ألقى الأستاذ عبد الله بن صالح بن جمعة رئيس أرامكو السعودية، كبير إدارييها التنفيذيين يوم أمس كلمة في مركز البيئة بجامعة هارفارد بمدينة بوسطن الأمريكية تحت عنوان (الطريق إلى مستقبل الطاقة) أشار فيها إلى أن العالم سيشهد خلال الخمس والعشرين سنة القادمة نمواً كبيراً في حجم الطلب على الطاقة وأن الطريق لتلبيته ذلك الطلب الكبير هو تبني مسار ثنائي متزامن يتم فيه تطوير تقنيات الطاقة البديلة والتغلب على معوقاتها الفنية والتجارية، وفي نفس الوقت التركيز بشكل أكبر على تطوير تقنيات استكشاف واستخدام الطاقة البترولية ورفع كفاءتها البيئية. وقد استهل الأستاذ عبد الله جمعة كلمته، التي ألقاها في قاعة المحاضرات الرئيسية بمركز العلوم في الحرم الجامعي بحضور نحو 300 من طلبة وأساتذة جامعة هارفرد، بالإشارة إلى أن قضايا الطاقة بالنسبة لأي بلد في العالم تعد من بين أهم القضايا وأكثرها حساسيةً وتعقيداً، كما أن الحصول على إمدادات موثوقة من الطاقة هو أمر ضروري لتحقيق الرفاهية، والقضاء على الفقر، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف أن مسائل استهلاك موارد الطاقة وآثارها البيئية المحتملة تشكل تحدياً للعالم حيال مسئوليته تجاه الأجيال المستقبلية، الأمر الذي يعني ضرورة أن تتلازم القرارات الخاصة بالطاقة مع تلك الخاصة بالتنمية الاقتصادية والبيئية.
وأشار الأستاذ عبد الله جمعة إلى أن التطورات التقنية ستظل تلعب دوراً رائداً في الجهود الدولية المبذولة للموازنة بين الحاجة الملحة لحماية البيئة والحصول على إمدادات موثوقة ومتزايدة من الطاقة، معرباً عن قناعته بقدرة العقول البشرية على ابتكار تقنيات مستقبلية تساعد في دعم الاحتياطيات الحالية الثابتة من الزيت الخام البالغة نحو 1.2 تريليون برميل بما لا يقل عن 1.5 تريليون برميل من الاحتياطيات غير التقليدية (الزيوت الثقيلة والقطرانية)، إلى جانب تريليوني برميل تقريباً من الاحتياطيات التي لم تكتشف بعد ومن زيادة معدلات الاستخلاص في الحقول الحالية.
وقد أكد الأستاذ عبدالله جمعة أن البترول سيظل صاحب الدور الأكبر في تلبية الاحتياجات العالمية من الطاقة لعقود طويلة قادمة فيما يتواصل تطوير مصادر الطاقة البديلة للتغلب على العقبات الفنية والتجارية التي تحول دون تبنيها وانتشارها، وأن تلك العملية لن تتم بين يوم وليلة كونها تتطلب سنوات كثيرة. كما شرح الأستاذ عبدالله جمعة في كلمته ما تقوم به المملكة وأرامكو السعودية من دور عالمي مميز في تنفيذ مشاريع عملاقة ورائدة لضمان توفير إمدادات موثوقة من الطاقة والإسهام في استقرار الأسواق. فإلى جانب برنامج الشركة الطموح لزيادة طاقتها الإنتاجية إلى مستوى قياسي يبلغ 12 مليون برميل في اليوم عام 2009، وتوسعة طاقتها التكريرية حول العالم إلى نحو 6 ملايين برميل في اليوم خلال السنوات الخمس القادمة، وضعت أرامكو السعودية خارطة طريق لتطوير تقنية إدارة الكربون بهدف خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. كما قامت بنشاطات متعددة من بينها تنظيم أول ندوة من نوعها في الشرق الأوسط حول إدارة الكربون بحضور علماء من جميع أنحاء العالم لمناقشة التقنيات الحديثة والمسائل الفنية المرتبطة بانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وزيادة الوعي الإقليمي بهذه القضية البيئية العالمية. كما تسهم أرامكو السعودية في الجهود المبذولة عالمياً لتطوير أنواع أنظف من وقود النقل، والحد من الانبعاثات الناجمة عن أعمالها وتحقيق هدفها الرامي إلى خفض استهلاك الطاقة اللازمة لإنتاج برميل الزيت بنسبة 50% خلال العقد القادم.واختتم الأستاذ عبد الله جمعه كلمته مؤكداً أن نمو تعداد السكان العالمي إلى ما بين 7.9 إلى 10.9 مليار نسمة خلال الخمسين سنة القادمة وصعود اقتصادات ضخمة كالهند والصين بالإضافة إلى حجم قاعدة الطلب الكبيرة في الدول الصناعية تستلزم الإسهام المشترك لمصادر الطاقة التقليدية والبديلة وأن العلاقة ستكون تكاملية بين تلك المصادر لتلبية الطلب المتوقع على الطاقة. كما نبه إلى ألا يؤدي فرط الاهتمام بمصادر الطاقة البديلة إلى تبني برامج غير عملية وسياسات غير متوازنة تكون لها آثار ضارة بالتنمية الاقتصادية، وألا يكون ذلك على حساب الاهتمام بالاستثمار في تطوير مصادر الطاقة التقليدية كالزيت والغاز وإحداث نقلات نوعية لجعلها أكثر توافقاً مع البيئة، وأن يتم النظر إلى هذه المسائل بنظرة تستند إلى فهم عميق للوضع التقني والتجاري السائد للمصادر التقليدية والمصادر البديلة.