Al Jazirah NewsPaper Saturday  17/02/2007 G Issue 12560
الاقتصادية
السبت 29 محرم 1428   العدد  12560
تساؤلات حول التملك الوهمي العقاري..
تسويق الوهم في مخيمات كبرى.. ومجسمات دون تصاريح!

أتساءل دائماً، لماذا تنعدم الثقة في أوساطنا التجارية؟ ولماذا تعج أسواقنا بالكثير من الممارسات الخاطئة كالغش التجاري والتدليس وعدم احترام الشيك.... إلخ.. خلال الأسطر التالية، سأسرد لكم أحداثاً واقعية تعرض لها أحد أصدقائي عندما رغب في شراء وحدة سكنية بمدينة الرياض من قبل أحد تجار العقار، وكيف تعرض هذا الصديق (وغيره المئات من الضحايا أمثاله) لكافة أوجه الغش والخداع والنصب من قبل ذلك التاجر دون حسيب أو رقيب.

وإليكم أحداث القضية:

عرضت المؤسسة العقارية التي يملكها هذا التاجر على صاحبي فرصة تملك وحدة سكنية في مشروع ويكون الدفع على دفعات. وتم توجيه الدعوة لصاحبي لزيارة مكان عرض وتسويق الوحدات والمجسمات السكنية، في مدينة الرياض، وتم اطلاع صاحبي على مجسمات الفلل والشقق التي سيتم تسويقها. فقرر صاحبي شراء وحدة سكنية بمبلغ (206) ألف ريال، دفع منها سبعون ألف ريال عند توقيع العقد على أن يتم دفع المتبقي من المبلغ عند استلام الوحدة السكنية مؤثثة. وقد تضمن العقد أن بداية تنفيذ المشروع ستكون خلال شهرين، وأن الإفراغ والتسليم لصاحبي سيكون خلال (18) شهراً، وتوجه صاحبي لموقع المشروع واطلع على المخططات وتم تزويده بكروكي للموقع.

وبعد شهرين، وحيث كان من المفترض أن يتم البدء في تنفيذ المشروع، بدأ مسلسل النصب والخداع، فالتاجر لم يبدأ في تنفيذ المشروع، وبدلاً من ذلك بدأ مسلسل المراوغة والمماطلة مستخدماً مختلف الحجج الواهية التي بسببها لم يتم تنفيذ المشروع.

بعد ثمانية أشهر فوجئ صاحبي بإزالة لوحات الشركة الموضوعة في الأرض حيث تم استبدالها بلوحات لملاك جدد، وعند مراجعة صاحبي للتاجر لاستيضاح الأمر لم يتمكن من رؤيته واستمر في مطاردته لعدة أشهر دون جدوى، ومع إلحاح صاحبي بالحصول على الوحدة السكنية المتفق عليها واستعادة ما دفعه من أموال لم يتردد ذلك التاجر من تحرير عدد من الشيكات، وعند مراجعة صاحبي للبنك لصرف تلك الشيكات، أفاد البنك بأن هناك العشرات من ضحايا ذلك التاجر ممن تم تحرير شيكات بدون رصيد لهم.. وعلى الرغم من تقدم صاحبي وبقية الضحايا بشكاويهم على ذلك التاجر لوزارة التجارة وغيرها من الجهات الأخرى، إلا أنه لم يتم اتخاذ شيء بشأنه.

تلك الممارسات غير الإخلاقية والتي أقدم عليها ذلك التاجر، والمليئة بمختلف أنواع الغش والخداع والتزوير، تطرح علينا جملة من التساؤلات ومنها:

- كيف يسمح لذلك التاجر بوضع لوحات كبيرة تشير إلى تملكه للأرض دون التأكد من تملكه الفعلي للأرض؟.

- وكيف يسمح له بإقامة مخيم كبير جداً في وسط الرياض من أجل تسويق ذلك المشروع السكني الوهمي على الرغم من عدم حصوله على الترخيص النظامي اللازم لذلك من وزارة التجارة؟.

- وكيف يسمح له بالإعلان عن مشروع سكني وهمي في مختلف الصحف مما أسهم في بيعه الوهم للمواطنين والاستيلاء على أموالهم دون حصوله على الترخيص اللازم من وزارة التجارة بنشر تلك الإعلانات؟.

- وكيف يسمح له بتصميم مجسمات تلك المدينة السكنية الوهمية وعرضها في أماكن عامة دون الحصول على موافقة الأمانة بذلك؟.

- وكيف يسمح له بتحرير عشرات الشيكات بدون رصيد دون أن يتعرض للمساءلة والتوقيف، علماً بأن عشرات المواطنين من ضحايا هذا التاجر قد تقدموا بشكاويهم لوزارة التجارة وغيرها من الجهات ذات العلاقة لإيقافه عند حده ولكن دون جدوى؟.

ما من شك أن تلك الممارسات والتجاوزات التي ارتكبها ذلك التاجر إنما تمثل قمة الفوضى وانعدام الثقة في التعاملات التجارية لدينا، كما إنها دلالة قوية على ضعف الجوانب التنظيمية والإشرافية والرقابية من قبل الإدارات المختصة بوزارة التجارة. وقد أسهم ذلك في تحفيز عديمي الذمم وضعيفي الوازع الديني بأن يعيثوا في الأرض فساداً ويسلموا أموال المواطنين الضعفاء دون وجه حق. والسؤال هنا متى ستتحرك وزارة التجارة لوضع التنظيمات الرادعة والكفيلة بإعادة الثقة لمختلف تعاملاتنا التجارية؟.

د. محمد بن عبدالعزيز الصالح

Dralsaleh@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد