Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/02/2007 G Issue 12544
محليــات
الخميس 13 محرم 1428   العدد  12544
لما هو آت
دمعتها!!
د. خيرية إبراهيم السقاف

دلفت خارجة للتو من بوابة فرع أحد البنوك النسائية وقلبي يكاد أن يتفطّر، من أجل ما كنت من أجله هناك.

فإذا بامرأة تلف جزعها الأعلى إلى الأسفل تتضوّر من ألم أو جوع أو كبر، أشارت لي وفي يدها فاتورة للماء قالت لي: بنيتي ساعديني، لم تكن تعرف كيف تستخدم جهاز الصرف وثمة أمر آخر فليس لديها حساب في أي بنك تقول: مررت بأكثر من فرع الجميع يقولون لي الماء والكهرباء لا بد أن تسددي فواتيرهما عن طريق الصراف...

بنيتي بصوتها المتهدِّج الراجف تشق صدري: ثلاث مرات تستقل عربة أجرة لتراجع البنك وثمن كل ذهاب وإياب يفوق قيمة الفاتورة ذات العشرة ريالات والكهرباء ذات المائة وواحد من الريالات!!...

لم تكن تدري بأن السائلة ليست بأحسن حالاً منها في أمر سداد فاتورة الماء تحديداً في ذلك اليوم غير أن حالي أفضل من حالها لأنني للمرة الأولى أتكبد عناء السداد...

أما هي...؟؟

ثمة ما قالته وهي تركب معي لأوصلها لبيتها: لم أعد بنيتي أحمل هم الماء ولا الكهرباء لأنني أتحكّم في استخدامهما، الصعوبة أن الطعام غدا غالياً فصندوق الطماطم الجيد تخطّت قيمته الثلاثين وكل شيء غلا ثمنه و... و... وصك الواقع أذني ساحقاً بي لدوامة...

كنت أطالع وجهها من خلف خماره المترهل، ويديها المعقوفة الأصابع، وعصاميتها تشمخ في جلستها مع انحناءة ظهرها....

تذكّرت أولئك الشابات والشباب الذين يكابدون رهق العيش وقسوة الاحتياج....

وبمقارنة بين إيقاع الحياة وتزايد معطياتها ومتاحاتها مع تقلّص قدرات الناس على تحقيق أدنى ما يحميهم من حيرة الحاجة....

ثمة ما يتعلّق بالإمكانات المادية في حجم الدخل وبين القيمة السوقية لمتطلبات العيش من جهة وبين متاحات الإمكانات في آلية الخدمات وقيودها التي ليست مهيأ لها جميع الناس...

تبقى (دمعتها) و(دموعهن) ورجفة الحياء في (أصواتهم) ومكابرتهم عند عرض (حاجتهم) محور هم كبير يؤرّق بهجتي بما تلمع إليه الصورة الخارجية لوجه الواقع.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة «5852» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد