قبل أيام قلائل فقدت الرياضة بالمنطقة الوسطى أحد نجومها البارزين في كرة القدم وممن تألقوا بصورة لافتة للأنظار مع فريقي نجمة الرياض والشباب في حقبة الثمانيات الهجرية من القرن الفائت أنه النجم الراحل (فهد بن عبيد) - رحمه الله - الشهير بلقب (فهودي) الذي وافته المنية عن عمر يناهز 62 عاماً إثر مرض عضال لم يمهله طويلاً.
حيث ظهرت براعته التهديفية في تلك الأيام الخوالي في وقت مبكر من عمره اليراضي كمهاجم كان يشار له بالبنان نظراً لعطائه المتميز وقدرته الفائقة على هز الشباك من أقصر الطرق وإزاء ذلك نال عدة ألقاب وأشهرها بالتأكيد لقب هداف الدوري بالمنطقة الوسطى عام 1386هـ.
وفي الجزيرة نحرص أن نكون أوفياء مع هؤلاء اللاعبين الذين خدموا الرياضة بالمملكة بكل اخلاص وتفان حيث نكشف اليوم جانباً من حياته الرياضية - نتناولها عبر الأحداث التالية:
البداية بحي جبرة
* بدأت علاقة النجم الراحل فهد بن عبيد الشهير ب«فهودي»مع كرة القدم في المدارس والحواري وتحديداً في حي جبرة.. أحد الأحياء الشعبية بوسط العاصمة الرياض وذلك في منتصف عقد السبعينيات الهجرية من القرن الفائت حيث لعب في البداية مع فريق الحي وقد ضم عدداً من اللاعبين الذين انضموا لأندية الوسطى ومنهم د. محمد النصبان وموسى الشلهوب وعبد الله اليحيى من الهلال وأبناء آل الشيخ (عبد الرحمن وعبد الطيف آل الشيخ) وهؤلاء كونوا فريقاً سمي بفريق نجمة الهلال وتحول فيما بعد باسم (فريق نجمة الرياض) بعد تصنيفه رسمياً في مطلع الثمانينيات مع مجيء حركة تصنيف وتسجيل الأندية رسمياً حيث تم ادراج نجمة الرياض ضمن أندية الدرجة الثانية عام 80 - 1381ه.
ابن بريك نقله للنجمة
* كانت بداية بروزه -رحمه الله- على مستوى الحواري عندما لعب مع فريق الحي ضد فريق (شباب الناصرية) الذي كان يضم عدداً من أبناء جلالة الملك سعود (طيب الله ثراه)، والذي كان يرأسه الأمير ماجد بن سعود وفاز فريقه ب3-1 حيث تألق ابن عبيد في هذه المباراة وسجل هدفين الأمر الذي جعل مدرب (شباب الناصرية) السوداني (هارون) يطلب بضمه لفريقه وقدم له بعض الاغراءات وأهمها الدراسة في معهد الانجال لكنه رفض نظراً لارتباطه مع فريق آل الشيخ بحكم قربه من حيه الذي كان يسكن فيه وكان يسمى الفريق ب(نجمة الهلال).
* وجاء بروزه القوي مع فريق الحي عام 79-1380هـ مما جعل عدداً من أندية الوسطى تفاوضه نظراً لمهارته وبراعته التهديفية كمهاجم قناص ونهاز للفرص حيث فاوضه نجم نجمة الرياض (فهد بن بريك) للانضمام لفريقه ثم عرض عليه اسطورة مدرسة الوسطى (مبارك الناصر) فكرة التسجيل بأهلي الرياض وكذلك النصراوي الشهير (أحمد بربري) (أيرز رواد شركة التأسيسية لنادي النصر) وكان الفريق النصراوي قوياً لكن كان تأثير ابن بريك بحكم الرابط العائلي كان أقوى حيث كسبت نجمة الرياض نجماً لامعاً نجح في إبراز قدراته الفنية وتقنيته المهارية لحظة انخراطه مع الفريق النجماوي على 1382هـ.
* رغم أن ميوله وطبقاً لما ذكره الفقيد للجزيرة في لقاء سابق كانت هلالية وكان قاب قوسين أو أدنى من الالتحاق بصفوف الهلال لولا تأثير ثعلب الوسطى فهد بن بريك الذي ألغى ميوله الهلالية فتحولت لنجمة الرياض.
موهبة فطرية
* تجلت موهبته الفطرية كلاعب برز في خط المقدمة كان يملك كل أدوات ومؤهلات البروز والابداع داخل أرض الملعب حيث برز في وقت مبكر من عمره الرياضي فقد شكل ثنائياً خطيراً في خط المقدمة مع المهاجم الكبير فهد بن بريك وقوة ضاربة لعبا دوراً مؤثراً في قيادة فريق النجمة نحو تحقيق العديد من الانتصارات والانجازات ولعل أبرزها احتكاره بطولات الوسطى للدرجة الثانية 3 مواسم متتالية ووصوله لنهائي بطولة المملكة للدرجة الثانية عام 1385هـ فضلاً عن النتائج القوية والمستويات الباهرة التي أظهرها (شياطين الكرة) في أول موسم يصعد الفريق للدوري الكبار وبقرار وزاري حيث تألق أبناء النجمة بقيادة الثنائي الفذ (فهد بن عبيد وفهد بن بريك) في أول موسم يصعد فيه الفريق لدوري الأضواء عام 1386هـ هذا الموسم الذي سمي بالعصر الذهبي لنجمة الرياض.
اللقاء الأشهر
* بلا شك كان لقاء نجمة الرياض مع فريق الهلال بالدوري عام 1386هـ هي أفضل مباراة لعبها (فهودي) حيث تمكن من قيادة فريقه للفوز على فريق الهلال (في عز مجده) بالدوري بقيادة نجومه يتقدمهم مبارك العبد الكريم وابن مناحي وسوا فقد نجح في احراز الهدف الأول وصنع الثاني لزميله (فهد بن بريك) ليخرج نجمة الرياض بفوز مثير في أول موسم يصعد فيه فقد منحت هذه المباراة شهرة واسعة لأفراد فريق نجمة الرياض بقيادة هذا الثنائي الخطير لاسيما وان تلك المباراة كانت منقولة تلفزيونياً حتى ان الأمير عبد الله الفيصل (حفظه الله) طلب اعادة نقلها وعرضها باعتبار انها كانت أجمل مباراة في الموسم.
نال لقب الهداف
* وعن أبرز الانجازات الشخصية التي حققها النجم الراحل فهد بن عبيد حصوله على لقب هداف لدوري المنطقة الوسطى برصيد 7 أهداف رغم وجود مهاجمين كبار أمثال مبارك العبد الكريم ومبارك الناصر وأحمد الدنيني والعدني والعميل وزيد بن مطرف.
وتبعاً لذلك اختير لتمثيل منتخب الوسطى في دوره المصيف كما رشح ضمن أفضل نجوم الكرة بالمنطقة الوسطى في ذلك الموسم (1386هـ).
ونظراً لنجوميته وخطورته كمهاجم كان يشار له بالبنان في ذلك الوقت حاول أهلي جدة ضمه مع ابن بريك لطفي بعد الزيارة التاريخية التي قام بها أفراد نجمة الرياض للمنطقة الغربية بطلب من رئيسهم الفخري الأمير عبد الله الفيصل .
الثنائي المرعب
* عقب نجاح الفريق النجماوي في دوري عام 1386هـ طلب رائد الرياضة السعودية الأول الأمير عبد الله الفيصل (حفظه الله) من دارة النادي زيارته بالمنطقة الغربية اثر زيارة رائد الرياضة لمقر نجمة الرياض بالشميسي وبالفعل سافر افراد الفريق لمقابلة رئيسهم الفخري وعندما تشرفوا بالسلام عليه (حفظه الله) أشاد بأبرز نجوم الفريق وهم (فهد بن بريك وفهد بن عبيد وعبد اللطيف آل الشيخ (لطفي) وعمر حامد وبالذات الثنائي (ابن عبيد وابن بريك) اللذين اطلق عليهما رائد الرياضة (الثنائي المرعب).
نجم مثالي
* كان يعتبر من اللاعبين القلائل الذين نجحوا بالجمع ما بين المستوى الفني العالي والخلق الرفيع، فمن خلال مشواره الرياضي الذي امتد لتسعة أعوام لم ينل أي بطاقة ملونة وكان نجماً بالفعل مثالياً في كل شيء حتى أن جماهير الكرة بالمنطقة الوسطى كانت تعشق فنه وتطرب لأدائه لاسيما وأن أغلب الجماهير بالمنطقة كانت تحرص على حضور أغلب المباريات والتي يكون طرفها فيرق نجمة الرياض لمشاهدة هذا الفريق الذي كان يسميه الشيخ عبد الرحمن بن سعيد (أطال الله عمره) بالفريق البرازيلي خصوصاً الثنائي المرعب (ابن بريك وابن عبيد).
هؤلاء دعموا موهبته!
* أما ابرز المدربين الذين أشرفوا على تدريبه وساهموا في دعم قدراته الفنية وامكاناته التهديفية منهم السوداني (عبد العزيز التتش) الذي اشرف عليه للوهلة الأولى في مشواره الرياضي ورهن على نجاحه كمهاجم سيكون نجماً مستقبلياً وكذلك المدرب خضر رمضان وعبد الله الكنج والأخير كان الأكثر اهتماماً به ومنحه فرصة المشاركة رغم صغر سنه وحداثة نجوميته في أول حياته الكروية.
الدمج الشهير
* استمر ابن عبيد مع نجمة الرياض حتى عام 1387-1388هـ حيث تم دمج الفريق النجماوي مع فريق شباب الرياض (الشباب حالياً) وانضم عدد من لاعبي النجمة لشيخ الأندية ومنهم ابن بريك وابن عبيد ولطفي وسعدة وعبد الله بن سالم وعبد الله المهنا وشكل انضمامهم دعماً قوياً للفريق الشبابي الذي تعززت صفوفه بتلك الخامات الفنية المتميزة.. التي قادت شيخ الأندية للوصول لنهائي كأس الملك لموسم عام 1389-1390هـ واستمر (فهودي) بالملاعب الرياضية حتى عام 1390 حيث ترك الكرة وهو في قمة مستواه الفني ونضجه الكروي نظراً لظروفه العملية.. وقد ترك اسمه خالداً في الذاكرة الرياضية بالمنطقة الوسطى كواحد من النجوم البارزين وممن حظوا بشهرة عالية خاصة بعد مشاركته مع منتخب الوسطى في دورة كأس المصيف لمنتخبات المناطق بالطائف آنذاك.
* أما وفاته (رحمه الله) فقد عانى من مرض عضال لم يمهله طويلاً فغادر هذه الدنيا الفانية عن عمر يناهز 62 عاماً وبقي اسمه يلوح في أفق الذاكرة كواحد من الأسماء التي تجلت في حقبة النجوم.. حقبة الثمانينيات.
هذه الحقبة التي قدمت لنا مبارك الناصر ومبارك العبد الكريم والدنيني والعميل والغراب وغيرهم من النجوم الكبار.