كان من المفترض أن تقوم دولة فلسطينية بنهاية 2005م وفقاً لخارطة الطريق، وهي آخر خطة سلام دولية ترعاها واشنطن وشركاؤها في اللجنة الرباعية الدولية (الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة). ولكن ظلت هذه الخطة حبراً على ورق منذ اعتمادها في 2003 م. وبالتالي ظلت عملية السلام في المنطقة تراوح مكانها، بل وتتراجع في ظل سيادة منطق القوة الإسرائيلية برعاية أمريكية.
ويبرع الإسرائيليون في فن التأجيل والتعطيل، وسياسة الأخذ دون مقابل. فإيهود أولمرت يطالب بالاعتراف بوجود إسرائيل كدولة يهودية ووضع حد نهائي لكل أشكال العنف، في الوقت الذي تمارس فيه إسرائيل سياسة عنصرية بغيضة وفق قوانين رسمية غير مسبوقة في تاريخ الدول، وتستهدف أرواح الأبرياء من الفلسطينيين دون شعور بالحياء أو حد أدنى من تأنيب الضمير. كما تتعدى على المقدسات الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى بالحفريات التي تهدد أجزاء من الأقصى بالهدم بحجة الترميم والبحث عن الآثار.
رايس زارت المنطقة والتقت بالرئيس الفلسطيني محمود عباس والإسرائيلي إيهود أولمرت ولكن لم تستطع أن تخرج من دائرة التحيز نحو الجانب الإسرائيلي، وظلت تؤكد على عدم شرعية الحكومة الفلسطينية المرتقبة في حال لم تعترف بإسرائيل، على الرغم من أن إسرائيل لم تقدم أية خطوة إيجابية تجاه المبادرات العربية للسلام. ولم يكن في تصريحاتها ما يشجع على تحريك عملية السلام سوى الحديث عن ضرورة الالتزام بالدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، دون تقديم أية خطوة مشجعة نحو الوصول إلى هذا الهدف.
لا يمكن للراعي الأمريكي كي تنجح عملية السلام إلا أن يحترم الاتفاق الفلسطيني الداخلي ورغبة الشعب الفلسطيني وحريته في اختيار قادته، وهذا ما شدد عليه الرئيسان محمود عباس وإسماعيل هنية في تأكيدهما على احترامهما لاتفاق مكة المكرمة. هذا الاتفاق التاريخي الذي تمنت إسرائيل فشله وأعلنت عن أمنيتها دون مواربة إبان المحادثات بين قادة فتح وحماس في مكة المكرمة.
يجب أن تتغير سياسة الإدارة الأمريكية فيما يتصل بالقضية الفلسطينية، وأن تضغط على الجانب الإسرائيلي كي يوقف استفزازاته وخاصة الحفريات حول المسجد الأقصى ، وإلا فإن الطريق سينتهي إلى مزيد من العنف، وعندها سيخسر الجميع.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS
تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244