الأحداث التي تجري في كل من مكة المكرمة والقدس الشريف تبعث رسالة واضحة، وهي أن إسرائيل لن ترتدع إلا بتكاتف الفلسطينيين ووحدتهم؛ ففي الوقت الذي يلتقي فيه قادة حركتي فتح وحماس في مكة المكرمة تلبيةً لنداء خادم الحرمين الشريفين لحقن الدماء الفلسطينية، يتعرض المسجد الأقصى المبارك إلى عمليات هدم إسرائيلية للتلة التاريخية ذات الطابع الإسلامي والمؤدية إلى باب المغاربة، وهدم غرف تابعة للمسجد الأقصى المبارك في منطقة البراق، وهو ما يعتبر استمراراً للاعتداءات الإسرائيلية التي تهدف إلى تهويده وطمس معالمه الإسلامية والحضارية.
ومن المعلوم أن إسرائيل لا تكتفي بالاعتداء على المسجد الأقصى المبارك، وإنما ظلت تقوم بجرائم تطهير عرقي بحق المقدسيين وبيوتهم وأحيائهم الإسلامية، وتواصل إغلاق القدس بجدار الفصل العنصري بهدف تحويلها إلى مدينة يهودية خالصة، وتواصل التغلغل في الحي الإسلامي وبناء الكنس والتجمعات اليهودية.
إن هذه الاعتداءات يجب أن تكون دافعاً قوياً للمتحاورين في مكة المكرمة؛ لأن يصلوا إلى اتفاق موحد؛ كون ذلك سيعتبر أفضل وأقوى ردّ على جرائم إسرائيل؛ فإسرائيل لم يكن لها أن توغل في استهانتها بالمشاعر الإسلامية وتتجرأ على المقدسات الإسلامية في فلسطين لو كان الفلسطينيون متكاتفين.
ولكن الاقتتال الفلسطيني - مع الأسف - قد فتّ في عضد الفلسطينيين، وأوهن قواهم، وشتّت جهودهم، لكن الأمل لم يفت؛ فلا تزال في مكة فرصة تاريخية يمكن استثمارها لصالح الشعب الفلسطيني، فقط عندما يتجاوز القادة الفلسطينيون خلافاتهم الحزبية، ويضعون نصب أعينهم المصلحة الوطنية الكبرى، كما يجب أن تكون هناك وقفة عربية وإسلامية ودولية لإيقاف هذه الجرائم؛ إذ لا يمكن الحديث عن استئناف لمفاوضات السلام، حتى لو اتفق على ذلك المتحاورون في مكة، في ظل الاعتداءات على أولى القبلتين.
وعلى الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، أن تثبت أنها تسعى إلى تحقيق سلام عادل بالضغط على إسرائيل؛ من أجل احترام المقدسات الإسلامية.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS
تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244