* عبد الرحمن محمد السهلي(*)
نواصل اليوم قراءتنا المحاسبية للقوائم المالية لإحدى الشركات المدرجة في السوق والمصنفة في قطاع الصناعة وهي شركة المنتجات الغذائية (الغذائية) وسنهدف من خلال هذه القراءة السريعة لأهم بنود القوائم المالية لإكساب القارئ مهارة قراءة القوائم المالية والقدرة على فهم مدلولات أرقامها حتى يتمكن من اتخاذ قرار استثماري رشيد في ظل رؤية واضحة وفهم كامل متجنبين إصدار أحكام مباشرة فكل شخص مسئول عن قراراته, وقد تأسست الغذائية في عام 1410هـ كشركة مساهمة سعودية برأس مال يبلغ 200 مليون ريال مدفوع بالكامل وتدار الشركة من مجلس إدارة مكون من خمسة أعضاء ويبلغ عدد الأسهم المصدرة 20 مليون سهم بقيمة اسمية 10 ريالات للسهم, ونشاطها الرئيس هو تصنيع وتسويق المواد الغذائية.
وبالنظر إلى أصول الشركة نلاحظ أن أكبر تغير في أرصدة الأصول عن العام السابق قد طرأ على بند الأصول المالية والذي ارتفع رصيده من 5.3 ملايين ريال نهاية عام 2005 ليصل إلى 60.5 مليون ريال نهاية 2006م حيث تستثمر الشركة جلّ سيولتها النقدية في السندات الحكومية بمبلغ 57.3 مليون ريال بالإضافة إلى محفظة أسهم لدى البنك السعودي للاستثمار كانت قيمتها 5.6 ملايين ريال وانخفضت بشكل كبير بسبب انهيار أسعار الأسهم لتصل قيمتها السوقية إلى 2.8 مليون ريال كما يوجد وديعة بنكية بقيمة ثلاثة ملايين ريال.
وعلى جانب حقوق المساهمين لم يطرأ تغير على رصيد رأس المال والبالغ 200 مليون ريال ورصيد الاحتياطي النظامي البالغ 4.9 ملايين ريال عن العام السابق فيما زادت الخسائر المبقاة من 56 مليون ريال نهاية 2005م إلى 104 ملايين ريال نهاية 2006م وذلك بإضافة الخسائر المحققة خلال عام 2005م والبالغة 46.6 مليون ريال بالإضافة إلى خسائر غير محققة تبلغ 2.7 مليون ريال ناتجة من خسارة محفظة أسهم لدى البنك السعودي للاستثمار ولعل بند صافي ربح عام 2006م البالغ 51 مليون ريال قد دعم إجمالي حقوق المساهمين ليرتفع رصيدها من 101 مليون ريال إلى 149 مليون ريال وهذا يعني أن إجمالي حقوق المساهمين تعادل ثلاثة أرباع رأس المال تقريباً.
قائمة الدخل
ارتفعت مبيعات الغذائية بنسبة 7.3% من 50.1 مليون ريال نهاية عام 2005م إلى 53.8 مليون ريال نهاية عام2006م وانخفضت تكلفة المبيعات بنسبة ضئيلة تقارب 1% من 38.1 مليون ريال نهاية عام 2005م إلى 37.7 مليون ريال عام 2006م وعليه ارتفع مجمل الربح إلى 16 مليون ريال نهاية 2006 وجدير بالتنويه تحول الشركة من خسائر تشغيلية تقدر بمبلغ 4.2 ملايين ريال في عام 2005م إلى تحقيق ربح تشغيلي يبلغ 3.2 ملايين ريال عن عام 2006م ولكن يظل الرقم ذو الأهمية النسبية في قائمة الدخل هو بند الإيرادات الأخرى البالغ 48.9 مليون ريال أتى جلّ هذا الإيراد من بيع أرض تمتلكها الشركة بمبلغ 45.7 مليون ريال وبالتالي أصبح الإيراد غير التشغيلي المؤثر الرئيسي في نمو صافي ربح الشركة لعام 2006م ومثل ما نسبته 95% من صافي ربح السنة البالغ 51.3 مليون ريال مقارنة بصافي خسائر تحققت عام 2005م بلغت 46.6 مليون ريال وبنمو بنسبته 210%.
هيكلة النشاط
في عام 2001م سعت الغذائية للاندماج مع شركة أجواء ولكن الصفقة لم تكتمل وفي منتصف 2004م قرر مجلس إدارة الشركة تخفيض رأس مالها بنسبة 50% من مائتي مليون إلى مائة مليون ريال بغرض إطفاء الخسائر المتراكمة وإعادة تقييم الأصول غير العاملة، وفي عام 2006م سعت الشركة مجدداً للاندماج مع شركة الموارد للأغذية التابعة لمجموعة الموارد القابضة ولكن لم يتم ذلك وقد أصدر مجلس الإدارة بياناً في أكتوبر 2005م وأعقبه ببيان في يناير 2006م لم يختلف عن سابقه حول سعيه لإعادة هيكلة أنشطة الشركة بالإضافة إلى التغيرات التي طرأت على قوائمها المالية لعام 2005م ونظراً لأهميته سنورد مختصره (إن مجلس إدارة الشركة يود أن يوضح للسادة المساهمين الأسباب والأهداف التي دعت مجالس الإدارة المتعاقبة بداية من عام 1998م للقيام بدراسة مستفيضة لكافة مصانع وخطوط إنتاج الشركة وعليها قرر مجلس الإدارة بدءاً من يناير 1999م إيقاف مصنع مشتقات التمور وخط تخليل الخضر والزيتون اللذين ثبت عدم دقة دراسات الجدوى من إنشائهما مما جعل خسائر التشغيل متزايدة ومن ثم إيقاف احتساب مصاريف الاستهلاك والإطفاء الذي حظي بتأييد الجمعية العمومية للشركة.
فمصنع مشتقات التمور كلف إنشاؤه 47.2 مليون ريال وأقيم في السهباء بمحافظة الخرج على الرغم من توفر أرض في المدينة الصناعية بالرياض هي أقرب لمصانع ومساكن الشركة، مما جعله معزولاً عن أكبر أسواق التمور، بطاقة إنتاجية لا تدعمها طاقة تخزين للمادة الخام الموسمية ولا يبررها طلب السوق كون عدد من المنتجات إما جديد على المستهلك إنتاجها من التمور أو أنها تقليدية لكنه انصرف إلى بدائلها الأرخص والمعتاد عليها.
ويؤكد ذلك رفض صندوق التنمية الصناعية السعودي تمويل المشروع لأكثر من مرة لعدم جدواه، إلا أن الشركة خاضت مغامرة إنشائه منفردة، وخط تخليل الخضر والزيتون ولنفس الأسباب تقريباً وُجد غير مجدٍ تشغيله فمزارع الزيتون تقع في الأطراف الشمالية للمملكة وعليه رخصت وزارة الصناعة للشركة إنشاءه في مدينة القريات لكن تم تغيير الترخيص لاحقاً ليُقام في مدينة الرياض بتكلفة إجمالية 10.8 ملايين ريال مما زاد من تكاليف المنتجات نتيجة عملية النقل لمسافات طويلة وتلف ثمار الزيتون أثناءها، أما الخضر فإن المتوفر منها لم يكن ملائماً للتخليل الحديث كونه من إنتاج الزراعة في البيوت المحمية التي تؤثر سلباً على قوام وقبول الخضراوات بعد التصنيع.
وقد عرضت إدارة الشركة المشروعين للبيع أو الإيجار أو المشاركة على أطراف عدة داخل المملكة وخارجها طوال فترة التوقف وكذلك فعلت لخطوط الإنتاج الأخرى (رقائق البطاطس 7.6 ملايين ريال، تعبئة زيت الزيتون، 4.1 ملايين ريال، خط الفول السوداني 8.8 ملايين ريال) التي تعاني من انخفاض التشغيل والربحية لعدم دقة دراسات الجدوى التي أنشئت على أساسها.
وإلحاقاً لما سبق نشره مع إعلان نتائج الربع الثالث للعام المالي 2005م فإن مجلس الإدارة يعلن عن تكبد الشركة لخسارة صافية بلغت 46.8 مليون ريال عن السنة المالية المنتهية في 31- 12-2005م لترتفع بذلك قيمة الخسائر المتراكمة إلى مبلغ 103.4 مليون ريال وانخفاض في حقوق المساهمين بمقدار تلك الخسائر لتصبح حقوق المساهمين 101.4 مليون ريال، ويُرجع مجلس الإدارة هذه الخسائر إلى ما يلي:
1 - إثبات استهلاكات الأصول المتوقفة المتراكمة للفترة من يناير 1999 إلى ديسمبر 2004م حسب متطلبات الأنظمة المحاسبية.
2 - إطفاء مصاريف ما قبل التشغيل دفعة واحدة والتي كان يتم إطفاؤها على فترة عشرين سنة وذلك بناءً على توصية المركز الاستشاري بأن مدة الإطفاء المتبعة طويلة علاوة على أن تلك المصروفات فقدت منفعتها.
3 - إثبات فروق تقييم الأصول المتوقفة والناتجة من الفرق بين قيمتها الدفترية وقيمتها الحالية العادلة التي انتهى المركز الاستشاري من إعادة تقييمها.
4 - إثبات مخصص لمخزون المواد الخام المرتبطة بالخطوط المتوقفة).
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو أن الشركة حققت أرباحاً تقارب ربع رأس المال خلال 2006م بعد بيع أحد أصولها وبدأت في تحقيق أرباح تشغيلية فهل مازال خيار خفض رأس المال مجدياً حتى الآن بعد تقلص الخسائر إلى ربع رأس المال!!!!
المرجع: موقع تداول (قوائم الشركة المالية الأولية لعام 2006م)
(*)عضو الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين وعضو الجمعية السعودية للمحاسبة.
عبد الرحمن محمد السهلي(*)