طالعنا الكثير من التعليقات على لائحة مراكز التدريب الأهلية والتي اعتمدت مؤخراً من المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، ففي الوقت الذي كانت فيه المؤسسة تدعم مراكز التدريب الأهلية معنوياً ومعلوماتياً ومادياً، خرجت علينا هذه اللائحة بشكل مغاير لذلك التوجه، فقد بدت قناة تحصيل وجباية من خلال فرض رسوم لإصدار التراخيص ورسوم أخرى على الإشراف الإداري والتدريبي والاختبارات وإصدار الشهادات ونقل الملكية وبدل الفاقد، والغريب أن لكل خدمة رسوماً منفصلة عن الأخرى، وبهذا التوجه حادت المؤسسة عن أهدافها المعلنة والتي من بينها تقديم الدعم والمشورة الفنية لأقسام المعاهد والمراكز الأهلية، كما أنه لا أعتقد أنه يغيب عن المؤسسة أن هذه الرسوم سيكون ضحيتها المواطن وبالتالي ستكون من عوامل عزوف المواطنين رجالاً ونساءً عن التدريب، لأن إضافة أي رسوم على أي خدمة سوف يصاحبه رفع لقيمة البرامج التدريبية، وهذا لا يتواكب وتوجه الدولة في التيسير على المواطنين.
كنا نتمنى كسيدات أعمال أن لا تكتفي المؤسسة بعرض مسودة هذه اللائحة على شخص أو اثنين لأنها لائحة تهم وتمس الكثيرين من المستثمرين والمستثمرات فهناك العديد من سيدات الأعمال لهن استثمارات في هذا المجال، ولكن للأسف تم تغييبنا عن هذه اللائحة قبل إقرارها رغم مطالبتنا الخطية بذلك.
ولمست في اجتماع لجنة مراكز التدريب الأهلية بالفرع النسائي بغرفة الرياض مدى الامتعاض من سيدات الأعمال حول هذه اللائحة لما فيها من بنود تعجيزية وغير منطقية والتي باتت تشكل معوقاً رئيسياً في طريق سيدات الأعمال المستثمرات في هذا المجال التي كان من المفترض أن تعرض مسودتها على جميع المستثمرين رجالاً ونساءً وأخذ الاقتراحات والملاحظات حولها وهذا ليس بالأمر الصعب فكان من المناسب وضع مسودة اللائحة على موقع المؤسسة الإلكتروني وتلقي الملاحظات حولها، كما أنه من المؤسف أن المؤسسة لم تأخذ حتى بتحفظات لجنة مراكز التدريب الأهلية والتي كما علمت أنها رفعت بطلب إلى معالي محافظ المؤسسة بالتريث في تطبيق اللائحة لما فيها من أضرار على مستثمري قطاع التدريب.
إننا كسيدات أعمال كنا نتمنى المشاركة في الرأي للوصول إلى لائحة تسهم في تطوير مخرجات مراكز التدريب والمساهمة في تأهيل بنات الوطن وفي نفس الوقت لا تعرقل استثمارات المرأة السعودية في مجالات التدريب لا سيما وأن هناك العديد من الاستثمارات القائمة ستجد سيدات الأعمال أنفسهن مضطرات لإغلاق مراكزهن التدريبية.
ولعل مراكز التدريب النسائية هي الأكثر تضرراً لأنها مراكز ناشئة وفي بداية انطلاقها وتواجه الكثير من العوائق، وقد استبشرنا بقرب انتهاء تلك العوائق حينما تم تحويل مسؤولية الإشراف على مراكز التدريب إلى المؤسسة، ولكن المحزن أن أول ما واجهتنا به المؤسسة هذه اللائحة التي لا يمكن من خلالها مواصلة العمل وبالتالي ستفقد المرأة السعودية خيارات التطوير والتدريب التي كانت هذه المراكز تطمح إلى تقديمها للمرأة السعودية لاسيما في ظل توجه حكومة خادم الحرمين الشريفين لتطوير كفاءة المرأة السعودية وتوسيع آفاق فرص العمل لها في القطاع الخاص، خاصة وأن المؤسسة بدأت تفتح معاهد تقنية بالإضافة إلى نيتها افتتاح إدارة للتعليم الموازي أي أصبحت جهة منافسة لمراكز التدريب الأهلية.
ومن المؤسف أن تصدر تصريحات تتهم مراكز التدريب بأنها مجرد مراكز ربحية فقط، وهذا منافٍ للحقيقة، فهذه المراكز تقدم خدمات تدريبية وبالتالي ليس من حرج في جني مقابل مادي نظير الخدمات، ولكن السؤال المطروح في المقابل: لماذا اتجهت المؤسسة إلى الربحية أو على الأقل التوجه إلى التحصيل على الرغم من أنها مؤسسة حكومية تم دعمها مؤخراً بميزانية تقدر بـ 3.309.758.000 ريال ومع ذلك اتجهت وفق اللائحة إلى البحث عن المال من خلال تلك الرسوم التي فرضت على مراكز التدريب الأهلية والتي سيتضرر منها المواطن سواء المتدرب أو المستثمر لتغطية تكاليف الإشراف؟.. والخلاف هنا ليس على مجرد استيفاء الرسوم ولكن على مقدار تلك الرسوم وتعدد قنواتها فاللائحة تضمنت رسوماً على كل خطوة من خطوات العمل وبشكل دوري مبالغ فيه.
كما أن ملاحظاتنا لا تقتصر على الجانب المادي فقط وإنما هناك العديد من النقاط الأخرى كضوابط التوظيف وخلافه التي من المهم إعادة النظر بها.. إن القضية ليست مواجهة بين قطاعين وإنما هي تعاون وشراكة لأننا نعمل سوياً لما فيه خير الوطن، ومن هذا المنطلق فإننا نأمل أن يكون هناك إعادة نظر في اللائحة وأن نسهم جميعاً في تقديم خدمة تحقق الهدف في تأهيل قوى بشرية وطنية مؤهلة.
(*) رئيسة المجلس التنفيذي الفرع النسائي بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض