Al Jazirah NewsPaper Saturday  03/02/2007 G Issue 12546
الاقتصادية
السبت 15 محرم 1428   العدد  12546
(الجزيرة ) تنفرد بنشر دراسة لمشروع بحيرة فوق جبال السروات ونهر يمتد من غرب البلاد إلى شرقها
البحيرة تتشكل من مياه الأمطار العذبة وشبيهة ببحيرة فكتوريا الإفريقية

* قراءة - محمد صديق:

دراسة أخرى قدمها الدكتور صالح بن محمود السعدون عن مشروع بحيرة صناعية كبرى من مياه البحر المقطرة فوق جبال السروات مثل البحيرات التي تتشكل من مياه الأمطار العذبة وليست تلك البحيرات المالحة التي لا يمكن استخدامها في مشاريع الري كما اشتملت الدراسة على مشروع لإيجاد نهر من غرب البلاد إلى شرقها تغذيه الشلالات التي تنحدر من البحيرة.

حددت الدراسة أن فكرة المشروع تنبثق من أنه بالرغم من أن المملكة العربية السعودية بلد غني بكثير من الموارد الطبيعية، غير أنه ينقصه الماء والكهرباء والمياه الكافية لتغطية احتياجات الزراعة، فلا بحيرات طبيعية بجزيرة العرب غير بحيرة دومة الجندل الصناعية الوحيدة، ولا أنهار جارية عدا بعض السدود على بعض الأودية المحلية، ولا مصبات أنهار يمكن لنا استغلالها بإيجاد محطات لتوليد الكهرباء وسد احتياجات البلاد من الكهرباء.

مشروع البحيرة

يقول المؤلف: معروف أننا في جزيرة العرب نعيش فقراً وشحاً حقيقياً من حيث الأمطار التي تهطل علينا في كل عام، ومن هنا فلا أودية ولا أنهاراً ولا بحيرات، ولعل البحيرات التي نعنيها هي تلك البحيرات التي تتشكل من مياه الأمطار العذبة (الحلوة) مثل بحيرة (فيكتوريا) أو بحيرة طبرية التي يغذيها نهر اليرموك. ولعل البحيرة الصناعية التي يريد هذا المشروع أو هذه الفكرة إيجادها هي الشبيهة ببحيرات اصطناعية تكونت خلف حواجز السدود، حيث يتجمع الماء ويسمى هذا النوع من البحيرات الخزان، وعلى سبيل المثال كتلك البحيرة التي تشكلت قرب (ممر كاريبا على وادي زمبيزي) في إفريقيا، أو بحيرة ناصر التي تشكلت خلف السد العالي بأسوان، أو بحيرة فيكتوريا التي هي من أكبر بحيرات إفريقيا وثاني أكبر بحيرات العالم وأكثرها عذوبة، حيث تعد أكبر مصدر لمياه نهر النيل، وقد أدى تشييد سد شلالات أوين على النيل بين عامي 1949 - 1954م إلى ارتفاع مستوى مياه البحيرة، أما من حيث علوها عن محيطها فهي فوق منطقة جبلية، حيث ترتفع عن مستوى سطح البحر حوالي 1135م، والفارق بين المشروع المستهدف وبين بحيرة فيكتوريا أن هذه البحيرة الاصطناعية التي نتحدث عنها سيكون ماؤها من تحلية مياه البحر وليس من مياه الأمطار.

وهذه البحيرة التي يفترض أن تكون من حيث الموقع في أفضل المواقع في جبال السروات العالية والتي يمكن اختيار موقعها بين الطائف شمالاً وجازان وعسير جنوباً، ستكون واحدة من ظفيرة المشروع (سلسلة من المشاريع المتكاملة) والذي يبدأ من:

أ- محطات تحلية مياه كبرى على البحر الأحمر تغذي البحيرة بالمياه الكافية لتشغيل محطة كهرباء (كهرومائية) على مدار الساعة دون أي انقطاع قد يؤدي إلى أي قصور في المستقبل القريب أو البعيد.

ب- البحيرة بحد ذاتها مشروع آخر.

ج- محطة توليد كهرباء (هيدروكهربائية) من خلال شلالات تقام لهذا الغرض على سد يشبه السد العالي بأسوان حيث ينتهي المشروع بالجزء الأخير وهو:

د- نهر صناعي تتدفق إليه مياه البحيرة لتكوين:

هـ- مناطق زراعية كبرى أخرى بالمملكة أسوة بالمشاريع الزراعية الكبرى بأرض بسيطة بمنطقة الجوف قد تكون سلة غذاء الجزيرة والخليج العربي بإذن الله.

البدائل لمحطات الكهرباء وتحلية المياه

ومن المهم دراسة البدائل العديدة لمحطة الكهرباء التي تشغل محطات تحلية المياه على ساحل البحر الأحمر ورفع المياه من مستوى سطح البحر إلى مستوى سطح البحيرة الراقدة على مرتفعات جبال السروات، ولعل مثل هذه البدائل كثيرة فمحطات الكهرباء التقليدية التي تعمل بالمملكة حالياً على وقود البترول، إلى جانب تشغيل محطات الكهرباء على طاقة الغاز وهي الطاقة المهدرة حالياً بحيث يمكن استغلالها وتشغيل محطة كهرباء ضخمة لهذا الغرض على الغاز وهي الفكرة التي قدمها رئيس الوزراء الماليزي السابق محاضير محمد في إحدى محاضراته بالمملكة، ولعل إحدى البدائل محطات الكهرباء المشغلة على محطات صغيرة ولكنها كافية للطاقة النووية الخاصة بمجال الاستخدام السلمي لتوفير الطاقة الكافية لمحطات تحلية المياه على البحر، وهي الفكرة التي طرحت هذه الأيام من جديد ولعلها الأكثر قدرة على نجاح المشروع.

ولعلنا ننطلق لاختيار موقع البحيرة من منطلقات متعددة، منها ما يلي:

أ- كما جاء في الحكمة العربية التي تقول: (أهل مكة أدرى بشعابها)، ولهذا يمكن الاستفادة من معرفة سكان المنطقة المختارة وهي المنطقة الواقعة ما بين مكة المكرمة وحتى الباحة مثلاً لإجراء الدراسات المتعمقة حيال أفضل المواقع انطلاقاً من تلك البيانات التي يمكن جمعها من الأهالي.

ب- إلى جانب ذلك فقد يتم استشارة المتخصصين وذوي الخبرة بجغرافية المملكة العربية السعودية، بالجامعات ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا لوضع خيارات علمية أخرى لموقع البحيرة.

ج- يمكن الاستفادة من تقنية المسح والتصوير الجوي بما فيها تصوير المنطقة بالأقمار الصناعية أو مؤشرات البحث مثل جوجل (google) من أجل اختيار الموقع بالشكل الذي يؤكد أنه تم اختيار أفضل المواقع لهذه البحيرة.

د- تكليف لجنة خبراء من داخل المملكة وحتى أجانب، وكذلك مكاتب استشارية عريقة لإجراء مختلف الدراسات المطلوبة على مثل هذه البحيرة.

ولعل من المهم أن تتركز الدراسات حول الموقع من حيث ارتفاع الموقع بشكل عام، إلى جانب عمق الأرض المختارة للبحيرة، بحيث يكون عمقها بين 85-100 متر، وقدرتها على استيعاب أكبر كميات من المياه، إلى جانب قربها من موقع يمكن استخدامه كشلالات تسهل مسألة بنائها، إضافة إلى قربها من الأودية الكبيرة أمثال (وادي فاطمة ورنية والخرمة وبيشة وغيرها)، زد على ذلك اتساع شواطئ البحيرة بحيث يمكن استغلالها بمشاريع فندقية وسياحية وإقامة قرى سكنية محيطة بالبحيرة أو بالقرب منها للاستفادة من الخدمات التي توفرها مشاريع البحيرة من مياه وكهرباء وإمكانيات الخدمات الزراعية والسياحية وغيرها.

الموقع الجغرافي للبحيرة

ربما سيتم اختيار البحيرة في منطقة ما يسمى جغرافياً بظل المطر بالنسبة لجبال السروات أي بالجهة الشرقية منها والمطلة على منابع الأودية، وقد يكون اختيار موقعها أيضاً بالقرب من الجبال المطلة على البحر الأحمر، وعلى أية حال لن يختلف ذلك كثيراً إذ إن الأمطار على تلك المنطقة مع أنها أكثر مناطق المملكة من حيث كثافة المطر، غير أنه لن يغذي البحيرة بشيء يذكر، لذا فإن تغذية البحيرة بالمياه سيكون من خلال مصدرين الأول رئيسياً والثاني ثانوياً وهو الذي ربما قد يصعب تحقيقه.

المصدر الأول: هو تحلية مياه البحر الأحمر، وخاصة كمنطقة مستهدفة هي تلك المياه التي ربما تبدأ من 100كم شمال القنفذة وحتى 100كم شمال جازان، وهذه المنطقة تتميز بنقاء مياه البحر في هذه المناطق بعيداً عن المدن ونفاياتها أو ما شابه ذلك، كما أنه لم يحدث بها بعض الكوارث البيئية التي أصابت بحاراً وخلجاناً أخرى، كالكوارث النفطية التي أدت إلى إحداث أضرار كبرى بالحياة البيئية والفطرية الخليجية إبان الحربين العراقية الإيرانية والعراقية الأمريكية. ولذا فتلك المنطقة الواقعة من شمال القنفذة إلى شمال جازان ستكون أفضل المواقع المستهدفة لإقامة محطات تحلية المياه إلى جانب ما يفترض من عمق المياه على تلك السواحل الإنكسارية.

المصدر الثاني: وهو المياه الجوفية العميقة وكذلك الأنهار الجوفية، وهو رغم أنه من غير المؤكد أن يتم الاستفادة من هذا المصدر، غير أنه من المعروف أن رحلة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان الفضائية بديسكفري قد طلبت منه بعض الجهات العلمية بالمملكة كمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا، الكثير من المشروعات العلمية التي تم تصويرها جواً، وربما يكون هذا التصوير قد شمل مثل هذه المناطق في مثل هذه الأغراض أعني المياه والأنهار الجوفية، كما أن هناك طبقات من المياه الجوفية سواء كانت سطحية أو تحت سطحية من المياه المخزونة في باطن الأرض ما يمكن الاستفادة منه لمشروع هذه البحيرة.

ويمكن لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا أن تستفيد من التجربة الليبية في مصادر المياه لما سمي بالنهر العظيم في ليبيا، حيث أسس هذا النهر أساساً على المياه الجوفية المستخرجة من باطن الأرض، كما يمكن دراسة الوضع بالمشروع الليبي لمعرفة سلبياته أو الأسباب التي أدت إلى فشله أو اتجاهه نحو الفشل في وقت قصير لتلافي أية أخطاء بالمشروع الذي نتحدث عنه، ورغم أننا لا نعول كثيراً على هذا المصدر إلا أن الفيصل بالموضوع هو الدراسات العلمية والاستشارية المتعمقة أكثر من الآراء الشخصية.

مشروع النهر

ويؤكد المؤلف: نحن بالمملكة العربية السعودية لدينا ثلاثة خيارات مطروحة هي المياه الجوفية والمخزونات الهائلة التي تكمن تحت باطن الأرض. وفي هذه الفكرة نستخدم فائضاً مائياً نتج عن الحاجة الماسة إلى استخدام كميات هائلة من المياه لتضخ من محطات تحلية المياه بالبحر الأحمر نحو البحيرة، التي بدورها ومن أجل تشغيل توربينات محطات الكهرومائية (القدرة الهيدروكهربائية)، مما سيجعل كميات هائلة من المياه تنحدر عبر الشلالات من البحيرة نحو الوادي أو النهر، ليتم استغلاله بشكل عملي في استخدام واحد من مجاري الأنهار القديمة التي كانت جارية كالنيل والفرات ودجلة إبان العصور المطيرة بجزيرة العرب، فنحن قد نحتاج إلى إزالة الأتربة التي تعبأت بها تلك الأودية بفعل عوامل التعرية الجغرافية، ووضع حافات أسمنتية أو ما شابهها حول مجرى النهر لأغراض سياحية أو زراعية أو من أجل التحكم بعرض النهر وحجمه وتقليل الفاقد من المياه بسبب التسرب، أما النهر على وجه العموم فهو موجود كمجرى من خلال الأودية (الأنهار القديمة) ولن نحتاج إلى حفره أو شقه.

وهذه الأودية القديمة التي قد تكون نهرنا الصناعي الجديد هي واحد من عدة أودية كانت عبارة عن أنهار كبرى إبان العصور المطيرة وهي:

1- وادي الرمة: وينبع هذا الوادي في منطقة المدينة المنورة متوجهاً نحو منطقة القصيم باتجاه شمالي شرقي حتى يختفي تحت رمال نفود الثويرات التي تطمر معالمه، ثم يظهر من جديد تحت اسم وادي الأجردي حيث يتجه نحو الشمال الشرقي، ثم يختفي من جديد تحت رمال الدهناء، ثم يظهر تحت اسم وادي الباطن ثم يتجه نحو بلدة الرقعي التي تقع عند التقاء الحدود السعودية الكويتية العراقية، ليتابع سيره نحو مدينة البصرة حتى شط العرب، ويستقبل هذا الوادي الكبير أكثر من 300 رافد تغذية بالمياه وهو بطول يبلغ حوالي 1225 كم، وهو يعادل طول نهر الراين وأكثر من طول نهر الرون بأوروبا.

2- وادي حنيفة: وميزة هذا الوادي أنه يخترق وسط جزيرة العرب، ويخترق وسط مدينة الرياض متجهاً نحو الشرق حتى يصب في الخليج العربي، ولعله يتم إجراء دراسات متعمقة حول إمكانية أن يخترق هذا النهر وسط المملكة من الغرب إلى الشرق، فيبدأ النهر بوادي فاطمة ثم يتم نقل مياهه عبر محطة تجميع كبرى أو أنابيب نحو وادي رنية أو وادي تربة فوادي الخرمة ثم إلى وادي الدواسر، ومن هناك يمكن أن تقام بحيرة تجميع وتنقية للمياه وتنقل بالأنابيب نحو جبال طويق الوسطى أو منطلق وادي حنيفة الذي يتجه نحو وسط المملكة مروراً بوادي البطحاء وسط الرياض حيث يختفي هذا الوادي تحت رمال الدهناء، فيظهر بعدها باسم وادي السهباء متجهاً نحو الشرق فيختفي تحت رمال الجافورا، ثم يظهر من جديد حتى يصب في الخليج العربي جنوب خور العديد.

ولعل مسألة اختيار موقعه بالمملكة يخضع لاعتبارات متعددة ودراسات علمية متعمقة والتي تأخذ كل الأمور بعين الاعتبار، سواء كان من حيث مرور النهر بأكثر المدن حيوية، وإمكانية إقامة مدن جديدة عليه وأفضل المواقع المناخية والجغرافية لإقامة مثل هذه المدن الجديدة وأهدافها، على الصعيد الاقتصادي والبيئي والأمن الوطني والقومي والزراعي، ودراسات الجدوى للشركات الزراعية بالمملكة - والتي يفترض أن يقوم على كاهلها مشروع النهر بالدرجة الأولى - لأفضل الأراضي الزراعية بالمملكة.

ولعل أهمية المشروع تنبع من الحاجة إلى التوسع بالمشاريع الزراعية التي تزيد من الأمن الغذائي ليس فقط للمملكة العربية السعودية فحسب، بل لدول الخليج العربي وربما دول الهلال الخصيب العربية كافة أيضاً التي بدأت مشاريع المياه التركية تهددها تهديداً خطيراً.

تمويل المشروع

لم تعد الحكومات مجبورة على أن تنفق مليارات من الدولارات على المشروعات الكبرى والاستثمارات التي يمكن أن تعود بالأرباح الهائلة على الشركات الاستثمارية المحلية منها أو الإقليمية، ولذا فالدولة قادرة على الاختيار بين مجموعة من أساليب الإنفاق على هذا المشروع، يحيث يمكن اختيار أنسبها:

أ- يمكن للدولة تكوين شركة كبرى مساهمة تنقسم بدورها إلى عدة شركات، شركة تتعلق بالكهرباء وشركة تتعلق بالزراعة، وأخرى تتعلق بالسياحة بحيث تدخل في تكوين هذه الشركة الأم كل الشركات الزراعية بالمملكة وشركة الكهرباء الموحدة بالمملكة، إلى جانب الشركات السياحية.

ب- يمكن أن يكل اتحاد من الشركات السابقة، كل شركات تتوحد بشركة أم حسب نشاطها فشركة كبرى للزراعة والمياه، وشركة كبرى أخرى للكهرباء، وشركة كبرى أخرى للسياحة، بحيث كل شركة من هذه الشركات الثلاث الكبرى تتكون من اتحاد للشركات المتخصصة على المستوى الوطني أو المستوى الإقليمي.

ج- يمكن للدولة أن تستثمر جزءاً من أموالها بالمشروع لإعطاء الثقة للشركات المحلية والإقليمية بجدية المشروع ورعاية الدولة له، كأن تدخل الدولة بنسبة معينة 30% أو أكثر أو أقل.

د- من المهم أن يوضع جدول زمني لدراسة المشروع من كل جوانبه، ومن ثم زمن محدد للشركات السعودية الوطنية وكذلك الإقلميية لإنهاء كافة محادثاتها واتفاقياتها خلال ذلك الزمن وإلا عرض المشروع على جهات أخرى (كاتحاد لرجال أعمال متحمسين للمشروع مثلاً)، ومن المهم أيضاً أن يوضع مراحل زمنية محددة وعلى المقياس العالمي للشركات التي ستقوم بتنفيذ المشروع، والابتعاد عن السلبيات المعروفة بالمناقصات وترسية المشروعات.

هـ- يمكن التعامل مع المشروع بنفس الطريقة التي تم التعامل بها مع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية أو ترسية هذا المشروع على ثلاث شركات متخصصة عملاقة، أو شركة أم كبرى ومن ثم طرح أسهمها للاكتتاب على غرار طرح مشروع مدينة الملك عبدالله أو شركة ينساب وبنك البلاد واتحاد الاتصالات وغيرها.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد