تمر المنطقة العربية في هذه الحقبة من الزمان بمجموعة من المتغيرات والأحداث التي أخذت تهب عليها كرياح السموم من حين لآخر، حاملةً في ثناياها رزمة من الظواهر والمستجدات التي بدأت تترسخ وتثبت قناعة ًوتطبيقاً على الساحة العربية، فمن القضية الفلسطينية وما طال عليه الزمن من استلاب لحقوق الشعب الفلسطيني من قبل الإسرائيليين, إلى العراق وما أفرزه الاحتلال الأمريكي من فوضى وتشتت في العقائد والانتماء، إلى لبنان وتحزباته وفرقائه, للصومال ومآسيه والتدخلات الخارجية فيه, إلى غير ذلك من ظواهر التخلف والارتباك القومي والوطني والاجتماعي التي تعانيها بلدان العالم العربي وأصبحت أهم ملامحه السياسية، وكل هذه المقدمات قادت إلى إفراز وتكريس نتيجة وظاهرة (البندقية الضالة) ونعني بها تلك البندقية التي انحازت إلى إيران في العراق، وحولت البلاد إلى مجال حيوي واستراتيجي للأطماع والطموحات الإيرانية بعد أن هلهلت آلة الاحتلال الأمريكية وفرطت سبحة الوطن الواحد، وفي لبنان وظفت هذه البندقية لخدمة مصالح المتصارعين على الساحة الدولية لتصفية الحسابات وممارسة المناورات السياسية من قبل بعض الأطراف التي ظنت أن احتكار المقاومة قدم كمسوغ طبيعي لاحتكار الوطن، فأخذت تصول وتجول في فضاءت الأمن والسلم الوطني حتى أعادت شبح الحرب الأهلية الماضية. وفي الصومال تترنح البلاد تحت وطأة تراكمية هائلة من الإرهاصات السياسية التي انعكست على أبناء الصومال بظواهر الفقر والضياع التي جلبها عليهم تجار السلاح والموت وأمراء الحرب المسيسون. وهاهم الفلسطينيون يقفون على برميل من بارود بعد أن فرقت ثقافة السلاح التائه بينهم من أجل التحزبات والولاءات الحزبية والايدولوجية الضيقة التي لم يعد أمامهم من مخرج للانعتاق من قبضتها بالالتفاف حول وحدتهم وحكومتهم الوطنية وتكريس اتفاق مكة والمحافظة على بنوده من عبث العابثين. إن ثقافة البندقية ومهما بلغت من سمو ورفعة وتضحية خصوصًا عندما تقترن بالدفاع عن الحريات والحقوق من نير المحتلين فإنها وفي الوقت ذاته وعندما تشهر في وجه أبناء الوطن الواحد ولأي سبب كان وتحت أي مسوغ وتبرير فإنها لاتقل مقاتة وسوءاً عن ثقافة التجسس وبيع أمهات المنشآت للغزاة المستعمرين الذين لا يملون ولايكلون في شحذ همم هذه البنادق الضالة في العالم العربي لتحقيق مآربهم وأطماعهم.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244