Al Jazirah NewsPaper Sunday  28/01/2007 G Issue 12540
الاقتصادية
الأحد 9 محرم 1428   العدد  12540
تبخر الأحلام بين (بيشة) و(أنعام)
فضل بن سعد البوعينين

أعان الله ملاك أسهم شركتي (بيشة) و(أنعام)، فقد اقتنوها ممنين أنفسهم بالثراء فاصطدموا بقراري التعليق وتبخر الأحلام. لا أظن أنني أفشي سراً إذا ما قلت أن سهم (أنعام) كان الأكثر شعبية بين أسهم السوق، أما سهم (بيشة) فكان الأقرب إلى كل من يحلم بتحقيق الثراء السريع من خلال المضاربة، أو من خلال ما يطلق عليه في سوق الأسهم مصطلح (التدبيلة).

تعليق سهمي بيشة، وأنعام يفتح الباب على مصراعية أمام حقيقة القوائم المالية المدققة ومسؤولية المجالس الإدارية في إعدادها وفق توجهات خاصة مخالفة للسياسات المحاسبية والقانونية، كما أنها تضع أكثر من علامة استفهام حيال دور وزارة التجارة في الإشراف المباشر على وضعية الشركات، وفاعليتها في تنقية الشركات المساهمة من أية مخالفات جوهرية يمكن لها أن تسهم في ضياع استثمارات المساهمين.

يبدو أن وزارة التجارة لم تنجح في القيام بدورها الفاعل للحد من مخالفات بعض مجالس الشركات الإدارية منها والمالية مما أدى إلى زيادة نسبة التجاوزات وانتقال عدواها إلى الشركات المساهمة الأخرى.

تقصير وزارة التجارة في الحد من تجاوزات المجالس الإدارية يفترض ألا يعفي المساهمين من مسؤولية تقصيرهم في ممارسة حقوقهم الرقابية من خلال الجمعيات العمومية.

هيئة السوق المالية، على رغم تجاهلها لما حدث من مضاربات مشبوهة على السهمين خلال العامين الماضيين، وعمليات التدليس التي أدت إلى رفع أسعارهما السوقية إلى مستويات قياسية لا يمكن القبول بها، تصرفت أخيراً وفق صلاحياتها المتاحة في سوق التداول، وأصدرت قراري التعليق بناء على البيانات المالية المدققة حماية للسوق والمتداولين. وهنا يخلط البعض بين صلاحيات هيئة السوق المالية، وصلاحيات وزارة التجارة فيما يتعلق بوضعية الشركة وحقوق المساهمين التي يفترض أن تكون واضحة للجميع.

لذلك حرص معالي رئيس هيئة السوق المالية توضيح الهدف من تعليق تداول الشركتين وتحديده في قوله إن (الهيئة لديها مسؤولية فيما يتعلق بحماية السوق والمتداولين وبالتالي تتخذ الإجراءات التي من شأنها تحقيق ذلك الهدف).

الهيئة نفت صحة الأنباء التي تحدثت عن إمكانية إعادة سهم (بيشة) للتداول وشددت في تصريحات صحفية على أنه (لا يمكن البدء في تداول أسهم الشركة بحكم أن أسباب التعليق لم تنتف حتى الآن)، وهنا ربط واضح بين وجوب انتفاء سبب التعليق، الذي يتمثل في نسبة الخسارة المتراكمة من رأس المال، والعودة إلى التداول وهو شرط يفترض أن يطبق على جميع الشركات الراغبة في بحث إمكانية إعادة أسهمها لسوق التداول، مع الأخذ في الاعتبار التعديل المقترح لنظام الشركات الجديد الذي يمكن أن يطال مستقبلاً، الشركات التي تتعرض إلى خسائر مالية تصل إلى نصف رأس المال.

أخرج من جزئية تعليق الأسهم، إلى موضوع دور الهيئة في استقرار السوق الذي تحدث عنه معالي الرئيس، من خلال تصريحاته الصحفية الأخيرة، والتي جاء فيها: (خلال العام الماضي عملت الهيئة المالية بشكل متواصل على استقرار السوق ووضع المزيد من الأنظمة موضوع التطبيق). والحقيقة التي لا يمكن حجبها أن الهيئة عملت بشكل متواصل على وضع المزيد من الأنظمة المتقدمة التي ستساعد (مستقبلاً) في حفظ استقرار السوق، كما أن معالي الرئيس سعى منذ تكليفه برئاسة الهيئة إلى دعم استقرار السوق ضمن الآليات المتاحة، إلا أن هذا لا يمنع من القول إن سوق الأسهم السعودية بلغت ذروة انهيارها قبيل نهاية العام الماضي، كما أنها شهدت تقلبات خطيرة أثرت كثيراً في عمليات التداول ونفسيات المستثمرين وأسهمت في نزع ثقتهم من السوق، وهي ما زالت حتى اليوم تعاني الكثير من عدم الوضوح والتخبط.

أختم بأمنية أوجهها إلى القلة من الإخوة المحامين الذين تسابقوا للتشكيك في قرارات هيئة السوق المالية الأخيرة، التي يُعَول عليها أن تدعم الجهود الرامية إلى حماية المتداولين، وإعادة تأهيل السوق وشركاته المساهمة، بأن يسارعوا إلى انقاذ المساهمين المتضررين من تجاوزات بعض مجالس الإدارات التي أسهمت في تحميل شركاتها الخسائر المتراكمة، وملاحقة بعض المديرين التنفيذيين الذين أُتهموا من قبل مساهميهم ب(الاحتيال)، وتتبع قضايا الفساد المالي والإداري التي طالت بعض الشركات المتعثرة بدلاً من إثارة الشائعات (القانونية) التي ربما أوجدت العذر والتبرير للمخالفين، أو ربما ساعدت في تشجيع المستثمرين للدخول في بعض الشركات الأخرى المهددة بالإيقاف ما لم تنجح إداراتها في تعديل أوضاعها المالية والإدارية.

أسأل الله أن يهيء لأعضاء مجلسي إدارة بيشة وأنعام سبل التأهيل وتجاوز أسباب التعليق ومن ثم العودة إلى سوق التداول عاجلاً غير آجل.

f.albuainain@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد