي، بل إنها سجلت معدلات تفوق الـ20 مليار على مدى الأيام الأربعة الأخيرة من تداولات هذا الأسبوع. وهو الأمر الذي يؤكد فرضية ضخامة حجم السيولة النائمة في السوق السعودي، بما يؤكد أيضا فرضية أن استمرار المسار الصاعد للمؤشر قد يقود إلى إيقاظ أجزاء جديدة من هذه السيولة النائمة من سبات الخوف والقلق. وعليه، فإذا كان أعلى حجم للسيولة المتداولة في السوق وصل في فبراير 2006م إلى ما يناهز الـ47 مليار ريال، فإن استقرار المسار الصاعد وثبات السوق الآن يمكن بسهولة أن ينبئ ببلوغ هذه السيولة اليومية إلى مستويات أعلى، وبخاصة في ظل وجود رابحين يمتلكون سيولة نائمة يترقبون السوق، ويلعبون لعبة الخطف السريع باستخدام أجزاء صغيرة من السيولة النقدية لديهم. إن هذه السيولة متعطشة للدخول، ولكنها تتخوف من عودة المسار الهابط، ونؤكد أنها لن تستغني عن هذا السوق، ولا يوجد ما يلبي تحفيزها سواه.

هل استعدت هيئة السوق المالية لمواجهة استفاقة السيولة النائمة؟

إذا كان الحديث عن ضخامة السيولة المتداولة المتوقع ضخها في السوق تدريجيا أن تأكد استقرار السوق، إذا كان هذا الحديث يسعد كثيرا المضاربين في السوق، فإنه لا يمكن أن يكون يسعد هيئة السوق المالية أيضا. لأن هذه السيولة إن وصلت إلى معدلاتها القديمة ما فوق الـ30 أو 40 مليار ريال، فإنها بلا شك ستقود إلى صعود قوي وسريع للمؤشر لا يوجد ما يبرره في أوضاع الشركات أو أسهمها. وبالتالي سيصبح السوق بمتداوليه عرضه للتصحيح القاسي مرة ثانية. لذلك، فإن هذه المشكلة من الآن تبدو هي الهاجس الرئيسي الذي ينبغي إيجاد الحلول الجذرية له. ولكن كل ذلك يرتبط باستمرار المسار الصاعد، الذي يقول البعض إنه لا يمكن الثقة فيه بشكل كامل!!

اشتعال المضاربات تعيد السوق من جديد لمخاوف عدم الانضباط!!!

ما لبث السوق أن استعاد عافيته إلا وعادت المضاربات واشتعلت من جديد، اليوم وأمس وقبل أمس لم ولن يتحدث أحد من المتداولين عن اضطراب السوق من خلال تأثره بقسوة المضاربات التي تتم إما على أسهم خاسرة لا قيمة منها أو لها أو من خلال تدويرات لا تستهدف سوى الخداع والمكيدة. مع كل ذلك، لا ينكر أي من المتداولين في السوق ما يحدث، فهم يعتبرون أن هذا الوضع صحي لأنه يخلق الطلب ويحرك الراكد والجامد في السوق، ومن ثم فهم رابحون وإن لم يربحوا اليوم سيربحون غدا. ولكن الكثير منهم لا يتوصل إلى حقيقة الأمر إلا متأخرا، في أن هذه المضاربات هي التي تقود السوق إلى صعود غير مبرر، وبالتالي تضع المؤشر في مستويات غير منطقية، وبالتالي تعرضهم فيما بعد لتراجعات قوية لأسعار أسهمهم. إن المؤشر إذا استمر وتماسك في مساره الصاعد وأصبح يتحرك في سياق يتفق مع الأخبار والمعلومات الجديدة عن السوق والأسهم سيصبح أفضل حالا من وضعه الحالي الذي يقوم على أساس الربح الكبير والسريع، ثم السقوط العنيف. إن هذا التحذير لا يقوم من فراغ، ولكن من خلال علامات وإشارات إن لم تجد من يستمع إليها ويضع ضوابط لها قد نرى ما يسوء... من أبرز هذه العلامات ما يلي:

1- صعود القطاع الزراعي بنسبة 44% خلال شهر واحد، وصعوده بنسبة 70.4% خلال 3 شهور. فما الذي حققه القطاع الزراعي أو حققته أسهمه بشركاتها لكي تربح أعلى من 70%، بالطبع لا شي ولا ارتباط بأداء القطاع الذي معظم أسهمه تنتمي لشركات خاسرة.

2- صعود قطاع الخدمات بنسبة 32% خلال شهر واحد، ويتشابه وضع هذا القطاع مع القطاع الزراعي تقريبا، في أن العديد من أسهمه تنتمي لشركات خاسرة.

3- أن الشركات الخمسة التي تتصدر الأداء الشهري كأعلى شركات رابحة هي أسهم لشركات خاسرة أو ذات مؤشرات مالية غير جذابة كما يتضح من الجدول (2).

4- تحرك بعض القياديات بلا مبرر بعد تراجعها ثم جمودها لفترة طويلة.

أقوى صعود للسوق السعودي في ظل استمرار أزمة تراجع البورصات العالمية

بشكل متصل ومنذ 26 فبراير الماضي عندما هبط مؤشر سوق المال الصيني بمعدل 8.8% في يوم واحد، لا تزال أسواق المال العالمية تعيش أزمة هبوط، ربما يستثنى منها القليل والنادر من أسواق المال العالمية، فأسواق آسيا جنوبها وشرقها، والأسواق الأمريكية، وأسواق أوروبا تكاد تكون جميعها تأثرت - ولو بنسب صغيرة - بهذه الأزمة. وقد امتدت تأثيرات هذه الأزمة إلى أسواق المنطقة العربية، التي من أبرزها السوق المصري الذي سجل تراجعا بنسبة 4.6% على مدى العشرة أيام الأخيرة. في ضوء كل هذا التشاؤم والخوف، سجل السوق السعودي صعودا غير معتاد بنسبة 7.3%، وهي نسبة لم يحققها منذ شهور عديدة. فبعد ركود وجمود دائم تكسرت معه نفسيات المتداولين، تحرك الراكد في السوق، وعادت المياه لأراضي البور بعد طول جفاف. بل أنه على ما يبدو أن قياديات السوق لا يحركها إلا انتكاسات الجميع، فصعود سابك والكهرباء بمعدلات استثنائية أصبح يثير التساؤل حول علاقة صعود أسعار قياديات السوق والانهيار الذي تشهده الأسواق العالمية.

السوق يعيش الآن أوضاعا إيجابية ولكن ينبغي التعامل معها بحذر نتيجة الوتيرة غير العادية للصعود، فالصعود السريع الذي لا يتخلله جني أرباح مواز غالبا ما يعقبه هبوط قد يصل لمرحلة القسوة. كما أن الصعود بلا محفزات منطقية أو معقولة للمتداولين يصنع حالة من الخوف لدى كبار المتداولين. الأمر الذي يعجل بسعيهم لجني أرباح الدورة خوفا من أن يسبقهم عامة المتداولين في السوق. لذلك، ينبغي معرفة أن قيام صغار المتداولين بجني أرباحهم لا يقود إلى شيء، ولكن قيام كبار المستحوذين على حصص كبيرة في السوق بجني أرباحهم يؤدي إلى إنهاء المسار الصاعد بكامله. ومع كل ذلك، فلا ينبغي التفكير في الاستثمار العشوائي في السوق، وبخاصة مع تحرك الكبار، فليس كل الكبار على نفس القدم، ولدينا مؤشر هام ومفيد في تقييم الكبار، هو مؤشر السعر للقيمة الدفترية الذي يحتاج إلى تفحص عميق لاتخاذ القرار الاستثمار السليم. ويوضح الجدول (4) هذا المؤشر للقياديات الثلاث الكبرى. وأخيرا، فإن قليلاً متكرراً خير من كثير قد لا تصل إليه.

(*) محلل اقتصادي ومالي - Hassan14369@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد