تعرضت منطقة الخليج العربي في غضون ربع قرن إلى ثلاثة حروب دولية، انتهت اثنتان وخلفتا ذكريات مؤلمة، والثالثة ما تزال مندلعة، ويضاف إلى ذلك حرب رابعة تلوح في الأفق على خلفية ملف إيران النووي. ولو اندلعت - لا سمح الله - فسيكون الخليج بذلك قد تعرض لحرب دولية كل ست سنوات تقريباً، مما يجعله من أشد مناطق العالم انفجاراً.
مشكلة الأزمة النووية الإيرانية أنها تتجه إلى طريق مسدود فيما يبدو. فالجانب الإيراني يصر على الاستمرار في أنشطته لتخصيب اليورانيوم، وقد ظل غير ملتزم بالقرار 1737 الصادر عن مجلس الأمن في ديسمبر الماضي، إذ يطلب من إيران تجميد أنشطة تخصيب اليورانيوم. وقد أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الخميس الماضي تقريراً يفيد بأن إيران لم تلتزم بالقرار، وهو الأمر الذي يفتح الباب أمام فرض عقوبات جديدة عليها، قد تنتهي إلى حرب فعلية في ظل التشدد الأمريكي، وفي حال لم تؤد العقوبات إلى نتيجة.
فالرئيس الأمريكي - وعلى لسان بعض النواب الديمقراطيين في مجلس الكونجرس - يتبع استراتيجية حرب مع إيران. ونائبه ديك تشيني يصر على إطلاق التصريحات التهديدية، ويقول: إن خيار الحرب ضد إيران غير مستبعد. والأخطر من ذلك، أن يتبع الرئيس بوش نصائح بعض مستشاريه التي تقول إن خير وسيلة لتعويض الفشل في العراق هو خوض حرب جديدة، والانتصار فيها من أجل استعادة سمعة أمريكا وهيبتها التي تردّت كثيراً منذ غزو العراق.
اليوم يجتمع في لندن مندوبون عن الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا لبحث تطورات الملف النووي الإيراني وما بعد تقرير وكالة الطاقة الذرية، وصياغة مسودة قرار عقوبات ثانٍ ضد إيران، وعرضه على مجلس الأمن. وهذا يشير تماماً إلى أن تطورات هذا الملف تسير نحو مزيد من التأزم.
الخليج المثقل بالأزمات لم يعد يحتمل مزيداً منها، بل تتطلع شعوبه إلى سلام دائم نسبياً يتم من خلاله التقاط الأنفاس، والتفرغ تماماً للنواحي التنموية من خلال استثمار ثرواتها النفطية الهائلة، مع أن هذه الثروات قد تكون أحد الأسباب الكبرى التي جعلت منطقة الخليج عرضة للأزمات الدولية، وهنا تكمن المفارقة!
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244