Al Jazirah NewsPaper Saturday  17/02/2007 G Issue 12560
الاقتصادية
السبت 29 محرم 1428   العدد  12560
التخطيط الاستراتيجي في التأمين الصحي للشركات
وادي بن براك الزعيلي*

بدت الحاجة هذه الأيام ماسة أمام القطاع الخاص لوضع استراتيجيات في التأمين الصحي للموظفين لديها ولمعاليهم، فالكثير من الشركات الرائدة تدفع الملايين لشراء الوثائق الصحية لموظفيهم، والهدف العام - بغض النظر عن قرارات مجلس الضمان الصحي - هو إيجاد ضمان متكامل للموظف بحيث يقوم بعمله اليومي على أكمل وجه وإذا - لا قدر الله - حدث لهذا الموظف أي عارض صحي يجد الطرق مفتوحة وميسرة له والبدائل عديدة للحصول على الخدمة الصحية. فالعامل يقوم بكل جهده لزيادة الإنتاجية اليومية والمطلوبة منه، ويؤدي (ولاءه) الكامل للمنظمة التي يعمل بها، وإذا حدث له مكروه ودعت الحاجة لمراجعة أحد المراكز الصحية وفوجئ بأن حالته غير مغطاة Not-covered أو أن المركز الصحي غير معمد Not-appointed أو حتى قل لم يصله التعميد، فإن هذا الموظف سيكون له وضع آخر عند العمل بمنظمته بل ويمتد به الأمر إلى التذمر والاستياء وتقول أحد المراجع العلمية - إن ولاءه يقل نتيجة لعدم وفاء منظمته بالتزاماتها. وحتى لا تخسر هذه المنظمات عميلها الداخلي فهناك أساسيات سنتطرق لها - وأرى - أن يلتزم بها متخذو القرار إذا أرادت المنظمة الحرص على هذا الموظف واعتباره AssetوليسLiability

أولاً: زيادة منافع وحدود التغطية: يعتقد الكثير من الموظفين عند العمل بالشركات أن التأمين الصحي يغطي جميع ما يحتاجه الموظف أو عائلته، وهذا المفهوم - للأسف الشديد - منتشر بشكلٍ كبيرٍ عند الحصول على بطاقة التأمين الصحي وخصوصاً في المرة الأولى والسبب يرجع بشكلٍ رئيس إلى عدم إيضاح حدود التغطية وشرحها من قِبل إدارة التأمين في المنظمات المؤمنة نفسها، ويرجع ثانياً إلى ضعف العلاقة مع الوسيط Broker إذا كان هناك وسيط، فمجرد حصول هذا الأخير على نصيبه Commission تراه يتلاشى ولا تراه إلا عند تجديد الوثيقة، والسبب الثالث يقع على ضعف شركة التأمين إذ لا تقوم بطباعة كتيب إرشادي يحوي جميع حدود ومنافع التغطية للوثيقة. ولكن زيادة المنافع يتطلب زيادة في القسط Premium ، فما الحل؟ الحل بسيط جداً هو دراسة ما يحتاجه الموظف وتغطيته وفقاً لأساسيات وثيقة الضمان الصحي Basic وليس Supplement . فمثلاً ما الحاجة لتغطية نفقات الحمل والولادة و50% من الموظفين غير متزوجين؟ من هنا تتضح لنا أهمية تقسيم الموظفين إلى فئات بحسب الدرجة أو مكان العمل أو أي معيار يعتد به لمعرفة حاجة الموظف الفعلية، ويخطئ الكثير عندما لا يقرؤون منافع الوثيقة وحدودها واستثناءاتها، لأن ليس كل الخدمات تعوض من قِبل شركة التأمين Reimbursed حتى ولو كانت الحالة طارئة.

ثانياً: الاعتماد على تقييم البرامج وإدارتها: المنشأة التي تعتمد على التقييم الوصفي Qualitative وليس الكمي Quantitative أرى أنها مجرد منظمة قراراتها تخبطية وتعتمد على المزاجية وليس العلمية وإذا كان هناك نجاح لها فهو مؤقت يلعب معه الحظ والعلاقات الشخصية دورهما المعهود. إن معرفة نسبة الخسارة في الوثيقة Loss Ratio هو محدد رئيس له مكانته عند متخذ القرار والمحلل الاكتواري. إن اختلاف شبكات مقدمي الخدمة وتوزيعهم الجغرافي لابد أن يحدده مدى توزع عملاء المنظمة الداخليين وليست شركة التأمين أو عوامل أخرى، ويمكن اختصار هذه النقطة بالمحاور الرئيسة في عمليات التأمين الصحي وهي التوزيع الجغرافي للموظفين ومدى تردد الفئات العمرية على الخدمات الصحية، وتوزيع الشبكات الصحية لمقدمي الخدمة في شركة التأمين، وكذلك مدى رضا هؤلاء المستفيدين من الخدمات. لذا نرى أهمية تقييم برنامج التأمين الصحي قبل نهاية الوثيقة وبعدها وذلك لتعديلها بناء على رغبات العملاء، ليس عند هذا الحد بل التأكد من ملائمة وثيقة الضمان الصحي للموظفين.

ثالثاً: تقليل التكاليف: لدى الكثير من المنظمات ذات الأعداد الكثيرة مراكز تكلفة متعددة ويؤدي الكثير من العملاء عملهم وهم في مناطق نائية وعند الحاجة لمقدم خدمة فقد يستغرق بعض الوقت، وقد تخسر المنظمة المال وساعات عمل كثيرة حتى يحصل العميل على الخدمة، ولو عملت المنظمة عيادات داخلية In-house Clinics لتجاوزت الكثير من التكاليف، وبوجود نظام تحويل صحي Referral System ستكون عندها حركة انسياب المستفيد سليمة فلا يمر بالاستشاري دون المرور بالطبيب العام. تقسم الوثيقة غالباً إلى رئيسية وتكميلية - كما ذكرنا سابقاً - فما الحاجة إلى الخدمات التكميلية والمستفيد لا يستخدمها أبداً، وهذا مبرر قوي لزيادة قسط التأمين.

رابعاًً: الجودة: الحلقة المفقودة غالباً في التأمين الصحي هي الجودة الصحية، فكثير من المنظمات تتعاقد مع شركات تأمين غير مؤهلة والطامة الكبرى إذا كان مقدمو الخدمة لا يعرفون من الجودة سوى اسمها، فالمنظمة التي لا يجد موظفوها عند مراجعتهم لمقدمي الخدمة الاهتمام والرعاية الكاملتين سيقع اللوم هنا وبشكل رئيس على متخذي القرار، فسوء اختيارهم لمقدمي خدمة غير مؤهلين يكبدهم خسائر مادية ومعنوية ليست بالهينة إذا تم تحليل اقتصادياتهم الصحية، يرى (كروسبي) أن الجودة هي المطابقة للاحتياجات وليست الكفاءة في الأداء. ولحسن الحظ سن مجلس الضمان الصحي قانوناً يلزم مقدمي الخدمة بتقديم خدمات صحية ذات جودة عالية، ولكننا ما زلنا بمرحلة التخطيط لها. وفي رأيي المتواضع أن المستفيد إذا قدم إلى مقدم صحة غير معتمدة Accredited فهناك خطر في الحقيقة على صحته. نحن لا نطالب جل مقدمي الخدمة الصحية بالحصول على شهادات الاعتراف الدولية أو المحلية. بل لابد أن تكون الأساسيات كالرسالة والرؤية والسياسات والإجراءات ووسائل السلامة الطبية للمراجعين وغيرها متوفرة. فالمعايير الدولية لابد أن تدخل النظام الصحي لدينا ومجلس الخدمات الصحية لا يألو جهداً في التطوير.

وفي الختام نرى الاهتمام بالموظفين وتقديم خدمات صحية تأمينية متكاملة لهم عنصراً مهماً في تعزيز ولاء الموظفين لمنظمتهم، ولكي تحافظ المنظمة على أداء متميز وولاء عالٍ لموظفيها فلا تغفل حقوقهم أو تبخس من مميزاتهم عند تجديد وثائقهم الصحية، فزيادة المنافع وتقييم البرنامج التأميني والحصول على جودة عالية مع تقليل للتكاليف تعتبر استراتيجيات يجب ألا تغيب عند عمل الوثيقة الصحية للموظفين وعائلاتهم، وهذا الحكم يقع حتى في حق المنظمات الصحية إذ لم يستثنها نظام مجلس الضمان الصحي التعاوني في جلسته رقم (40).

*(ماجستير إدارة صحية والزمالة الأمريكية للتأمين الصحي)

wadibarrak@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد