في تصميم وطني شجاع، وبإرادة وطنية فلسطينية صلبة، وبدعم سعودي خلاق انطلق من مسلمات وثوابت السياسة الخارجية السعودية وفلسفتها النظيفة والنزيهة، نجح الإخوة الفلسطينيون في تخطي عقبات التحزب والتقوقع السياسي وتجاوز مفاهيم الشخصنة بالارتداد إلى أحضان الشرعية الوطنية كبوتقة واحدة تنصهر فيها جميع فئات وألوان الطيف السياسي الفلسطيني من خلال حكومة وحدة وطنية جديدة ابتعد الطرفان المتخاصمان فيها عن نقاط التماس المباشرة المتمثلة في حقيبتي الداخلية والخارجية ووقعوا اتفاقاً يوطد لمرحلة جديدة من التآلف السياسي والتناغم النضالي الذي كان في الأيام السابقة ضائعاً وتائهاً في متاهات التشرذم والاحتراب الدائر في الشوارع الفلسطينية.
لقد برهن الإخوة الفلسطينيون على أن الأمة العربية والإسلامية ومع ما تمر به من ارتباكات سياسية وقلاقل أمنية وتضاد سياسي بين دولها وأنظمتها المتناوئة أحياناً برهنوا أن في هذه الأمة من الخير والأمل الكثير لو أن النوايا تأتي صادقة ومخلصة للم الشمل العربي ورأب ما يحدث في جدار وحدة مصيره من منازعات ومناوشات جرته إلى صفوف الدول المتخلفة إنسانياً كما دلل هذا الاتفاق على أن القيادات العربية والزعمات السياسية في المنطقة ليست بسواء، فعند المحن تظهر الشخصيات العروبية الأصيلة التي لا تولي جهداً أو سعياً في حماية اللحمة العربية بمساعٍ وجهود بعيدة كل البعد عن مزايدات المراهقة السياسية والابتزاز الرخيص فكان ذلك الحدث شيئاً جميلاً وخلاباً على الواقع العربي الذي طالما افتقد لمثل هذه الإنجازات والدبلوماسيات الناجحة الآن، الاخوة الفلسطينيون وعلى الرغم مما تحقق من حلحلة سياسية وتفاهم وطني فإنهم مطالبون ومن منطلق الحرص على الحفاظ على هذا الإنجاز وحمايته من عبث العابثين وتآمر المتآمرين سواء كان ذلك من داخل الأراضي الفلسطينية أو من خارجها ونعني بها تلك الدول التي أصبحت تتغلغل في الأوطان والأقطار الأخرى من أجل إيجاد موطئ قدم لسياساتها الخارجية المعتمدة على المغامرة والمناورة على أراضي الغير.
إن الفلسطينيين وفي خضم ما يحدق بقضيتهم من أخطار استراتيجية ومشروعات استيطانية إسرائيلية أصبح المسجد الأقصى من أولوياتها وفي مقدمة مرمى أهدافها قد أصبحوا بحاجة ماسة للالتفاف حول الذات النضالية والتمترس خلف وحدتهم الوطنية التي هي بمثابة صمام الأمان الوحيد لهم من مخططات التهميش والاهتضام التي أصبحت تحيط بهم وتترامى سهامها عليهم من كل حدب وصوب وبأساليب متعددة أخطرها قلاقل الداخل التي يطمح العدو الصهيوني إلى أن تقود إلى حرب أهلية وفوضى سياسية يسيل لعاب الوحش الإسرائيلي من خلالها ويزيد حنينه إلى إعادة احتلال الأراضي الفلسطينية واحكام سيطرته عليها ليعيد القضية إلى مربعها الأول.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244