من الواضح أن شتاء لبنان لا يقل سخونة عن صيفه، فلبنان الذي جره حزب الله إلى تكبد حرب مع إسرائيل في يوليو الماضي يقع اليوم فريسة لأحداث تراجيدية متصاعدة منذ الأول من ديسمبر وبسبب حزب الله أيضاً وحلفائه.
وقد بدت مشاهد الاشتباكات في شوارع لبنان وكأنها مقدمة لانفلات أمني لن يكون من السهل ضبطه، وبخاصة أن الجيش اللبناني قد استنفد طاقاته لحماية مقر الحكومة، هـذه الأحداث تخيم سلباً على أجواء مؤتمر باريس3 الذي يعقد اليوم لمساعدة لبنان اقتصادياً.
فلبنان الذي يعاني اقتصادياً وبيئياً بسبب النكبات التي حلت به يسعى اليوم إلى إقناع الدول المانحة ببرنامجه الإصلاحي لجذب مساعدات بمليارات الدولارات لإنقاذه.
فلبنان كان يأمل العام الماضي في أن يحقق نمواً اقتصادياً قدره ستة في المائة، إلا أنه وبسبب الاعتداءات الإسرائيلية هبط إلى ناقص خمسة في المائة.
تلك الاعتداءات كبدت لبنان أيضاً خسائر تقدر بعشرة مليارات دولار، وخراب في البنى التحتية، فضلاً عن خسائر في الأرواح طالت قرابة 1200 شخص، هذا عدا عن المخاطر التي ما زالت كامنة بسبب القنابل التي لم تنفجر والألغام المزروعة والتلوث البيئي بسبب المصانع التي دمرت في الحرب وخلفت مواد سامة.
وبدلاً من إصلاح ما أفسدته الحرب يدخل لبنان في نفق جديد وتوجه نحو اقتتال داخلي وبخاصة أن المعارضة اللبنانية تصر على إسقاط حكومة فؤاد السنيورة وإفشال برنامجه الإصلاحي بالاحتكام إلى الشارع، والنتيجة هي تعطل الحياة في لبنان وشل مرافق وغلق شوارع مما تسبب في مقتل وإصابة عدد كبير من المواطنين.
والمشكلة في الوضع اللبناني أنه لا يبدو أن ثمة حلاً يلوح في الأفق في هذه الأجواء المشحونة، على الرغم من محاولات الوساطة العربية.
فالحكومة متماسكة ولن تستسلم ومصرة على الاستمرار في برامجها، والمعارضة لن تتراجع عن خططها لإسقاطها وفقاً لتصريحات قادتها، وبات الوضع أشبه بوضع اللا غالب واللا مغلوب، ولن يكون هناك حل إلا بإبداء المرونة من قبل الفرقاء، ومحاولة الوصول إلى حل وسط بالرجوع إلى المبادرة العربية التي قامت بها الجامعة العربية، تلك المبادرة التي توقفت بسبب ما يمكن تسميته بالتصلب السياسي والتنافر الحزبي.
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244