Al Jazirah NewsPaper Saturday  24/02/2007 G Issue 12567
الريـاضيـة
السبت 6 صفر 1428   العدد  12567
فقراء الكرة
عوض الرقعان

* ما يعانيه جيلٌ مضى من اللاعبين السعوديين والمبدعين السابقين ممن كنا نصفق لهم ونحلم بلقائهم ممن أمتعونا بمهاراتهم الفردية، التي لم نعرف غيرها إذ لم نعرف أبطال أوروبا أو أبطال اللبرتدوريس..

* وكان ذلك الإمتاع التلقائي من خلال ملاعب ترابية وإذاعات تقليدية نتخيَّل من خلالها الملعب وأركانه ومربعاته، إذ لم نشاهد تلفزيون الواقع أو الإيميل أو المخاطبة عن طريق الماسنجر، ولم نصل بعد إلى الكمبيوتر الجوال... إلخ هذه التكنولوجيا التي نعيشها من الصباح حتى المساء..

* إن الكثيرين من جيل الماضي غدرت بهم الدنيا، وهو أمر يجعلك تفكر في أشياء كثيرة ومريرة فأذكر أنه قبل أكثر من عشرة أعوام ذهبت مع والدي إلى الحراج في حي العدل بمكة المكرمة..

* وكان لدى والدي كم كبير من المكيفات التي يود بيعها في ذلك الحراج وهي عادة دأب أهل مكة على فعلها عقب كل عدة أعوام ببيع المكيفات القديمة وشراء أخرى جديدة لمنازلهم التي تؤجر خلال موسم الحج ورمضان..

* عموماً وأنا أتجول مع والدي وسط صيحات المحرجين فإذا برجل يجلس ولديه بسطة صغيرة لا تتعدى متراً في متر ويجلس على الأرض غلبه كبر السن وضعف النظر وأمامه بعض من الخردوات يبيعها..

* فسألني أبي بنوع من المزاح أتعرف من هذا يا صحفي؟ فضحكت وقلت يا ليت بنوع من الرد المؤدب ليجيب والدي على سؤاله أن هذا هو أول لاعب حمل أول كأس للبطولات السعودية عام 1377هـ..

* إن هذا هو قائد الوحدة السابق خضر علي وكانوا يطلقون عليه كأس البر: انظر يا عوض أن الدنيا لعبت به وبات يعيش على الكفاف فذهبت إليه وسلمت عليه وضحكت معه وقلت له أتشاهد المباريات الحالية يا عم خضر فقال يا ولدي أتمنى، لكن لقمة العيش صعبة فأنا هنا طوال النهار ولا أذهب للبيت إلا للنوم..

* سبحان الله هناك أسماء كثيرة من اللاعبين المميزين في بلادنا يعيشون على الكفاف، بل إن بعضهم يتصل على جوالي لرنة واحدة فقط كونه لا يملك فواتير الجوال ربما السبب ليس الفقر وحده، لكن كثرة متطلبات الحياة ولربما لثقافة تكوين الأسرة سبب آخر، فالبعض منهم يملك من العيال ما يتجاوز أصابع اليدين..

* وهم كُثر بل إن بعضهم لديه تاكسي ويلقط رزقه، وهو الذي كان يحبس أنفاس الجماهير بلمساته للكرة الغدارة، بل إنني والله شاهدت لاعباً دولياً وقائد فريق كان يتميز بتسديد الضربات الحرة يبيع خردوات على الطرق السريعة..

* قصص وحكاوٍ يقشعر لها البدن ومن حقي كصحفي أن أتحدث عن أول صحفي سعودي محمد بن شاهين - رحمه الله - ومعاناة زوجته الموجودة على قيد الحياة - شفاها الله -.

* وكنت قد ذهبت لابن شاهين لإجراء حوار معه فوجدته يسكن شقة قديمة جداً بحي القشلة بجرول، بل إنه حينما دخل الغرفة بعد أن أدخلني أحد من أقاربه لا يستطيع أن يدخل من الباب إلا بالعرض لضيق باب الشقة..

* لقد بكى ابن شاهين - رحمه الله - وهو يتحدث عن معاناته، لكنه كان يبتسم حينما أذكّره بالماضي.. بالغراب والنور وساحة إسلام والصبان.. وسألته وقتها عن كيف يقضي وقته وهو لم يُرزق بالأطفال؟.. فقال أجمل وقتي أقضيه حينما ألعب مع ابن حارس العمارة الإندونيسي

* إنها مآسٍ ومنها حينما أبلغني إبراهيم زاهد قدسي ابن معلقنا الكبير رحمة الله عليه عن معاناة أول لاعب من نادي الوحدة يلعب في كأس الخليج الأولى الكابتن أسعد ردنة، الذي يُعاني من مرض عضال.. ابن مكة الشهم الأبي الذي عرف بخفة دمه.. ذلك المدافع الصلب الأنيق في لبسه وهندامه..

* وهو ما دعاني أن أتصل بالردنة نفسه وقلت علّني أضخ في قلبه الفرح ولو بكلمتين وحوار في ملحق نجوم الملاعب فوجدت الردنة بالعكس مبتسماً يضحك.. صابراً بما ابتلاه الله.. محتسباً الأجر..

* ربما هناك نوع من الغمّ والهمّ من هذا المقال، لكن العلاج لجيل قادم إما أن يكون عن طريق صندوق اللاعبين القدماء أو التأمين المباح وفقاً للشرع للاعبين المحترفين الحاليين الذين سيتحولون بعد سنوات إلى مثل هؤلاء ممن سبقوهم..

* والله ولي الأمر والتدبير..

مدير تحرير الشؤون الرياضية بصحيفة الندوة

Awad.ragaan@armco.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد