الوعي الاستثماري جزء مهم في البنية الأساسية لكل بلد، والوعي المقصود هو ذلك الذي يفترض أن تتساوى فيه جميع فئات المجتمع وهو الحد الأدنى من الوعي لحماية المال الشخصي، وفي نفس الوقت هناك من يسعى للتحايل على ذلك الوعي من خلال مداعبة حلم الثراء السريع وهو الدافع الرئيس لما يلاحظ من إقبال على ما يعرف بتوظيف الأموال والذي بدأ يتسع في بلادنا مع وفرة السيولة على الرغم من افتقاد ذلك للنهج الأساسي ومعايير العمل الاستثماري الصحيح وافتقاده أيضاً للناحية النظامية.
إن الإحصائيات تشير إلى أن ما يقرب من سبع مليارات هو حجم رأس مال عدد من المؤسسات التي عملت في توظيف الأموال إضافة إلى أن هناك أفراداً أيضاً عملوا على هذا النهج من خلال أسلوب كسب الثقة في بداية التعاملات وتوثيق مواعيد طويلة ليتسنى جذب أكثر عدد من الضحايا والذين للأسف أن أغلبهم من محدودي الدخل الذين يكتشفون في لحظة ما أن أموالهم باتت خارج سيطرتهم وأنهم أصبحوا أسرى لوعود ومماطلات طويلة الأمد.
ولعل من المهم التعامل مع مثل هذه الظاهرة من خلال مسارين الأول يجب العمل على إنهاء وتسوية المساهمات المجمدة في مشاريع توظيف الأموال وإعادة أموال المساهمين وتصفية تلك المشاريع وفق آلية سريعة لا سيما وأن معظم المساهمين فيها متضررون ويبحثون عن رأس المال كما أنه من المهم تطبيق الأنظمة الجزائية الكفيلة بكبح جماح مثل هذه الأساليب الاحتيالية الاستغلالية.
الأمر الآخر هو أهمية وجود قنوات استثمارية واسعة وتعمل وفق أسس نظامية وإجرائية دقيقة تتيح للمواطنين استثمار أموالهم ولعل الصناديق الاستثمارية في البنوك جزء من هذه القنوات ومن الأهمية تطوير سبل عملها والنظر في قيمة العائد منها فمعظم الذين يلجأون إلى مؤسسات توظيف الأموال يرون أن صناديق البنوك لا تقدم ما يمكن أن يكون جاذباً لهم، كما أن قنوات الاستثمار يجب أن تكون أكثر توسعاً وأن لا تقتصر على الصناديق فقط وإنما يمكن ابتكار مشاريع استثمارية كبرى تستفيد من توجه الناس إلى الاستثمار.
كما أن إيجاد شركات استثمارية تعنى برأس المال الصغير أمر يمكن أن يكون ناجحاً إذا ما تم وفق دراسات وأنظمة تكفل لها النزاهة والعمل تحت الشمس وأمام الجميع بدلاً من شركات وهمية تنتهج الاستغلال والتحايل شجع على تناميها غياب القنوات الاستثمارية الحقيقية.
وفي الختام.. إن البحث عن الربح لا يعني المخاطرة والمجازفة في مساهمات وهمية ومشاريع ليس لها وجود، والوعي في كثير من أساليب الترويج لتلك المشاريع الوهمية يجب أن يكون أعلى من أي وقت مضى، كما أن على الجهات المختصة سرعة التحرك حين ظهور أي من تلك الدعوات الوهمية أمر ضروري لحماية كثير من الذين قد يكونون ضحايا لتلك الأساليب الاحتيالية.
(*) عضو مجلس الإدارة رئيس لجنة الأوراق المالية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض