أخرج اليوم من طور المقالة الجادة إلى مساحة أرحب يتمازج فيها الجد بالهذر، علَّني أقدم بعض ما يخفّف عن إخواننا وأخواتنا مرتهني سوق الأسهم الذي أنهى شهره الأول من العام الميلادي الجديد بخسارة قُدِّرت بـ11.2 في المائة كأكبر خسارة تسجلها الأسواق المالية الخليجية في شهر يناير الماضي. يبدو أن الخسائر المتراكمة أصابت المتداولين باللامبالاة، أو ربما أدخلتهم دائرة اليأس من عودة السوق إلى سابق عهدها؛ لذا لم تكن الخسائر الجديدة ذات تأثير يُذكر على نفسياتهم التي استُهْلِكت نسبها الدنيا مبكراً فلم يبقَ لها ما تندم عليه.
تشير الأنباء المتواترة إلى أن هيئة السوق المالية ربما أضافت إلى رصيدها المالي ما يقرب من 300 مليون ريال حصيلة بعض الغرامات في فترة زمنية قصيرة، وخصوصاً إذا ما أضفنا إلى مجموع غراماتها المحصلة حصتها من عمولات تداول الأسهم؛ أي أننا نتحدث عن مليارات بعدد أصابع اليد الواحدة تقريباً، اللهم لا حسد. أقترح أن تعمد هيئة السوق المالية إلى إنشاء صندوق لدعم فقراء الأسهم الذين كانوا السبب الرئيس لتحصيلهم الغرامات الضخمة التي تجاوزت في مجملها نصف مليار ريال سعودي، أو أن تشرع في بناء وحدات سكنية للفقراء مساهمةً منها في دعم مشروعات الفقر، وتخليداً لذكرى كارثة الاقتصاد الكبرى التي طالت خسائرها جميع فئات المجتمع. هناك اقتراح آخر ربما احتاج تطبيقه إلى تعديل بعض فقرات النظام، وهو أن تسهم هيئة السوق المالية بغرامات المخالفين في دعم صندوق التوازن المقترح، أو أن تقرض هذه الأموال إلى أحد المضاربين المحترفين كي يبدأ في صناعة الأسهم القيادية كجزء لا يتجزأ من صناعة سوق الأسهم، ولا مانع من أن تستفيد من خبرات بعض المخالفين التائبين الذين أوقعت بهم العقوبة من مبدأ (وداوني بالتي كانت هي الداءُ). أجزم بأن الهيئة ستنجح في تحقيق الحسنيين؛ ارتفاع السوق واستقراره، وتحقيقها أرباحاً خيالية ربما تجاوزت نسبتها 500 في المائة في عامها الأول.
وقد قرأت تصريحاً صحفياً للدكتور عبد الله بن حسن العبد القادر عضو مجلس إدارة هيئة السوق المالية السعودية من أنه (لا يوجد شركات أخرى سيتم تعليق تداولها على غرار بيشة وأنعام). ولا أعلم مدة صلاحية هذا التصريح، وخصوصاً أنه لم يختم بجملة (حتى الآن)؛ ما يعني استحالة تعليق تداول سهم أي شركة مستقبلاً وإن تجاوزت خسائرها 75 في المائة من رأس المال (50 في المائة النظام الجديد). ننتظر التفنيد أو التأكيد من سعادة الدكتور العبد القادر. على العموم البعض أشار إلى أن التصريح يحمل معاني (التورية) من حيث إن تعليق تداول الأسهم ربما كان من الذكريات البائدة بعد أن يتم افتتاح السوق الثانية مستقبلاً التي يمكن تشبيهها بالمستشفيات التأهيلية!!! المرشحة لاستقبال إصابات السوق الأولى؛ بمعنى آخر: أن يستبدل بكلمة (تعليق) كلمة (تحويل)، وهذه جزئية تحتاج إلى نفي أو تأكيد من الهيئة الموقرة. بعض كبار المضاربين ومروجي الشائعات استغلوا تصريح البراءة المزعوم لترويج بضاعتهم الفاسدة في سوق التداول وأوصلوها النسب القصوى يوم أمس السبت!!. تصريحات سعادة الدكتور العبد القادر جاءت ضمن ندوة حوكمة الشركات في مركز سعود البابطين الخيري للتراث والثقافة، ما حدا بأحد المراقبين إلى القول: إن (ندوة حوكمة الشركات يُفترض أن تتحول إلى ندوة (حوكمة الحوكمة) التي عجزت حتى الآن أن تقف أمام مخالفات بعض المجالس الإدارية أو أن تحدّ منها)
f.albuainain@hotmail.com