انتظر الإماراتيون طويلاً من دون أن يفقدوا الأمل بإنجاز يخرجهم من النفق المظلم ويقودهم إلى بداية فجر جديد على الصعيد الكروي، فكان الموعد مطلع عام 2007 في دورة كأس الخليج الثامنة عشرة في أبو ظبي التي شكلت مناسبة مثالية ل(الأبيض) فلم يفوّت الفرصة ودون اسمه في سجل الفائزين باللقب.وللقب الخليجي طعمه الخاص لأن دورات كأس الخليج تميّزت بخصوصية تامة منذ انطلاقها عام 1970 ، ولكنها بقيت مستعصية على المنتخب الإماراتي طوال 35 عاماً، أي منذ الدورة الثانية عام 1972 ، إلى أن أعد الإماراتيون العدة جيداً لكسر القاعدة هذه المرة فتحقق مرادهم على أرضهم.وانضمت الإمارات إلى الدول التي احتكرت ألقاب كأس الخليج حتى الآن وهي الكويت (9 ألقاب، رقم قياسي) والعراق (3) والسعودية (3) وقطر (2).وكان (الأبيض) الإماراتي قريباً من اللقب الخليجي ثلاث مرات إلا أنه حل ثانياً فيها، في الدورة الثامنة في البحرين عام 1986 ، والتاسعة في السعودية عام 1988م، والثانية عشرة على أرضه عام 1994م.وبات المنتخب الإماراتي على المحك الآن بعد أن اجتاز حاجز فقدان الثقة، وعليه أن يثبت علو كعبه ليس إقليمياً فقط، بل قارياً، إذ تنتظره مشاركة مهمة في نهائيات كأس أمم آسيا الصيف المقبل، قبل أن يدخل غمار التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات مونديال جنوب إفريقيا 2010م.
ويحن الإماراتيون كثيراً إلى (الزمن الجميل) حين تأهل منتخبهم بقيادة لاعب القرن في الإمارات عدنان الطلياني إلى نهائيات كأس العالم في إيطاليا عام 1990، لأنهم يبحثون من حينها عن إنجاز من دون جدوى رغم أنهم كانوا قاب قوسين أو أدنى من ذلك على أرضهم بالتحديد عام 1996 لكنهم خسروا المباراة النهائية لكأس آسيا أمام السعودية.وإذا كان (الجيل الذهبي) للمنتخب الإماراتي حقَّق إنجاز التأهل إلى المونديال بقيادة الطلياني، فإن الأمل الآن معقود على لاعب يمتلك قدرات فنية عالية هو إسماعيل مطر الذي لعب دور المنقذ وقاد الإمارات إلى لقبها الخليجي الأول.وكان إسماعيل مطر حاسماً في (خليجي 18) ، ففي المباراة الثالثة من الدور الأول ضد الكويت التي انتهت إماراتية 3 -2، سجل الهدفين الأول في الدقيقة الأولى والثالث في الوقت بدل الضائع بطريقة رائعة ومنح منتخبه بطاقة التأهل إلى نصف النهائي.وفي دور الأربعة، وبينما كانت المباراة تتجه إلى وقت إضافي، وجَّه مطر رصاصة الرحمة مسجلاً هدفاً قاتلاً في مرمى السعودية في الوقت بدل الضائع أيضاً.وشاءت الله أيضا أن يكون إسماعيل مطر بطل التأهل بتسجيله هدف الفوز على عمان في المباراة النهائية حين تلقى كرة خلف المدافعين فسار بها وسددها بإتقان ارتطمت بالقائم الأيمن لمرمى حارس بولتون الإنكليزي علي الحبسي وتهادت في الشباك.
ومطر الإمارات، الذي اختير أفضل لاعب في بطولة العالم للشباب التي استضافتها بلاده عام 2003م، حصل على لقبي أفضل هداف وأفضل لاعب في البطولة الخليجية أيضاً.بداية عهد جديد وضاعف النجاح اللافت، الذي حققه إسماعيل مطر في البطولة الخليجية، معدل الثقة لديه فلم يتأخر في القول (إن اللقب الخليجي هو بداية عهد جديد لكرة الإمارات ويشكل دافعاً قوياً نحو مزيد من الانتصارات والإنجازات).
ومضى النجم الإماراتي قائلاً: (من حسن الحظ أن يأتي هذا الإنجاز قبل أشهر عدة من مشاركتنا في نهائيات كأس أمم آسيا).
وانسحبت فسحة الأمل من مطر إلى زملائه الذين أبدوا تفاؤلاً كبيراً بمستقبل الكرة الإماراتية، فاعتبر النجم سالم خميس (أن الجيل الحالي لكرة الإمارات قادر على تحقيق المزيد من الإنجازات خصوصاً أنه اكتسب الخبرة الكافية في هذه البطولة).
وأضاف (أن كل ما كنا نحتاج إليه هو الثقة وقد تحققت في هذه الدورة، فعهد البطولات قد بدأ ولن يتوقف)، وقال الحارس معتز عبد الله (نحن نفخر بالمنتخب والمستوى الذي ظهر به في البطولة التي هي بداية الطريق لأن لدينا المزيد لنقدمه في البطولات المقبلة خليجياً وقارياً).واعتبر رئيس الاتحاد الإماراتي يوسف السركال بدوره أن (الإنجاز الأول الذي تحقق سيكون بداية خير لإنجازات جديدة لكرة القدم الإماراتية خاصة والرياضة الإماراتية عامة). ولم يخرج كلام مدير البطولة محمد الرميثي عن المضمون ذاتها بقوله: (كنا على الموعد بالفوز باللقب الذي طال انتظاره)، معرباً عن أمله (في أن يكون اللقب فاتحة خير على الكرة الإماراتية).وألمح المدرب الفرنسي برونو ميتسو، الذي قاد المنتخب الإماراتي إلى اللقب الأول في تاريخه، إلى أن ما حصل في البطولة الخليجية يمكن أن ينعكس إيجاباً على الكرة الإماراتية لكنها تحتاج إلى خطة طويلة المدى خصوصاً على صعيد الدوري المحلي من خلال الاهتمام باللاعبين واستقدام مدربين من طراز عال.