نشرت صحيفة الجزيرة يوم الأحد 16 المحرم 1428هـ خبراً يتضمن قيام بلدية البطحاء بضبط شاحنة كبيرة تقوم بتوزيع حمولتها من رؤوس الأغنام والكبود الفاسدة على محلات المندي وبوفيهات الكبدة. وقد قدرت الكمية بها يزيد على 3300 رأس غنم وكذلك 3300 كبدة غنم، واتضح من خلال الفحص عليها أنها غير صالحة للاستهلاك الآدمي. وقد تضمن الخبر تصريحاً لرئيس بلدية البطحاء يشير فيه إلى أنه قد تم إتلاف تلك الكميات الفاسدة من رؤوس الأغنام والكبدة وأنه قد تم تطبيق ما نصت عليه لائحة الغرامات والجزاءات عن المخالفات البلدية ولكن دون أن يفصح أو يعلن عن تلك العقوبة المطبقة. في ظني أن ضعف العقوبة المطبقة وكونها غير رادعة بحق من يرتكب مثل تلك الجرائم الإنسانية بحق البشر هو ما يجعل المسؤولين في الأمانات البلدية لا يفصحون عن تلك العقوبات.
وفي نفس العدد من صحيفة الجزيرة، صرح وكيل وزارة التجارة والصناعة للتجارة الداخلية بأن أعضاء هيئة ضبط الغش التجاري قد تمكنوا من ضبط مجموعة من المخالفات منها:
- ضبط استراحة يديرها عمالة وافدة تقوم بتجميع الحلويات المنتهية الصلاحية وإعادة تعبئتها وبيعها مرة أخرى وقد تم مصادرة تسعين ألف كرتون.
- ضبط منزل شعبي معد لصناعة الشامبو المغشوش ومصادرة 12000 عبوة.
- ضبط مستودع به عدد 16000 عبوة غراء بانكس مغشوشة وعدد 1800 عبوة شامبو منتهي الصلاحية.
- ضبط 300 كرتون لحم فاسدة داخل شقة.
- ضبط مستودع يحتوي 5160 عبوة مشمش تركي منتهي الصلاحية.
- ضبط 90 جالون زيت زيتون وأيضاً 600 كرتون روبيان مجفف وجميعها منتهي الصلاحية.
وقد علق وكيل وزارة التجارة على تلك الجرائم الجنائية التي أودت بحياة الكثير من الضحايا والأبرياء بأن الوزارة قد اتخذت كافة الإجراءات النظامية اللازمة. ويلاحظ هنا بأن العقوبات المتواضعة والمخجلة التي تتضمنها أنظمة الغش التجاري هو ما جعل سعادة الوكيل لا يذكر تلك العقوبات في تصريحه.
أعزائي القراء، ما سبق ذكره من أمثلة تمكنت فيها الأمانات البلدية ووزارة التجارة من ضبط تلك الأغذية الفاسدة لا يعدو كونه نقطة في بحر من تلك الجرائم الإنسانية المنتشرة في مختلف أسواقنا التجارية، وذلك من خلال بيع وتسويق مختلف المواد الغذائية المنتهية الصلاحية وغير الصالحة للاستخدام الآدمي. وهذا بالطبع لم يتم إلا بمباركة وزارة التجارة وغيرها من الأمانات البلدية سواء من خلال ضعف الإشراف والرقابة على تلك المحلات التي تبيع السموم والأغذية الفاسدة، أو من خلال ضعف العقوبات التي تتضمنها أنظمة الغش التجاري، والتي تعتبر في ظني عقوبات مشجعة لعديم الذمة من التاجر بأن يستمر في ارتكاب مثل تلك الجرائم الإنسانية بدلاً من كونها رادعة له.
ختاماً، طالما أن المشروع الجديد لنظام الغش التجاري يخضع حالياً للدراسة من قِبل مجلس الشورى، فإنني أقترح ألا يقتصر التعامل مع تجاوزات هؤلاء التجار على أنها مخالفات تجارية فحسب وإنما يجب أن يتجاوز ذلك إلى اعتبار كونها جريمة جنائية. فمن يقدم على المتاجرة بأرواحنا وصحتنا إنما يعد مرتكباً جريمة وليس مجرد مخالفة تجارية، وبالتالي كان لزاماً أن يتم العمل على تضمين نظام الغش التجاري الجديد أقسى العقوبات بالقضاء على ذلك. وإذا كانت عقوبة من يقوم بتسويق أغذية فاسدة ومنتهية الصلاحية في الصين هي الإعدام، فإننا لا نملك أن نقول للجهات المسؤولة عن انتشار تلك الأغذية الفاسدة في أسواقنا سوى عبارة: (لقد طفح الكيل).
Dralsaleh@yahoo.com