صدر الحكم بالسجن مئة عام على الجندي الأمريكي بول كورتيز المدان الثاني باغتصاب الفتاة العراقية عبير الجنابي وقتلها مع ثلاثة من أفراد عائلتها. ويأتي هذا الحكم في تزامن قريب لاندلاع قضية، بل فضيحة اغتصاب الفتاة العراقية أو الضحية العراقية الثانية صابرين الجنابي التي ضرجت هذه المرة بالدماء على أيدي أبناء وطنها العراقيين من بواسل الشرطة العراقية الذين سارعوا - وللأسف الشديد - إلى تبرئتهم وتكريمهم من قبل رئيس الحكومة العراقية, في محاولة للهروب إلى الأمام من هذه الفضيحة التي قيل إنها تستهدف إفشال خطة بغداد الأمنية.
من عبير الجنابي إلى صابرين الجنابي.. هناك مفارقات وأوجه شبه، فالأولى وقعت فريسة جندي أمريكي محتل عتل زنيم يكره العراقيين وأرضهم، وقد أجبر على القدوم إليها بقوة القانون العسكري الأمريكي وجشعه الاستعماري، فوقعت هذه الشابة العراقية ذات الأربعة عشر ربيعاً ضحية لهوسه الإجرامي والسادي الذي عرف به عسكر أمريكان في كل مكان, أما صابرين التي يقال إنها ضحت بشرفها في مجتمع تقليدي عراقي يقتل الفتاة من أجل السمعة والشرف من أجل أن تشوش على خطة بغداد الأمنية، فقد وقعت فيما هو أشد وأقسى، وهو انتهاك العرض والعفة من قبل أبناء بلدها وإخوتها في الوطن الذين تذرّعوا بلباس الشرطة والأمن الذي أصبح ذريعة لكل من أراد أن يخطف أو يغتصب أو يسلب في العراق.
الأمريكيون نشروا غسيلهم المتسخ على الملء في محاولة لتنظيف الذات الأمريكية المتسخة بفضيحة أبو غريب وأخواتها، فظهر الجندي كورتيز ليجهش بالبكاء ويعترف بفتكه بعبير وأهلها وإحراق جثتها بعد اغتصابها في محاكمة عسكرية أمام أعضاء الفرقة 101 المجوقلة التي ينتمي إليها, وهو أمر دأب عليه الأمريكيون لتأكيد نزاهة نظامهم القضائي.
أما في العراق فقد كُرّم المتهمون بعد تحقيق أولي كان سريعاً، أو أريد له أن يكون سريعاً، ووصفوا بالشرفاء، ثم ظهر تقرير من الحكومة العراقية مجهول المعالم والصفات، فلا اسم ولا عمر ولا إثبات قانونياً على صحته لتؤكد براءتهم.. وفي آخر المطاف تدخلت رئاسة الجمهورية لتشرف على التحقيق، وأعيد إصدار مذكرات اعتقال بحق المتهمين, وكان كل ما مضى من تشريف وتأكيدات على براءتهم ليست إلا ضرباً من ضروب المزاج السياسي, كان الأولى بالحكومة العراقية التي بشرت بالأمن والاستقرار مع خطة بغداد الأمنية أن تسارع إلى التحقيق المحايد في قضية صابرين، البعيد عن التطويف والتمذهب السياسي الذي أصبح يسيطر على كل شيء بالعراق حتى عمليات انتهاك الأعراض وهتك العفاف. والآن وبعد أن أرجع الأمر إلى القضاء الذي رغم ما شابه من شكوك بعد مسرحية محاكمة الرئيس السابق صدام حسين وأعوانه، نتمنى أن يأخذ هذا القضاء الذي أتى في عصر التبشير بالحرية الأمريكية والليبرالية الغربية درساً ليظهر كورتيز العراقي مداناً كما ظهر كورتيز الأمريكي باكياً معترفاً بجرمه معلناً عن حبه لأهله وأشقائه..!!
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244