متابعة- عبدالله البديوي
(التكفير عن الخطيئة) هو العنوان الأمثل والوصف الأنسب للنهج الذي انتهجه سوق الأسهم السعودي في تداولات شهر فبراير المنتهية بإقفال السوق يوم الأربعاء الماضي.. إذ إن هذا الشهر من العام الماضي شهد فيه السوق السعودي بداية أكبر مأساة في تاريخه تمثلت في سقوطه من القمة للهاوية وفقدانه لـ14 ألف نقطة.. ولعل فبراير 2007 قد أصابه حالة من الشعور بالذنب كونه من بدأ رحلة الانهيار... لذلك أبى إلا أن تبدأ رحلة التعويض معه دوناً عن كل الشهور.
ورغم إقفال السوق السعودي سلبياً في آخر ثلاثة أيام، فقد خلالها مؤشره حوالي الـ200 نقطة، إلا أن هذا الأمر لم يؤثر على أداء الشهر الإيجابي، ولعل نزيف النقاط هذا يكون جني أرباح صحي وحالة من التنفيس لبعض المؤشرات المتضخمة جراء حالة الصعود القوي والمتتالي، ولعل أكبر دليل على حدة الصعود أن مؤشر السوق قد أقفل باللون الأخضر لمدة 13 يوماً على التوالي... وهو الأمر الذي لم يفعله منذ أكثر من عام كامل!!
المسيرة الخضراء
ابتدأ مؤشر السوق السعودي تداولات هذا الشهر عند نقطة 7041 جاعلاً منها أقل نقطة يصل إليها والتي لم يغادرها بتاتاً خلال تداولات هذا الشهر وبدأ رحلة الصعود وكاسراً كل المقاومات إلى أن اخترق حاجز الـ8000 نقطة، وواصل مسيرته الخضراء دون توقف إلى أن وصل في يوم 25 إلى نقطة 8512 وهي النقطة التي جعل منها قمة جديدة لهذه السنة قبل أن يبدأ في موجة جني أرباح (متوسطة نوعاً ما) فقد خلالها المؤشر 330 نقطة لينهي السوق تداولات هذا الشهر عند نقطة 8176، وهو ما يعني أن مكاسب السوق خلال شهر فبراير بلغت 1135 نقطة أو ما يعادل حوالي 15%.
رافق حالة الارتفاع هذه صعود ملحوظ في أحجام التداولات اليومية، حيث وصل حجم التداولات في شهر فبراير إلى 255 مليار ريال خلال عشرين يوماً من التداول، وهو ما يعني أن متوسط التداول اليومي بلغ 12.75 مليار ريال، بارتفاع تجاوز نسبة 35% عن حجم التداولات اليومية في شهر يناير الماضي.
وقد بدأت التداولات اليومية بتذبذب في الأيام الأولى من هذا الشهر، وتراوحت قيمتها بين ال9 مليارات وال13 ملياراً، قبل أن تبدأ تتزايد وتيرتها في الأيام الأخيرة التي بلغ متوسط التداول فيها 17 ملياراً، بل حجم التداولات في يوم 27 فبراير بلغ 19.35 ملياراً، وهو الرقم الذي تربع قمة التداولات اليومية في السنة الجديدة، وتصدرت شركة الكهرباء قائمة الأسهم الأكثر تداولاً، تلتها أسهم شركات الباحة والمتقدمة واعمار على التوالي.
السيولة تطارد العوائد
ويلاحظ على السيولة أيضاً دخولها الواضح على أسهم العوائد المؤثرة على المؤشر، وهي الأسهم التي كانت السيولة تتجاهلها خلال الأشهر الماضية في خضم موجة المضاربات العنيفة التي كان يشهدها السوق، وأكبر دليل على دخول السيولة في أسهم العوائد أن حجم التداولات في القطاع البنكي (والذي يضم الكثير من أسهم العوائد الثقيلة) قد زاد بنسبة 100% تقريبا، وبلغت قيمة أحجام التداول فيه 18 مليار ريال، وهو الرقم الذي يعادل قيمة التداولات فيه خلال شهري ديسمبر ويناير مجتمعين.
واستفادت جميع الأسهم تقريبا من موجة الصعود القوية في شهر فبراير، ولم يتخلف عنها سوى ثلاث شركات فقط ضمتها قائمة الأسهم الأكثر خسارة، وهي: شركات حائل وفتيحي اللتان خسرتا 8% من قيمتها السوقية وشركة الدريس التي انخفضت بنسبة 3.5%، هذه الشركات الثلاث هي الوحيدة أقفلت يوم الأربعاء الماضي بأرقام سلبية مقارنة مع افتتاحها في أول أيام التداول في شهر يناير. تصدرت شركة (الباحة) قائمة الشركات الأكثر ارتفاعاً خلال شهر فبراير، وتربعت على هرم القائمة بجدارة بعد أن ارتفعت بنسبة 102% عن قيمتها السوقية نهاية يناير الماضي، متقدمة وبفارق كبير عن شركة شمس المرتفعة بنسبة 64%، والتي تقدمت قليلاً على شركتي العبداللطيف والمتقدمة اللتين ارتفعتا بنسبة 63% و61% على التوالي، وضمت قائمة الأكثر ارتفاعاً العديد من الشركات كان الأبرز فيها شركات المصافي والأسماك وثمار ومبرد واتحاد الاتصالات والجبس وغيرها.
مشروع فبراير!!
شهر فبراير كان يحمل خيراً للمتداولين الذين ألفوا فيه رؤية اللون الأخضر يكتسي مؤشر السوق وشركاته، وعوض عن جزء من أخطائه السابقة ليفتح صفحة بيضاء في كتابه ترتسم فوق الصفحة السوداء الماضية، وإن كان البعض يرى أن سواد الحبر القاتم لا يغطى بورقة رقيقة، إلا أن (فبراير2007) قد طوى هذه الصفحة البيضاء الرقيقة، أملاً من الأشهر التي تليه أن تحذو حذوه، لأنه يرى أن مزيداً من الصفحات البيضاء الرقيقة كفيلة باخفاء تلك الصفحة السوداء، فهل تحمل الشهور الأخرى خبراً ساراً للمتداولين بين طياتها... أم أنها تتقاعس عن المشروع الذي بدأ به (فبراير 2007).